الكنيسة المصرية تمهّد لمحاكمة راهب بواقعة قتل الأنبا إبيفانيوس

05 اغسطس 2018
البابا تواضروس الثاني (ألبيرتو بيزولي/ فرانس برس)
+ الخط -
أعلنت الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، اليوم الأحد، اعتماد بطريرك الكرازة المرقسية، البابا تواضروس الثاني، قراراً رسمياً بتجريد الراهب أشعياء المقاري من رهبنته، وعودته إلى اسمه العلماني وائل سعد تواضروس، تمهيداً لتقديمه إلى المحاكمة الجنائية على خلفية حادثة قتل رئيس دير الأنبا مقار، الأنبا إبيفانيوس، داخل الدير قبل ثمانية أيام.

ونص قرار الكنيسة على أنه "بعد التحقيق الرهباني بواسطة لجنة خاصة مشكلة من اللجنة المجمعية لشؤون الرهبنة والأديرة، بخصوص الاتهامات والتصرفات التي صدرت عن الراهب، والتي لا تليق بالسلوك الرهباني، والحياة الديرية، والالتزام بمبادئ ونذور الرهبنة من الفقر الاختياري، والطاعة، والعفة.. تقرر تجريد الراهب وطرده من مجمع دير القديس العظيم

مكاريوس الكبير بوادي النطرون (دير الأنبا مقار)، وعودته إلى اسمه العلماني، وعدم انتسابه إلى الرهبنة.. مع حثه على التوبة، وإصلاح حياته من أجل خلاصه وأبديته".

وأورد القرار، الذي حمل توقيع البابا تواضروس، وكُتب بخط يده: "إذ ندعو جموع الأقباط إلى الحفاظ على نقاوة الرهبنة القبطية بتاريخها المجيد، وحياة الآباء الرهبان التي اختاروها بأنفسهم، وتركوا العالم طلباً للهدوء، والتوبة، وخلاص النفس.. ونرجو من الجميع عدم تعدي الحدود الواجبة في المعاملات والعلاقات، والالتزام بالتعليمات التي تصدرها الأديرة في الزيارات والخلوات، وعلى ابن الطاعة تحل البركة".

وفي فبراير/ شباط الماضي، نشر أحد المواقع المسيحية خبراً مفاده أن شكاوى قد أرسلت إلى البريد الإلكتروني للموقع من الراهب أشعياء المقاري، بعدما صدر ضده قرار بابوّي يقضي بإبعاده من دير الأنبا مقار، وإلحاقه بدير يسمى دير الزيتونة في مدينة العبور (لم يحصل على اعتراف الكنيسة)، على خلفية الطلب الذي تقدم به الأنبا المقتول للبابا تواضروس، لإلحاق الراهب بأي دير آخر.

واستطاع الراهب المقاري جمع توقيعات من 45 راهباً في الدير بشأن الإبقاء عليه بينهم، في حين وقع إقراراً خطياً يُعلن فيه التزامه وخضوعه لرئيس الدير الراحل، حتى بقي الراهب موجوداً بين أسوار الدير حتى اليوم، وذلك من دون الكشف عن مزيد من التفاصيل، أو أسباب اعتراض الأنبا إبيفانيوس على بقائه بين أسوار الدير.

كانت نيابة وادي النطرون المصرية قد استمعت إلى أقوال الرهبان والأساقفة في دير الأنبا مقار، في محاولة لكشف غموض مقتل رئيس الدير، في الوقت الذي أفادت فيه التحقيقات المبدئية أن الجاني استخدم أداة حادة في قتل الأنبا إبيفانيوس، حال خروجه من قلايته (سكن الراهب) نحو أداء القداس الإلهي، استناداً إلى رواية الرهبان.

وعُثر على جثمان رئيس الدير بعد تعرضه لاعتداء بآلة حادة، من دون أن تتمكن جهات التحقيق الرسمية من تحديد هوية القاتل، في حين ترجح مصادر متطابقة أن المعتدي على إبيفانيوس هو أحد قاطني الدير، نظراً للمنطقة المنعزلة التي تحيط بالدير، وإحاطته بأسوار عالية، علاوة على أن مكان الاعتداء يشير إلى معرفة القاتل بتفاصيل الدير، وأماكن وجود كاميرات المراقبة فيه، وخط سير اﻷنبا الراحل.

وتولى الراحل إبيفانيوس رئاسة دير أبو مقار، الواقع على بعد 120 كيلومتراً، شمال غرب العاصمة القاهرة، في فبراير/شباط 2013، بعد انسحاب منافسه، وامتناع عدد من الرهبان عن التصويت، وطالبه تواضروس آنذاك بلم شمل الدير، الذي كان مركزاً ﻷزمة امتدت سنوات طويلة، بدأت بخلاف بين البابا الراحل، شنودة الثالث، واﻷب متّى المسكين.

الخلاف بدأ قبيل جلوس شنودة على كرسي الباباوية في عام 1971، حين ترشح الأب متّى أمامه، ووصل الخلاف إلى ذروته عام 1981، عندما حدد الرئيس الراحل، أنور السادات، إقامة البابا شنودة في دير اﻷنبا بيشوي، ضمن ما عُرف بـ "اعتقالات سبتمبر"، إذ التقى السادات وقتها باﻷب متّى، وكلفه بإدارة أمور الكنيسة، وكان الأخير آنذاك بمثابة اﻷب الروحي لدير اﻷنبا مقار.

ولطالما مثّل دير الأنبا مقار صداعاً في رأس الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، ومصدراً للأزمات داخلها، بعدما كان مستقلاً بشكل كامل عن الكاتدرائية حتى وفاة الأب متّى المسكين، ثم أخضعه البابا شنودة لإدارة الكنيسة مرة أخرى في عام 2009، بعد أن صار له رهبانه، ورجاله داخل الدير.

 

 

دلالات