ماذا يعني أن نكون أمهات في 2018؟

21 سبتمبر 2018
تتشاركان بعض الوقت (سيرغي سافوستيانوف/ Getty)
+ الخط -
أن نكون أمهات في هذا الزمن يعني أن نسعى إلى تمكين الأطفال والطفلات، وذلك عبر تقديم الدعم اللامتناهي لهم حتى يمتلكوا/يمتلكنَ ثقة عالية بالنفس تؤدّي إلى النجاح في الحياة. وذلك يعني أيضاً، أن نركز الانتباه على اهتمامات الأطفال والطفلات وطاقاتهم/هنّ، وتوجيههم/هنّ لاكتشافها، عوضاً عن تلقينهم/هنّ ما يجب عليهم/هنّ القيام به. هكذا، وبحسب أساليب التربية الحديثة، يجب علينا أن نعتمد طرق التربية الإيجابية، وتلك الطبيعية والواعية والشاملة والحانية، لأنّه من شأن ذلك أن يعزز ثقة الأطفال والطفلات بأنفسهم/هنّ ويرفع من إمكانات نجاحهم/هنّ في الحياة، بحسب ما تفيد دراسات حديثة. ويجب علينا أن نتعلّم عزل أيّ مثيرات وضغوط أو أمزجة عكرة، وذلك كي نقدم الحب والرعاية غير المشروطة. وعلينا ألا ننسى أهمية البيئة والطبيعة في تربية الأطفال والطفلات بشكل متوازن بعيداً عن الإيقاع السريع والضاغط للحياة.

يمثّل هذا الكلام في سياقه النظري أمراً إيجابياً وجميلاً. لكن، عند التعمّق، نجد أنّه يخلق شرخاً جندرياً كبيراً ويشكّل أحد الأسباب الجذرية الكامنة في تعميق التمييز الجندري في ما يخصّ تكافؤ الأجور أو التطوّر المهني الخاص بالنساء.

بهدف تطبيق هذا الكلام النظري على أرض الواقع، ومن أجل تطبيق أساليب التربية الطبيعية، يجب أن تخضع النساء -الأمهات إلى ضغوط المحيط، بأن تطيل الواحدة منهنّ فترة الرضاعة الطبيعية، مع ما يرافق ذلك من إرباك في حال كانت امرأة عاملة. والويل لمن أرادت ألا ترضع أو أن تفطم طفلها في عمر مبكر. كذلك يعني أن توفِّق النساء بين عملهنّ وبين مسؤوليات الرعاية، إلى جانب المسؤوليات الجديدة الأخرى، من قبيل تكريس وقت نوعي للأطفال واللعب معهم وإلهامهم لاكتشاف طاقاتهم. يُضاف إلى ذلك أن تكون الأمهات على دراية بكلّ الأنشطة المجتمعية المحيطة لتعليم الأطفال لغات عدّة وهوايات عدّة، وأن يجدنَ الوقت والمال لتوفير مساحات آمنة للأطفال للتأمل والاكتشاف وتقليص الوقت الذي يقضونه أمام الشاشات. وممّا يعنيه ذلك على أرض الواقع أن تعود النساء إلى المطبخ من أوسع أبوابه، لتحضير الوجبات الطبيعية والعضوية الخالية من المواد الحافظة أو المعدّلة جينياً. ولا بأس إذا بدأنَ بالزراعة لضمان حصولهنّ على منتجات عضوية باب أوّل. كذلك، يعني الأمر أن تكون النساء قادرات على عزل مشاعرهنّ وإحباطاتهنّ وهواجسهنّ، لعدم تعريض الأطفال للطاقة السلبية، وأن يجدنَ الوقت للقراءة والاطلاع على أساليب واستراتيجيات التربية الحديثة التي من شأنها أن تساعد على ضمان تطوّر النمو النفسي وتلبية احتياجات الطفل الأكاديمية والعاطفية والانفعالية والنفسية والعقلية والاجتماعية والغذائية.



ويأتي هذا الوجه "المودرن" (الحديث) للتربية والرعاية مع تكلفة جندرية عالية. ثمّة من سوف يسأل: "ماذا عن الآباء؟". إذا استطاع الرجال - الآباء الإجابة عن سؤال: "كيف توازنون بين عملكم وبين دوركم الأبوي - الرعائي"، عندها يكون لكل حادث حديث.

(ناشطة نسوية)
المساهمون