يتدهور الوضع الإنساني لعشرات آلاف النازحين المحاصرين في مخيم الركبان، في عمق البادية السورية على الحدود الأردنية، من جراء الحصار والتجويع الذي تمارسه قوات النظام عليهم بدعم من القوات الروسية، بهدف إجبارهم على الخروج من المخيم إلى مناطق سيطرة النظام، في حين غادر العشرات خلال اليومين الفائتين.
وقال الناشط الإعلامي في مخيم الركبان، عماد غالي، لـ"العربي الجديد": "خرجت نحو 20 عائلة من المخيم أمس الأول السبت، عن طريق ضابط في الفرقة الثالثة التابعة لقوات النظام، وهو يتقاضى على كل فرد 100 ألف ليرة سورية كرشوة ليرفع أسماءهم لنيل الموافقة على دخول مناطق سيطرة النظام بعد توقيعهم على التسوية، وتم احتجازهم في مركز إيواء بمنطقة الأوراس بحمص، ومطالبتهم بتأمين كفلاء لهم من الأهالي إن أردوا الخروج من مركز الإيواء".
وبين أن "العائلات خرجت من المخيم بسياراتها الخاصة، ولم تؤمن لهم أي وسائل نقل، ويقدر عددهم بنحو 100 شخص، وغالبيتهم من كبار السن والنساء والأطفال. أحد أصدقائي أخرج والده ووالدته وأخته خوفا من أن تستحوذ المليشيات الإيرانية على منزلهم وأرضهم، ومنذ خروجهم قبل أكثر من 48 ساعة لم يستطع التواصل معهم للاطمئنان عليهم".
وقال الناشط في المخيم عمر الحمصي، لـ"العربي الجديد": "أعتقد أن عدد من خرج من المخيم خلال اليومين الماضيين نحو 200 شخص بسبب ما يعانيه المخيم من جوع وفقر ونقص المواد الطبية وحليب الأطفال وغيرها من المواد الأساسية للحياة. في حال استمر تدهور الوضع الإنساني في المخيم بهذا الشكل فغالبية سكانه سيكونون مجبرين على مغادرته، في حين سيفضل قليل منهم الموت في المخيم على الخروج إلى مناطق النظام".
وأوضح أنه "يعاني الأهالي منذ أكثر من شهر من ارتفاع الأسعار بشكل لا يطاق، في حين تنعدم مواد مثل حليب الأطفال والأدوية، حتى أن أحد الأصدقاء سألني أمس إن كان يستطيع إطعام طفله الذي لم يتجاوز عمره ثلاثة أشهر الخبز والشاي بسبب عدم توفر الحليب".
وتابع: "النقطة الطبية غير قادرة على استقبال جميع الحالات، وأصبحت تستقبل الحالات المهددة بفقدان الحياة فقط، وكثير من الأطفال مصابون بالجفاف أو سوء التغذية ويحتاجون إلى قضاء أسبوع أو أكثر في المشفى. الفصائل المسلحة المتواجدة في المخيم لا تأخذ أية مبالغ مالية للسماح بخروج المدنيين، والمبالغ تدفع لضباط النظام، إضافة إلى الانتظار لعدة أسابيع أو بضعة أشهر قبل أن تأتي الموافقة".
وحمل الحمصي النظام مسؤولية تدهور الأوضاع الإنسانية في المخيم بسبب "رفعه الإتاوات التي يفرضها على التجار الذين يأتون بالمواد الأساسية. كل مجموعة أو عشيرة تختار شخصا له أقارب في مناطق النظام أو في الجيش ليقوم بالتنسيق لنيل الموافقة على الخروج إلى مناطق النظام، وغالبا ما يخاطر الشباب بالخروج عبر شبكات التهريب إلى مناطق شرق الفرات مقابل 150 ألف ليرة على الأقل لكل شاب، وهو طريق طويل وخطر، ووسيلة النقل هي الدراجات النارية".
وأضاف: "أكثر من 40 ألف مدني محاصرون في المخيم، وتدخله يوميا شاحنة أو اثنتين من المواد الغذائية عبر طرق التهريب وتجار الحرب، ما يجعل الأسعار ترتفع. نوجه يوميا رسائل ومناشدات للمجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية، لكن لا أحد يستجيب، وهناك رسالة نريد توجيهها إلى الدول العربية النائمة لإنقاذنا من هذا الوضع السيئ".
وكان رئيس المركز الروسي للمصالحات في سورية، الجنرال فيكتور كوبتشيشين، قال في تصريح صحافي، إن "أكثر من 360 نازحا خرجوا من مخيم الركبان إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية عبر معبر جليغم"، مضيفا أن النازحين تلقوا ما احتاجوا إليه من المساعدات وتم تأمينهم بالأغذية والمساكن.