لماذا تبتعد الفتيات عن دراسة العلوم والرياضيات؟

08 يونيو 2015
التشجيع والتقييم يدفعان الفتيات إلى دراسة الرياضيات (GETTY)
+ الخط -



هل صحيح أن الفتيان يتفوقون على الفتيات في الرياضيات والعلوم؟ أم أنها مجرد صورة نمطية يتم تداولها وتكريسها تبقي الفتيات بعيدات عن دراسة التخصصات العلمية؟

وهل حقاً أن القدرات الذهنية تتفاوت بين الجنسين كما يُشاع؟ أم أن أسباب تفوق الذكور على الإناث في هذه المجالات لها تفسيرات أخرى؟

من المجدي طبعاً طرح هذه التساؤلات، لأن على الرغم من تزايد عدد الإناث اللواتي يتابعن الدراسة في العلوم والهندسة عبر السنوات، إلا أن الذكور يتفوقون عدداً في هذه المجالات، أكاديمياً وعملياً.

ماذا يقول الخبراء؟

يوضح الخبراء أن استعداد الإناث والذكور يتساوى في مراحل الدراسة ما قبل الجامعية لمتابعة المواد العلمية، ولكن عند الوصول إلى الجامعة تنسحب الفتيات بعد السنة الأولى عموماً، ويتراجعن عن متابعة التخصص بالرياضيات والهندسة والتكنولوجيا والعلوم. ويصبح الفارق شاسعاً مع نيل البكالوريوس، بحيث تنهي 20 في المائة فقط من النساء اختصاصهن العلمي.

وأظهر تقرير أعدته الجمعية الأميركية للنساء الجامعيات في عام 2010، بالاستناد إلى 8 بحوث، أنه منذ 30 سنة مضت، كان هناك 13 فتى مقابل كل فتاة سجلوا أكثر من 700 نقطة في امتحان SAT، وهو اختبار المهارات الأكاديمية للمرحلة الثانوية في الولايات المتحدة الأميركية. ولكن تقلص هذا الفارق في عام 2010 ليصبح ثلاث فتيات مقابل كل فتى. واعتبر أنّ هذه الزيادة في عدد الفتيات "الموهوبات في الرياضيات" تشير إلى أن التعليم باستطاعته أن يخلق فارقاً وتأثيراً في اختيار الفتيات لاختصاصاتهن.

أفكار اجتماعية ونمط تعليم

تساهم العوامل الاجتماعية والبيئية في تقليص عدد الفتيات والنساء الملتحقات بالعلوم والهندسة، فالتقرير بيّن أن الفتيات اللواتي يحققن درجات عالية جداً في اختبارات الرياضيات، لإمكانات فطرية لديهن، يبتعدن عن المجالات العلمية في التخصص الجامعي.


وتبيّن أن تشجيع المدرسين والإداريين وتأكيدهم على تساوي القدرات بين الجنسين في مواد العلوم يدفع إلى تقليص الفروقات ومحوها تباعاً. ويعتقد الباحثون أن بيئة التعليم مسؤولة عن تغيير وتحسين اختبارات الفتيات في الرياضيات. كذلك توصل التقرير إلى أن الفتيات اللواتي يتلقين الدعم والتشجيع من أسرهن والمدرسين عن تأثير اختبارات الرياضيات والعلوم على ذكائهن، يكن أكثر إقبالاً على العلوم، وتتطور لديهن القناعة بمتابعة دراسة الرياضيات في المستقبل.

ويعمد المدرسون إجمالاً إلى تقييم قدرات الفتيان في الرياضيات أكثر من الفتيات، حتى لو أدّوا النتائج ذاتها. في الوقت ذاته، تحمل الفتيات تقديراً لأنفسهن أعلى من الفتيان في الرياضيات، ويؤمنّ بأنهن قادرات على تحقيق نجاح استثنائي في مجالات "الذكور". ولكن هذا التقييم الشخصي ينخفض ويتدنى طموحهن بالنسبة لتحصيل الوظائف والأعمال في مجال العلوم والهندسة والرياضيات.

ويؤكد فيكتور لافي، خبير اقتصادي لدى جامعة وارويك الإنجليزية، أن أكثر النتائج أهمية وإثارة للدهشة في دراسة أجراها على 700 طالب (ذكور وإناث) لقياس مستوى القلق من الرياضيات "أن المعلم المتحيز يؤثر على خيارات الوظائف التي يخرج بها الطلاب، سواء من حيث دراسة الرياضيات والعلوم من عدمه خلال الأعوام التالية".

المهارات المكانية... التفوق فيها للذكور

أثبتت الدراسات أن الفتيان والرجال يتفوقون في المهارات المكانية على الفتيات والنساء. وتعتبر المهارات المكانية مهمة لنجاح الأفراد في المجالات الهندسية والعلمية الأخرى.

مع العلم أن الخبراء يؤكدون أن تحسين تلك المهارات وبشكل كبير يتم من خلال دورات تدريبية بسيطة.

وتتمثل مهارة التصور البصري المكاني في القدرة على استقبال الصور والتفكير فيها والتعرف على الشكل والفراغ، وما يتضمنه من ألوان وخطوط ورسوم، ونقل الأفكار البصرية والمكانية من الذاكرة واستخدامها لبناء المعاني.

إذاً الفرق أنّ الفتيان يكبرون في بيئة تشجعهم وتعزز لديهم مهاراتهم في الرياضيات والعلوم والتدريب على المهارات المكانية، وتدفعهم إلى التفكير مستقبلاً ضمن هذه الخيارات.

في المقابل، فإنّ الأسرة ونظام التعليم والمحيط المجتمعي يشجع الفتيات عموماً على خوض المجالات البعيدة عن منافسة الذكور، تكريساً للأفكار التي تجتر المقولة بأن الفتيان أذكى من الفتيات، وأنّ الاختصاصات العلمية ليست للفتيات، وأن الدراسة الأفضل تؤمن لها الوظيفة المريحة في المستقبل.


اقرأ أيضاً: أذكى أطفال الرياضيّات في العالم.. فلسطينيّة

المساهمون