حوادث المرور تقتل الأفغان أينما وُجدوا

25 نوفمبر 2019
كُتب له عمر جديد (جاويد تنوير/ فرانس برس)
+ الخط -
تفيد بيانات وزارة المواصلات في أفغانستان بأنّ 1092 حادثة مرور وقعت في خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2019 في البلاد، ما أدّى إلى مقتل أكثر من 500 شخص وإصابة مئات آخرين بجروح. فضل الهادي، موظف في جامعة "سلام" في كابول من سكان إقليم لوجر (جنوب)، يخبر عن حادثة مرور تعرّضت لها عائلته في أثناء توجّهها إلى مديرية نرخ في ولاية ميدان وردك (وسط)، للمشاركة في مراسم عزاء وتشييع زوج خالته، الأمر الذي أدّى إلى مقتل خمسة أشخاص، من بينهم رجل واحد وأربع نساء، بالإضافة إلى إصابة 18 شخصاً آخرين بجروح.

يقول الهادي لـ"العربي الجديد": "لن أنسى ذلك اليوم المأساوي ما حييت. فقد خسرت فيه خالتي وزوجة ابنها وكذلك زوجة خالي وقريبة أخرى، وأحد رجال العائلة"، مشيراً إلى أنّ "الحادثة نجمت عن السرعة الفائقة التي كان يقود بها السائق الذي لم يُصب إلا بجروح طفيفة، في حين أنّ عائلتي مُنيت بخسائر كبرى". يضيف هادي أنّه "إلى جانب القتلى، بقيت والدتي لمدّة شهرين في المستشفى بسبب كسور في رجلَيها الاثنتَين، فيما مكث مصابون آخرون ما بين عشرين يوماً وشهر واحد في مستشفى علي أباد ومجمّع أميري طبي كمبلكس، الأمر الذي جعل العائلة تخسر كلّ المال الذي كانت تملكه، بالإضافة إلى اضطرارها إلى اقتراض مبالغ ضخمة من أجل تأمين العلاج للمصابين". ويلفت هادي إلى أنّ "ابن خالتي رفيع الله هو أكبر المتضررين، إذ إنّ والدته قضت في الحادثة، وكذلك عمّه وزوجة أخيه، فيما تعرّضت ثلاث من أخواته لإصابات بالغة استلزمت تدخّلات جراحية، علماً بأنّهنّ ما زلنَ يعانينَ من تبعات ما أصابهنّ في ذلك اليوم الأليم".



ما أصاب عائلة فضل الهادي، زاد ألمها ألماً، لكنّ حادثة المرور التي تعرّض لها شقيق عابد الله حوّلت فرحة عائلته إلى ترح. فقبل يوم من حفل زفاف شقيقه، انقلبت سيارة ابن عمّه التي كانت تقلّ العريس من العاصمة كابول إلى مدينة جلال أباد (شرق) حيث كان الفرح مقرّراً. ويقول عابد الله لـ"العربي الجديد" إنّ "خطأً صغيراً وعدم احتياط ابن عمّي سرقا منّي شقيقي ورفيق دربي، إلى جانب واحد من جيراننا كان يرافقهما في السيارة نفسها. وتحوّل ذلك اليوم، يوم الفرح، إلى يوم عزاء ومأساة". وينصح عابد الله الشباب بضبط انفعالاتهم في الأفراح حتى لا يصيبهم ما أصاب شقيقه.

يبدو أنّ الأفغان لا يسقطون ضحايا حوادث الطرقات في داخل البلاد فحسب، بل في خارجها كذلك. وتُذكر في السياق الحادثة الأليمة التي وقعت في إيران في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، وراح ضحيّتها 24 شخصاً من اللاجئين الأفغان في محافظة سيستان بلوشستان (جنوب شرق). وفي تصريح صحافي، قال المتحدث باسم وزارة اللاجئين عبد الباسط أنصاري إنّ الحادثة وقعت نتيجة اصطدام بين حافلتَين مدنيّتَين، علماً أنّ اللاجئين الأفغان كانوا قد دخلوا إلى إيران بطريقة غير قانونية. وأشار إلى أنّ مسؤولين في السفارة الأفغانية في طهران زاروا موقع الحادثة، ووفّروا كل التسهيلات لمعالجة الجرحى ونقل جثامين القتلى.



وكانت وزارة المواصلات الأفغانية قد أكّدت أنّ حوادث المرور واحد من أبرز أسباب قتل الأفغان، وقد سُجّل تزايد في عددها خلال العام الجاري مقارنةً بالأعوام الماضية. لكنّ وسائل إعلام محلية نقلت عن مسؤولين في وزارة الصحة أنّ أرقام وزارة المواصلات غير دقيقة.

فحوادث المرور فاقت أربعة آلاف حادثة في خلال العام الجاري، مع مقتل نحو ألفي شخص وإصابة أكثر من 19 ألفاً آخرين بجروح. وأوضح المسؤولون في وزارة الصحة أنّ في خلال الأعوام العشرة الماضية، كان 1500 شخص يلقون حتفهم سنوياً، كمعدّل وسط، على خلفية حوادث المرور، بالإضافة إلى إصابة الآلاف، لافتين إلى أنّ كثيرين هم من الأفغان الذين لا يسجّلون تلك الحوادث لدى الشرطة. وفي السياق نفسه، يقول فضل الهادي: "لم نسجّل الحادثة لدى الشرطة، لأن لا جدوى من ذلك. فالتسجيل مجرّد خطوة تضيّع مزيداً من الوقت في التنقّل ما بين المكاتب الرسمية". من جهة أخرى، أفاد المسؤولون في وزارة الصحة بأنّ حوادث المرور تقتل أكثر ممّا تفعل العمليات الانتحارية في أفغانستان، ولا تتوافر خطوات فعّالة بهدف التصدي لها.
دلالات