سجون العراق محرّمة على الحقوقيين

02 ابريل 2019
انتهاكات منذ بدايات التوقيف (توم لاسيتير/Getty)
+ الخط -
يحاول برلمانيون عراقيون، وممثلو منظمات حقوقية، زيارة السجون لكشف الانتهاكات فيها، لكنّ إدارات السجون تمنعهم من ذلك، فيما تتهرب وزارة العدل

لا إحصاء دقيقاً لعدد السجناء الذين يتعرضون للانتهاكات والتعنيف في سجون العراق، لكنّ ما يكشف عنه العديد من الجمعيات الإنسانية، والمنظمات الحقوقية، والمسؤولين في الحكومة والبرلمان، يؤكد استمرار هذه الانتهاكات، بل زيادتها، مع اتهام وزارة العدل العراقية بالتورّط في العنف، من جرّاء عدم متابعتها أوضاع السجون من الداخل. وقد عاد الملف إلى الظهور مع إعلان مفوضية حقوق الإنسان (هيئة رسمية) عن منع الوزارة فرقها من الدخول إلى السجون ومعرفة ما يحدث من انتهاكات وأسبابها.




فاضل الغراوي، وهو عضو في المفوضية، اتهم وزارة العدل بـ"إخفاء الانتهاكات التي تحصل في السجون ومراكز الاحتجاز". وفي بيانٍ صدر قبل أيام، أشار الغراوي إلى أنّ "المفوضية تلقت العديد من الشكاوى والمناشدات الإنسانية من ذوي النزلاء حول انتهاكات لحقوق الإنسان بحقهم في سجن التاجي المركزي (بغداد) كانت أبرز دوافع زيارة فريق الرصد إليه".

هذه الانتهاكات، ترفضها وزارة العدل، بل وصل الأمر إلى رفض الحديث عنها، باعتبارها أداة لإفشال أعمالها، كما حصل مع "العربي الجديد"، إذ أغلق أكثر من مسؤول في الوزارة، خط الاتصال، مع سماع السؤال عن أوضاع السجناء. لكن، لا تخفى على العراقيين التجاوزات وأشكال التعنيف الذي يطاول السجناء، مع العلم أنّ أعداداً كبيرة منهم، لم يُبتّ بقضاياهم، بل تشير مصادر قانونية، بحديثها لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "سجون العراق تضمّ آلاف السجناء الذين لم يُعرضوا على القضاء، ولا يعرفون ما جُرمهم، وفي الأغلب سُجنوا بسبب الاشتباه بأسمائهم، أو لأسباب طائفية".

مسؤولون يؤكدون لـ"العربي الجديد" أنّ وزارة العدل العراقية، تمنع حالياً دخول أيّ فريق لرصد أو مراقبة الأوضاع الإنسانية للنزلاء، وهو ما يخالف معايير حقوق الإنسان ويُنافي قانون المفوضية العراقية المتخصصة، الصادر في عام 2008، الذي يخوّل فرق الرصد بزيارة السجون ومراكز الاحتجاز من دون إذن مسبق".



في السياق، تقول عضوة لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، هيفاء الأمين، في اتصال مع "العربي الجديد" إنّ "وزارة العدل اتخذت قراراً يقضي بضرورة أخذ موافقة مسبقة منها، من أجل زيارة السجون، ونحن نرفض هذا القرار جملة وتفصيلاً، إذ لا يجوز منع الجهات الرقابية من الدخول إلى السجون ومتابعة ما يحدث داخلها، وقد منعتني السلطات الأمنية والإدارية في سجن الإصلاح في الناصرية خلال زيارتي له قبل فترة، واتصلت بوزارة العدل وأبلغتهم أنّ قراراتهم لا تُطبق على الجهات الرقابية"، مشيرة إلى أنّ "وزارة العدل تريد من خلال هذه القرارات إخفاء ما يحدث في السجون من انتهاكات، بالإضافة إلى منع تسرّب الإخفاقات الإدارية إلى العلن، من خلال قرارٍ يتذرع بالموافقات لدخول السجون وغير ذلك من أمور غير مهمة".

وكانت إدارة سجن "العدالة" شمالي بغداد قد منعت الشهر الماضي، عدداً من نواب البرلمان العراقي أبرزهم، سعد مايع وعباس عليوي وإنعام الخزعلي وجواد حمدان، من الدخول إليه والاطلاع على أوضاعه. أعقب ذلك منع سجن الناصرية، جنوبي العراق، نواباً عن الحزب الشيوعي العراقي وتحالف الإصلاح، من الدخول بحجة عدم إخطار إدارة السجن قبل مدة من الزيارة.

النائب عن ائتلاف الوطنية، لطيف الورشان، يؤكد لـ"العربي الجديد" هو الآخر، أنّ "سجون البلاد مليئة بالمعتقلين الأبرياء، وهناك صعوبة في وصول بعض أهالي المعتقلين إلى المعتقلات والسجون، التي تضم أفاربهم، وبعض الأهالي لا يعرفون أصلاً أين أبناؤهم من المعتقلين، مع منع وزارة العدل الكشف عن الأسماء أو السماح بالزيارة، ناهيك عمّن فُقدوا بعدما سُجنوا، وذلك بعد أخذ الاعترافات القسرية تحت التعذيب القاسي". يشير إلى أنّ الأمر سيناقَش في لجنة الأمن والدفاع البرلمانية ومع الجهات المعنية ووزارة العدل.

من جهته، يكشف النائب يحيى المحمدي لـ"العربي الجديد" أنّ "كلّ سجون العالم تحدث فيها انتهاكات بحق النزلاء، لكنّ مؤشرات الانتهاكات عالية في العراق، وتدلّ على ظلم كبير يتعرض له كثير من السجناء والموقوفين، وكثير من النزلاء لم تُحسم قضاياهم، وهو ما يحتاج إلى تدخل حكومي وإعادة نظر، خصوصاً أنّ وزير العدل السابق، حيدر الزاملي، كان قد صرّح بهذا الأمر، ولا بد من أن يكون الوزير الجديد للعدل قادراً على فتح ملفات الموقوفين بلا سبب، وإيقاف الاعتداءات". وعند السؤال عما إذا كانت بعض الانتهاكات تُنتهج لأسباب طائفية، يردّ المحمدي: "لا أستبعد ذلك".




يتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر، مقاطع فيديو تُظهر قيام عناصر من قواتٍ عسكرية عراقية، بتعذيب نزلاء في السجون، وكان آخر هذه المقاطع اعتداء عنصر أمني يرتدي ملابس عسكرية، على رجل مسنّ طرحه بقوة على الأرض، وهدده بالقتل إذا لم يعترف، وهو ما يؤكد انتزاع اعترافات قسرية من السجناء مع تعذيبهم.