ميانمار تساعد في تهريب الروهينجا

06 نوفمبر 2014
مات المئات من الروهينجا في أحداث عنف للبوذيين (GETTY)
+ الخط -

تغادر القوارب الخشبية الصغيرة شواطئ غرب ميانمار، كل يوم تقريباً، محملة بمسلمي الروهينجا اليائسين، في ما يشكل واحدة من أكبر عمليات النزوح بالقوارب في آسيا منذ حرب فيتنام.

وتستفيد قوات الأمن في ميانمار نفسها من الترحيل الجماعي لواحدة من أكثر الأقليات في العالم تعرضاً للاضطهاد، إذ تنتزع أموالاً من أولئك الفارين، وبالتالي تساعدهم على الرحيل.

ويوضح تقرير ستصدره، غداً الجمعة، منظمة "فورتيفاي رايتس" المدافعة عن حقوق الإنسان ومقرها بانكوك، أن هذه الممارسة أوسع نطاقاً، وأكثر تنظيماً مما كان يعتقد في السابق، حيث تذهب زوارق البحرية في ميانمار بعيداً إلى حد حراسة طالبي اللجوء حتى خروجهم إلى البحر، حيث تنتظرهم سفن أكبر تشغلها شبكات إجرامية دولية لانتشالهم.

وقال ماثيو سميث، مدير فورتيفاي رايتس، "سلطات ميانمار لا تجعل الحياة غير محتملة للروهينجا لدرجة تضطرهم للفرار فحسب، بل هي متواطئة أيضاً في هذه العملية، فهي تأخذ أموالاً وتتربح من نزوحهم".

ورفض وين ماينج، المتحدث باسم ولاية راخين المزاعم ووصفها بأنها "شائعات" قائلاً، إنه "لم يسمع أي شيء يحدث مثل هذا". وأضاف أن زوارق البحرية التي تقترب من هذه مثل هذه السفن فإنما تستهدف على الأرجح مساعدة الصيادين الذين هم في حاجة للعون.

وفر أكثر من 100 ألف من الروهينجا من الشواطئ الغربية لميانمار بالقوارب منذ اندلاع العنف بين البوذيين والمسلمين في ولاية راخين قبل عامين، وفقاً لتقديرات خبراء يرصدون تحركاتهم.

وقال كريس ليوا، مدير مشروع أراكان بروجيكت للدفاع عن حقوق الإنسان: إن اليأس المتزايد يقف وراء هذه الزيادة الضخمة في مستوى النزوح منذ 15 أكتوبر/تشرين أول، حيث يتكدس ما متوسطه 900 شخص يوميّاً على سفن شحن منتظرة قبالة الشاطئ.

ومما فاقم الوضع، قيام السلطات في ولاية راخين في الشهور القليلة الماضية بحملة ضخمة لتسجيل أفراد الأسر المسلمة وتصنيفهم رسميذاً على أنهم "بنجال" - الأمر الذي يعني أنهم مهاجرون غير شرعيين من بنجلاديش المجاورة.

وتأتي الأزمة المتفاقمة قبيل زيارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، إلى ميانمار الأسبوع المقبل لحضور قمة إقليمية، هي الثانية له خلال عامين.

وأجرى أوباما، الذي أشار مراراً إلى الإصلاحات الديمقراطية في ميانمار كنقطة مضيئة في السياسة الخارجية، أخيراً، اتصالاً هاتفيّاً بالرئيس، ثين شين، للتعبير عن قلقه في شأن الارتداد الأخير للدولة عن الطريق الذي سلكته.

ولدى ميانمار، الدولة ذات الأغلبية البوذية والتي يقطنها 50 مليون نسمة، التي لا تزال تكافح للخروج من آثار نصف قرن من الحكم العسكري، ما يقدر بنحو 1.3 مليون من الروهينجا، وتعتبر معظمهم عديمي الجنسية.

وعلى الرغم من أن العديد من عائلات الروهينجا جاء منذ أجيال من بنجلاديش، فإن جميعهم تقريباً حرموا من جنسية ميانمار وبنجلاديش.

وفي العامين الأخيرين، خلفت الهجمات التي يقوم بها الغوغائيون من البوذيين مئات القتلى و140 ألف شخص محاصرين في مخيمات، حيث يعيشون دون الحصول على الرعاية الطبية والتعليم والوظائف المناسبة.

وقال سميث، إن السلطات في ميانمار استفادت من الروهينجا لعقود، واستخلصت الأموال من هؤلاء في اتجاه واحد.

أضاف أنه إذا حاول السكان من الروهينجيا السفر إلى القرى المجاورة دون الحصول على تصريح من السلطات المحلية، فإنهم يكونون عرضه للاعتقال ويضطرون إلى دفع الرشى للحصول على حريتهم.

وتعد القيود شديدة حتى بالنسبة للذين يصلحون بيوتهم - التي غالباً ما تنهار خلال موسم الأمطار - حيث يمكن أن يتم تغريمهم إذا قاموا بذلك دون الحصول على تصريح.

وأجبر العديد ممن فروا، اليوم، على بيع كل شيء يملكونه، بما في ذلك متعلقاتهم الثمينة - الأرض والماشية، والذهب - لدفعها إلى السماسرة الذين يحصلون تقريباً على 2000 دولار لمساعدتهم على المرور إلى ماليزيا، البلد المسلم. وينتهي المطاف بالعديد منهم في مخيمات الغابة السرية في تايلاند، حيث يواجهون الابتزاز والضرب حتى يصل أقاربهم بالمال الكافي لحصولهم على حريتهم.

واتهمت السلطات التايلاندية بالتواطؤ مع المهربين، إلا أنها أنكرت تلك المزاعم.

وقال سميث "إنها تستنزفهم اقتصاديّاً"، وأضاف "هذه هي واحدة من أفقر المجتمعات في آسيا، واحدة من أكثرها ظلماً، وهذه العملية برمتها هي عبارة عن أخذ القليل من الموارد التي يتركونها في مقابل المزيد من الإساءات".

وطبقا لمنظمة "فورتيفاي رايتس"، يمكن أن يجمع الوسطاء أموالاً تتراوح بين 500 إلى 600 دولار لكل شحنة صغيرة من طالبي اللجوء، عادة ما يتراوح عددهم من 50 إلى 100 شخص، وتوصيل هذه الدفعات إلى مسؤولين من شرطة ميانمار، ومسؤولين في القوات البحرية وفي الجيش. وجمعت الشرطة أيضاً دفعات مالية مباشرة من الركاب، حسبما قالت المنظمة، مضيفة أن البحرية في ميانمار طالبت ذات مرة بمبلغ سبعة آلاف دولار من سفينة تهريب قبالة سواحلها للسماح لها بالإبحار.

ووثقت الأسوشييتد برس ذات مرة شهادات مشابهة في ولاية راخين. إذ قال أحد أقارب وسيط من الروهينجيا، الذي اعتقل منذ ذلك الوقت، إن قاربه، الذي أبحر من جدول صغير داخل البلاد، وكان عليه المرور بنقطة شرطة في الطريق إلى البحر، أجبر على دفع أموال إجبارية للسماح له بذلك. وتحدث قريب الوسيط في مدينة ميين هلوت، واشترط عدم ذكر هويته خوفاً من اعتقاله.

وتذكر أحد أقارب الوسيط أيضاً سفن البحرية، وهي ترافق طالبي اللجوء الروهينجيا إلى البحر، ومطاردتهم للحصول على مزيد من الرشى. وفي واقعة أخرى، اعتلى أكثر من عشرة من جنود ميانمار سطح سفينة كانت ممتلئة بالروهينجا في خليج البنغال، واعتدوا عليهم بالضرب بالألواح الخشبية والقضبان الحديدية.

دلالات