لمتقاعدي إيران يومهم

19 نوفمبر 2014
يحظى المتقاعدون بامتيازات كثيرة (Getty)
+ الخط -
لم تُهمل إيران متقاعديها. وتقديراً لهم، اختارت أن يكون تاريخ اليوم مناسبة لتكريمهم. صحيح أنها خصتهم بامتيازات عدة، تضمن لهم الحد الأدنى من الاكتفاء الذاتي، إلا أنه ما زال كثيرون منهم يعانون، بخاصة حين يضطرون إلى تأمين مصاريف أبنائهم العاطلين عن العمل.
عادة ما تهتم الحكومة الإيرانية بالمتقاعدين. لا تفرق بين أولئك الذين عملوا في مؤسسات تابعة للدولة أو أخرى خاصة أو غيرها. يحظى هؤلاء بامتيازات كثيرة، منها رواتب تقاعدية، وقروض مصرفية لا تشترط ضمانات، فضلاً عن تأمين صحي تختلف درجته بحسب الوظيفة التي كان يشغلها المتقاعد. ويستحق كل هذه الامتيازات من يتجاوز الستين من عمره.
يبلغ عدد المتقاعدين في إيران حالياً نحو مليونين ومئتي ألف، بالإضافة إلى آخرين غير مسجلين في النقابة الخاصة بالمتقاعدين، بخاصة الذين يقطنون الأرياف والقرى. ويحصل المتقاعد على نحو 300 دولار شهرياً. وأخيراً، قالت مديرة صندوق التقاعد الإيراني ايراندخت عطاريان إن رواتب المتقاعدين ستزداد بمعدل الضعف خلال الأشهر الأولى من العام المقبل، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تعد جزءاً من خطة شاملة لتحسين حياة هؤلاء، التي تساهم فيها الحكومة بالإضافة إلى النقابة الخاصة بالمتقاعدين الإيرانيين.
إلا أن هذه الصورة الوردية قد تبددها كثير من المشاكل الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع الإيراني ككل. فهذه الرواتب لا تكفي لقضاء حاجيات جميع المتقاعدين، منهم الحاج حسين. كان يعتقد أنه بعد التعاقد، سيتضاءل حجم المشاكل التي كان عليه معالجتها خلال سنوات عمله في إحدى المؤسسات الحكومية. لكن غلاء المعيشة وكثرة المشاكل الاقتصادية، جعلته عاجزاً في بعض الأحيان عن تسديد مصاريف جامعة ابنتيه.
من جهتها، تقول مرضية التي اعتادت التنزه في حديقة قريبة من منزلها بشكل يومي، إنها حصلت على التأمين الصحي الذي يسمى في إيران التأمين الاجتماعي، بالرغم من أنها لم تكن موظفة في مؤسسة حكومية. تضيف أن هذا التأمين يساهم في تخفيض سعر الدواء الذي تبتاعه بشكل دوري، لافتة إلى أن بعض المتقاعدين يحصلون على امتيازات أخرى. "وهذا ليس عادلا"، تُعلّق.
وكتبت صحيفة "شرق" الإيرانية أخيراً حول قضية المتقاعدين. قالت إن التأمين الاجتماعي استطاع أن يزيح حملاً عن المتقاعدين وأبنائهم، فخفف عنهم بعض تكاليف العلاج، بخاصة أن غالبية كبار السن يعانون من أمراض مزمنة كالقلب والضغط والسكري، بالإضافة إلى أمراض السرطان.
تتابع أنه في الوقت نفسه، لم تزح هذه الرواتب جميع الهموم لدى المتقاعدين وأبنائهم، الذين من المفترض أن يكونوا أكثر انشغالاً بالتأسيس لحياتهم المستقبلية، بسبب البطالة التي يعاني منها ثلاثة ملايين إيراني. فيضطر آباء هؤلاء لمساعدتهم من رواتبهم التقاعدية التي لا تتجاوز أصلاً الـ 300 دولار. ولفتت إلى أن هذا يتطلّب تعديل السياسات الحكومية وإدارة هذه المشاكل بطريقة أفضل، وحل أزمة البطالة والتضخم الاقتصادي الذي يزيد من أسعار السلع ويثقل كاهل الإيرانيين.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض الدول المتقدمة عمدت إلى تخفيض سن التقاعد، فيما ما زال ستين عاماً أو أكثر في البلدان النامية. كذلك، البلدان التي لم تخفّض سن التقاعد، لجأت إلى تقليل ساعات العمل لكبار السن. وعادة ما يتم تأمين رواتب المتقاعدين من الضرائب التي يدفعونها خلال سنوات عملهم، أو من عائدات ثروات البلاد. ويقول خبراء إن إيران تعاني أصلاً من مشاكل اجتماعية واقتصادية عدة، ليبقى المواطن الضحية الأكبر، وخصوصاً أنه يجد نفسه في نهاية المطاف مضطراً لتأمين ما عجزت عنه الدولة.
دلالات