لا إمكانيات في مخيمات النزوح شمالي سورية لمحاربة كورونا

13 مارس 2020
المخيمات تفتقر إلى التجهيزات الوقائية (ميغيل مدينا/فرانس برس)
+ الخط -
تبدو مخيمات النازحين في مناطق شمال غربي سورية عاجزة عن الصمود بوجه فيروس كورونا المستجد، كونها تفتقر إلى المرافق الطبية إضافة إلى البنى التحتية، ما يجعل انتشار الفيروس واقعا حتميا قد يودي بحياة الآلاف من النازحين.

وعلى الرغم من خطورة الوضع، يبدو أن للنازحين أولويات تفوق تحسسهم لخطر كورونا، ولدى رامز خطيب، وهو أحد النازحين في مخيم قرب بلدة كفرتخاريم، ما هو أهم من التفكير بالوقاية من الفيروس، كالتفكير ببيت يؤويه هو وعائلته، على حد تعبيره.

ويقول الأربعيني، لـ"العربي الجديد"، ساخراً من الواقع الحالي: "نحن النازحون في حجر صحي في الحقيقة، معزولون عن العالم الخارجي، فكيف يصل إلينا المرض؟".

ويستكمل سخريته قائلاً "بعد تسعة أعوام من القتل والتهجير والخوف والرعب الذي عشناه، أعتقد أن الحديث عن كورونا في الوقت الحالي أمامنا قد لا يكون مجدياً، فحزن الأم التي فقدت ولدها والشقيق الذي فقد شقيقه، والأب الذي يأمل أن يعلم شيئاً عن مصير ابنه في المعتقل هو الشغل الشاغل للجميع هنا".

ويتضح من وجهة نظر رامز أنّ عتبة الألم لدى السوريين باتت بمستويات مرتفعة، فالمآسي التي أصابتهم على مر السنوات التسع الماضية من عمر الثورة السورية جعلت من الموت حدثاً عادياً، بحسب رامز الذي يشير إلى أنّ "كل يوم يمر يحمل حزناً جديداً وجنازة جديدة إن لم تحدث فيه مجزرة".

في المقابل، ورغم كل المآسي، هناك من يتحسس مخاطر فيروس كورونا، إذ يقول علاء خضر (36 عاماً)، وهو نازح في مخيم بالقرب من بلدة دير حسان شمالي إدلب، لـ"العربي الجديد"، إنه "يتتبع الأخبار يومياً حول الفيروس المستجد"، متوجساً في الوقت نفسه من وصوله إلى مخيمات النزوح.

ويوضح مخاوفه قائلاً إن: "الدول عاجزة عن التصدي لهذا الوباء بكل ما لديها من إمكانيات، فماذا نقول نحن المقيمين في هذه المخيمات؟"، مضيفاً "الذي قتل أهلنا وهجرنا من مدننا يستطيع وبسهولة أن يجعل مرضاً خطيراً مثل كورونا يتفشى بيننا، فالذي نبش القبور وأحرق جثث الأموات لديه الحقد الكافي لفعل ذلك".

ويستدرك خضر قائلاً "لكني قرأت العديد من الأخبار حول طرق الوقاية من المرض والمقالات العلمية بخصوصه، وأتابع المستجدات والآراء حوله"، مضيفاً "المرض لن يأتينا إلا من مصدر خارجي وهذا ما نسلم به في الوقت الحالي، لذلك نرجو أن نبقى هكذا في مخيماتنا مقطوعين عن العالم الخارجي".

من جهته، يعلّق مدير "منسقو استجابة سورية" محمد حلاج على الواقع الحالي في المخيمات وما فيها من إمكانيات لمواجهة كورونا، قائلاً لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك حملات توعية لكنها ضعيفة ولا استشعار حقيقيا لخطر وصول الفيروس إلى مخيمات النازحين والمخيمات العشوائية".

ويشير في هذا الصدد إلى أنّ "المعابر مع النظام مفتوحة وإمكانية وصول أحد المصابين عبرها إلى المنطقة أمر وارد وغير مستبعد أبداً"، نافياً "إمكانية القدرة على كشف المرض في حال حدوث إصابات لغياب التجهيزات".

ويحذّر حلاج من أن انتشار الفيروس في مخيمات النزوح سيسبب كارثة لجهة عدم القدرة على السيطرة عليه.

وكان فريق "منسقو استجابة سورية" قد عرض في بيان، أمس الخميس، خطوات وقائية لمنع وصول الفيروس إلى منطقة الشمال السوري، خاصة المخيمات في ريف إدلب.

وطالب الفريق في بيانه بإغلاق المعابر مع النظام السوري بشكل كامل، وذلك بالتزامن مع ورود أنباء عن انتشار حالات إصابة في مناطق سيطرته.

كما دعا إلى وجوب إيجاد غرف لعزل المرضى، خاصة في مناطق المخيمات، مطالباً بالإسراع بتوفير المستلزمات ومعدات الحماية والوقاية الشخصية للكوادر الطبية.

كذلك شدد على ضرورة وجود معدات تعقيم في المدارس والمخيمات، بالإضافة إلى دعم فرق الاستجابة التابعة لمديريات الصحة والمنظمات الطبية.

وعلى الرغم من انتشار فيروس كورونا في 114 دولة حول العالم، بحسب إحصائيات صادرة عن منظمة الصحة العالمية، إلا أن وزارة الصحة التابعة للنظام نفت بشكل مطلق تسجيل أي إصابة في سورية، الأمر الذي قوبل بالتكذيب من جهات محلية عدةّ، معتبرين أن النظام يتعمد إخفاء المعلومات حول الإصابات بالمرض.

المساهمون