تمكّن المزارع الفلسطيني جابر سمور (37 عاماً) من إنشاء أول بركة زراعية حدودية، في منطقة حي النجار ببلدة خزاعة شرقي مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، تلك المنطقة التي باتت بالنسبة للكثير من المزارعين "صحراء قاحلة".
وأعاد المزارع سمور إحياء زراعة المحاصيل البعلية بعد انقطاع دام أكثر من 11 عاماً، نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية الكثيرة على الأراضي الزراعية الحدودية شرقي وشمالي القطاع المحاصر.
يقول سمور لـ"العربي الجديد"، إنه تمكن من استئجار حوالي 15 دونماً من أصحابها بعد تراجع زراعة المحاصيل الموسمية التي تعتمد على الأمطار ولا تحقق ناتجاً لأصحابها، مشيراً إلى أنه يستهدف مثل هذه الأراضي التي لم تدخلها المياه كي تساعده على زراعة بعض المحاصيل التي تعتمد على شبكات الريّ.
ويبين أنه نجح في زراعة الجرادة المحلية والسبانخ والسلق والبقدونس في غير موسمها، ويسعى إلى توسيع دائرة زراعة المحاصيل البلعية. وشهدت تلك المناطق تجريفاً واسعاً طيلة السنوات الماضية من قبل الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي أدى إلى تراجع زراعتها، فضلاً عن عدم وجود شبكات ريّ في المناطق الحدودية المهمشة.
ويشير سمور إلى أنهم تمكنوا لأول مرة من إيصال إمدادات المياه من إحدى الآبار التي تبعد مسافة كيلو و600 متر. ولا يُخفي سمور المخاطر التي تلازم المكان، كونه يزرع في أراض حدودية في مقابل أبراج المراقبة العسكرية الإسرائيلية، مشيراً إلى جملة كبيرة من الانتهاكات الإسرائيلية التي يتعرض لها كل من يقترب من الحدود.
وليس ببعيد عن سمور، يعود المزارع الثمانيني محمود قديح لتشغيل بئر المياه الوحيدة بعد إعادة ترميمها نتيجة الاعتداءات الاسرائيلية حيث تعرضت للتدمير قبل سنوات. ويعمل قديح على إعادة تشغيل أبنائه الذين يقضون ساعات عدة لإيصال المياه إلى بعض المزارعين المشتركين من إمداداته.
ويعبّر قديح عن أمله في توفير الطاقة البديلة من أجل مساعدته في تشغيل ساعات أطول للبئر، في ظل زيادة ساعات قطع التيار الكهربائي.
ويطالب قديح، في حديث لـ"العربي الجديد"، بضرورة توفير الدعم اللازم من أجل عودة قوية لزراعة المحاصيل المروية، بعد سنوات التدمير التي تعرض لها المزارع الفلسطيني، داعياً كافة المؤسسات والجهات الدولية إلى تقديم المشاريع والعمل على دعم صمودهم في أراضيهم.
من جانبه، يشير الخبير الزراعي المهندس حسن قديح، إلى أنّ تلك المناطق كانت تمتلئ بالمزروعات البعلية والمروية والأشجار المثمرة، لكن الاحتلال الإسرائيلي عمد إلى تدميرها بسبب سياسة الأرض المحروقة التي انتهجها بحق الأراضي المحادية للحدود.
ويوضح قديح لـ"العربي الجديد" أنّ تلك المناطق تعاني من قلة المياه بسبب تدمير شبكات الري لقربها من السلك الشائك ووقوعها ضمن ما يسمى بالمنطقة الأمنية العازلة التي يفرضها الاحتلال على الحدود، مشيراً إلى أن إعادة زراعتها تعد خطوة مهمة على طريق استصلاح الأراضي الحدودية، وصولاً إلى زيادة نسبة أنواع الخضروات في ظل حاجة السوق لها.
وهذه الفرصة ستُمكن المزارعين من الاستفادة من المساحات الزراعية المهجورة، وفق قديح، الذي يطالب بضرورة تعويض المزارعين ومساعدتهم أمام حجم الخسائر التي تكبدوها طيلة الأعوام الماضية.
وكان عدد كبير من أصحاب الأراضي الحدودية قاموا بزراعتها بالمحاصيل الموسمية كالقمح والشعير، ولكنها باءت بالفشل نتيجة قلة الأمطار، فضلاً عن تلفها نتيجة حرقها بالقنابل ورشها بالمبيدات السامة من قبل الاحتلال الإسرائيلي.