حقوقيون: تعديلات قانون السجون المصري قننت القتل والتعذيب

28 أكتوبر 2015
الإهمال في سجون مصر (فيسبوك)
+ الخط -


وصفت منظمات حقوقية مصرية، التعديلات التي أقرّها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في قانون تنظيم السجون، أنها لقمع المحتجزين والمعتقلين، وإضافة سبل جديدة لتنويع أعمال العنف وحفلات التعذيب التي تنتهجها السلطات الأمنية في مصر في حق المحتجزين المتواجدين في حوزتهم، والتي قد تصل لإطلاق الرصاص الحي صوب المحتجزين.

واعتبر حقوقيون أن التعديلات "شرعنة واضحة لحالات التصفية خارج إطار القانون، وللتذرع بها حين يتم قتل أي محتجز بمخالفة القانون، وتطاول تلك التعديلات القمعية كذلك أهالي وأسر المحتجزين لأول مرة".

وحمل قرار جديد بقانون تعديلات على قانون السجون رقم 396 لسنة 1965؛ وشمل القانون المعدل مادتين نصّت الأولى على  تعديل 14 مادة من مواد قانون السجون، وفي الثانية أضيفت 4 مواد جديدة على القانون.

وأكدت منظمة "هيومان رايتس مونيتور" أن تلك التعديلات ما هي إلا استمرار لجملة المخالفات التي ترتكبها يومياً السلطات المصرية في حق القوانين الدولية والمحلية، والإعلانات العالمية لحقوق الإنسان، فإنها بذلك قد أضافت تقنينات لجرائمها التي تتمثل في القتل خارج إطار القانون، والقمع، والقضاء على حرية الرأي والتعبير. كما قننت تعذيب المحتجزين والمعتقلين داخل مقار الاحتجاز، وهددت تلك التعديلات القمعية سلامة وأمن أسر المعتقلين أثناء فترة الزيارة، وذلك إن قاموا بأي اعتراض على ما يحدث في حق ذويهم المحتجزين.

وبحس المنظمة، فإن التعديلات تخالف المواثيق الدولية والمعاهدات الموقعة عليها الدولة المصرية، وخصوصاً الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية مناهضة التعذيب ووثيقة القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

إلى ذلك، أشارت "مونيتور" إلى أن تلك التعديلات تمت دون وضع اعتبارات لمنظمات المجتمع المدني، أو الجهات الحقوقية التي فوجئت بسنّ قوانين جديدة، منفردة بذلك رئاسة الجمهورية المتمثلة في عبدالفتاح السيسي، حيث إن المجلس القومي لحقوق الإنسان لا يعبر عن منظمات المجتمع المدني بأي حال من الأحوال.

ولم تضِف التعديلات مواد توضح معاملة السجناء طبياً وصحياً، واكتفت التعديلات بمقار الاحتجاز "السجون" فقط، غير موضحة مقار الاحتجاز الأخرى كـ"أقسام الشرطة، معسكرات فرق الأمن المركزي، معسكرات الجيش".


وأوضحت المنظمة أن التعديلات جاءت على المادة الأولى شكلية بعد إضافة عبارات تأهيل المحكوم عليهم اجتماعياً وثقافياً، غير موضحين على أي أساس سيتم التأهيل الاجتماعي، حيث لا دور للمشرفين الاجتماعيين في القانون وكذلك المشرفين الثقافيين.

اقرأ أيضاً:تعديلات قانون سجون مصر تفاقم أوجاع نزلائها وأهاليهم

كما جاءت التعديلات على المادة 14 والتي منحت المحتجز الاحتياطي من يوم ولمدة شهر، الحق أن يطلب وضعه في غرفة احتجاز "زنزانة" كاملة المرافق، بأجر يبدأ من جنيه ونصف وحتى 15 جنيهاً، الأمر الذي يجعل المحتجزين احتياطياً المقتدرين فقط هم من يستخدمون تلك الزنازين، ما يزيد التمايز بين المحتجزين على أساس اجتماعي، حيث إن غير القادرين "الفقراء" لن يستطيعوا الاستفادة من ذلك التعديل.

كما بيّنت أن ذلك يخالف نص المادتين العاشرة والحادية عشرة من وثيقة القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، والتي تؤكد أنه "توفر لجميع الغرف المعدة لاستخدام المسجونين، ولا سيما حجرات النوم ليلاً، جميع المتطلبات الصحية، مع الحرص على مراعاة الظروف المناخية، وخصوصاً من حيث حجم الهواء والمساحة الدنيا المخصصة لكل سجين والإضاءة والتدفئة والتهوية".

وبالنسبة للتعديلات الخاصة بوضع الزيارة والمراسلات المقروءة والتليفونية، فقد تم تعديل المادة 38 والتي جاء فيها جواز إجراء المحتجز للمكالمات التليفونية، مع إطلاق يد وزارة الداخلية وإعطائها الحق كاملاً في منع الزيارة مطلقاً، الأمر الذي يكفله الجزء الخاص بـ"الاتصال بالعالم الخارجي"، بوثيقة القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، بموادها السابعة والثلاثين والثامنة والثلاثين والتاسعة والثلاثين، والتي تنص على أنه يسمح للسجين في ظل الرقابة الضرورية، بالاتصال بأسرته وبذوي السمعة الحسنة من أصدقائه، على فترات منتظمة، بالمراسلة وبتلقي الزيارات على السواء.

وجاءت التعديلات على المادة 34 من القانون والتي تختص بمعاقبة السجناء الذين يرتكبون أخطاء، تخالف لوائح تنظيم السجون، وبدلاً من تقليل العقوبات التي تتخذها قوات الأمن تجاه المحتجزين لديهم، والمعروفة بـ"التأديب".

التعديلات القمعية الجديدة غلظت تلك العقوبات، حيث قننت التعديلات الحبس الانفرادي لمدة 30 يوماً، بدلاً من إلغائها واعتبارها جريمة، وكانت في السابق مدة الحبس الانفرادي 15 يوماً فقط، ولم تحدد التعديلات الحد الأقصى للفترة الزمنية لعدد المرات التي يحتجز فيها المسجون داخل الحبس الانفرادي، في مخالفة واضحة لمواد القانون الدولي الذي يرى في الحبس الانفرادي جريمة لا بد أن يحاسب القائم عليها، والذي من شأنه إدخال المحتجز في سلسلة أمراض نفسية وبدنية وعقلية.

كما تم تدشين غرفة داخل السجون سُميت "غرفة خاصة شديدة الحراسة" وهي لوضع المحتجز أو المعتقل داخلها لمدة 30 يوماً دون إبداء أسباب، ويترك الأمر للائحة وزارة الداخلية، ما يعد ورقة للضغط وتهديد المعتقلين والمحتجزين، وتقنينها كغرفة للتعذيب، ما يخالف نص المادتين 31، 32 الواردتين في وثيقة القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء.

اقرأ أيضا:الإهمال الطبي يقتل معتقلاً مصرياً بسجن برج العرب

كما أكدت "مونيتور" أن العقوبة الجسدية والعقوبة بالوضع في زنزانة مظلمة، وأي عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة، محظورة كليّاً كعقوبات تأديبية، كما لا يجوز في أي حين أن يعاقب السجين بالحبس المنفرد أو بتخفيض الطعام الذي يعطى له إلا بعد أن يكون الطبيب قد فحصه وشهد خطيّاً أنه قادر على تحمل مثل هذه العقوبة.


أما التعديل الذي جاء على المادة 73 والتي عظّمت من دور وزارة الداخلية، وهمّشت دور المجلس القومي لحقوق الإنسان، فقد جعل السيسي المجلس ممنوعاً من زيارة السجون بالإخطار، على أن يتبع الإجراءات المتبعة لأي زائر للسجون، على أن يتم التصريح له بالزيارة من قِبل النيابة العامة، غير مكترثين لأهمية الدور الحقيقي للمجلس القومي لحقوق الإنسان.


وأضافت المنظمة، أنه ورد التعديل على نص المادة 92 لأول مرة وبشكل قمعي تهديد أمن وسلامة أهالي وأقارب المحتجزين، حيث نصت التعديلات على الحبس لمدة لا تقل عن شهر وغرامة لا تقل عن ألف جنيه، ولا تزيد عن خمسة آلاف جنيه إذا تم توجيه تهم إدخال رسائل مخالفة للنظام المقرر، وإعطاء المحتجز شيئاً ممنوعاً، وبعض التهم التي من شأنها أن تهدد أقارب وأهالي المحتجزين، إن طالبوا بحقهم في الزيارة أو إن اعترضوا على سوء معاملتهم.

وقننت التعديلات التي أضافت المادة 8 مكرر استخدام إدارة السجن "قوات الأمن"، القوة المفرطة تجاه المحتجزين، دون تحديد ماهية أو نوعية تلك القوة، ما يجعل للقوات الأمنية الأحقية في استخدام الرصاص الحي تجاه المحتجزين، تحت مظلة مخالفة أوامر مستندة إلى القانون أو لوائح السجن، الأمر الذي يلوح بأوامر قد تهدد حياة وسلامة المحتجزين لدى الأمن.




اقرأ أيضاً:مصر: إعادة إخفاء مواطن قسريّاً بعد إخلاء سبيله

دلالات