"مسار الفرح"... تكريم لبنانيين تميّزوا دراسياً رغم إصابتهم بالسرطان

28 اغسطس 2018
تكريم لبنانيين قاوموا السرطان وتفوقوا دراسياً (حسين بيضون)
+ الخط -
"اليوم أنتم الأبطال". هكذا عبر رئيس الجامعة الأميركية في بيروت، فضلو خوري، عن فخره بالتلاميذ اللبنانيين المتفوقين الذين تغلبوا على إصابتهم بالسرطان، والذين تم الاحتفال بهم في مركز سرطان الأطفال بعنوان "مسار الفرح"، إذ وزعت الشهادات على التلاميذ الذين يتابعون العلاج في المركز، برعاية وزارة التربية والتعليم.


وبين التلاميذ المتفوقين الذين تعرف "العربي الجديد"، إلى قصصهم الطفل وسام نشابة، الذي وصل الحفل على كرسي متحرك، وعلامات المرض بادية على وجهه وجسده. لم يفارقه والده طوال الحفل معبراً عن فخره بإنجاز ابنه.

ويروي الوالد عزام نشابة لـ"العربي الجديد"، أن وسام مصاب بسرطان العظام، وخضع لامتحانات الشهادة المتوسطة بعد أسبوع فقط من إجراء عملية جراحية في ساقه، وخلال أسبوع واحد كثف مراجعة منهاجه وتمكن من النجاح. "هو ولد كبير منحنا جميعا الأمل والثقة، وهو من أصر على اجتياز الامتحانات رغم علمه بتفاصيل وضعه الصحي. حتى أنه استخدم محرك البحث غوغل لمعرفة أدق تفاصيل الجراحة التي أجريت له".

ويضيف الأب: "وسام بطبيعته لا يعرف الاستسلام، تتغير تصرفاته عندما يدخل المستشفى فيكف عن الكلام وتناول الطعام، لكن عندما يخرج يعود طبيعيا. هو يفكر دوماً بالمستقبل، وكون لبنان يتجه لأن يكون بلدا نفطيا فقد قرر دراسة هندسة البترول، كما يفكر بالاستثمار في الذهب".

بطل آخر تحدث لـ"العربي الجديد"، عن تجربته رافضاً ذكر اسمه. وقال إنه "إضافة إلى مواجهة السرطان، وجدت نفسي مضطراً لمواجهة تنمر التلاميذ في المدرسة. أثناء خضوعي للعلاج خسرت شعري، فكان الأمر مادة لسخرية التلاميذ، وانزعاجي من التعليقات زاد إصراري على استكمال دراستي. وحصلت على معدل 16.8 في الثانوية العامة فرع علوم الحياة".

ورغم التحدي يعترف الطالب بمروره بفترات عجز عن متابعة الدراسة. "مررت بلحظات سيئة كنت أقف فيها أمام المرآة لأراقب كم تغير شكلي، فالتجربة لم تضع عائقاً أمامي وحسب، وإنما أمام عائلتي التي دعمتني. التجربة البشعة جعلت مني إنساناً قادراً على مساعدة الآخرين".

للطالبة لين حمزة (15 سنة) تجربتها أيضاً، وهي ترويها بتفاؤل لـ"العربي الجديد"، فهي لم تنجح في الامتحانات وحسب، وإنما شفيت من سرطان الدم أيضاً. وهو ما ترى فيه أملاً بالشفاء تمنحه لمن يعانون من المرض.

واعتبرت لين "الأمل أهم عنصر للنجاح، والمريض بحاجة لأجواء نفسية صحية. ومن بين من لهم الفضل مركز سرطان الأطفال، كونه دفعني وغيري من الطلاب إلى النجاح، وأمن لنا التسهيلات اللازمة، فالأساتذة أحاطونا وقت أن كنا نعجز عن الدراسة، وقدموا له المساعدة، حتى أنهم كانوا يزوروننا خلال فترات خضوعنا للعلاج".


أما الطالبة إلسا هيدموس، فرغم نصيحة أهلها لها بالراحة وتأجيل الامتحانات كونها تعاني من سرطان الغدد اللمفاوية، إلا أن المركز أقنعها بخوض الامتحانات، وقد نجحت بتفوق في شهادة الثانوية فرع علوم الحياة، وقررت أن تدرس طب الأطفال، ومن بعده قد تكمل التخصص في علم الأورام مدفوعة بتجربتها الخاصة وما عانته مع المرض.

والعبرة التي استخلصتها أنه "مهما بلغت الصعوبات فلا شيء بإمكانه أن يقف في وجه الإنسان". تروي إلسا: "قبل أسبوع كنت في زيارة إلى المركز، فصادفت طفلة صغيرة تعاني من السرطان، ولاحظت خوفها، فبادرت بالتحدث إليها، وإقناعها بأنها ستصبح مثلي، وسيعاود شعرها النمو".

وتقول رئيسة قسم "حياة الطفل" في مركز سرطان الأطفال، رحاب صيداني، لـ"العربي الجديد"، إن "المرض يعطي التلاميذ دافعاً للنجاح. الأهل يرفضون عادة خوض أبنائهم الامتحانات كونهم مرضى، لكن المركز يقنعهم بأهمية ذلك، فالعلم أولوية، والحياة لا تتوقف بسبب المرض، والأطفال بعدها يصبحون بدورهم داعمين لغيرهم".




المساهمون