لا محاسبة لمعنّفي النساء في تركيا

13 يونيو 2015
ترفع الناشطات صور الضحايا (Getty)
+ الخط -
لا يختلف المجتمع التركي في ما يخص حقوق المرأة عن المجتمعات الشرق أوسطية الأخرى. وباستثناء بعض الطبقات في المدن الكبيرة، يمر كثير من جرائم العنف ضد النساء من دون أن تقدم المرأة شكوى إلى الشرطة، خوفاً من انتقام الرجل الذي سيبعدها عن أولادها، أو لأسباب تتعلق بالعادات والتقاليد.

وتشير الإحصاءات غير الرسمية إلى زيادة كبيرة في العنف ضد المرأة. وتجاوز عدد النساء القتيلات على يد الرجال منذ بداية العام 2015 حتى الأول من يونيو/حزيران الجاري 100 امرأة، قتل معظمهن على يد الأقارب سواء الأزواج أو العشاق.

تلك الأرقام وغيرها تؤكد أنّ تركيا ما زالت من أسوأ دول أوروبا على صعيد العنف ضد المرأة. وتشير التقديرات إلى أنّ 40 في المائة من التركيات تعرضن للعنف على الأقل لمرة واحدة في حياتهن.

في فبراير/ شباط الماضي وصلت الأمور إلى نقطة الانفجار. فقد أدت حادثة قتل الطالبة الجامعية أوزغيجان أصلان (20 عاما) على يد أحد سائقي الحافلات الصغيرة، أثناء محاولته اغتصابها إلى جدل سياسي واجتماعي كبير. ووصف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، العنف ضد المرأة بـ "جرح تركيا النازف"، فيما تحركت منظمات المجتمع المدني بقوة عبر تنظيم العديد من الاحتجاجات وحملات التوعية.

ومع أنّ السلطات لم تصدر أي إحصاء دقيق منذ أكثر من 4 أعوام حول أعداد القتلى من النساء، إلا أنّ الإحصاءات غير الرسمية تؤكد أنّ عام 2014 شهد مقتل أكثر من 296 امرأة في تركيا، بزيادة أكثر من 30 في المائة عن 2013.

وتتبنى المنظمات المعارضة نظرية تسبب السياسات الاجتماعية المحافظة منذ عام 2002 بارتفاع حاد في جرائم العنف ضد المرأة. وتتهم هذه المنظمات الحكومة بأنّها تتبنى موقفا معادياً للقيم الغربية حول المساواة الجندرية، وذلك بتبني استراتيجية، تهدف إلى تحويل المرأة إلى وسيلة ولادة أطفال من دون العمل على تمكينها.

كما تتبنى المعارضة السياسية في الفترة الأخيرة اقتراحاً بأنّ ازدياد العنف ضد المرأة يرتبط بازدياد البطالة والفقر والفوارق الطبقية، رغم أن معدلات العنف كانت أقل خلال التسعينيات التي شهدت أزمة اقتصادية تركية خانقة.

في المقابل، تتهم المنظمات الإسلامية المعنية بحقوق المرأة الناشطات النسويات المعارضات بأنهن فشلن على مدى عهود من فهم المجتمع التركي، بمحاولتهم فرض ما تطلق عليه "القيم الغربية الليبرالية" على مجتمع متدين من دون التأصيل لها. وتؤكد الناشطة زلال أيمَان أنّ "قوانين تركيا تعتبر الأفضل بين العشرات من الدول، لكن المشكلة في العقلية التي تطبق هذه القوانين". وتشير إلى النجاحات الكبيرة التي حققها العدالة والتنمية للمرأة برفع حظر الحجاب في الجامعات والمؤسسات الحكومية، مما فتح آفاقا جديدة للمرأة التركية.

وكانت الحكومة التركية قد مررت قبل عام تشريعات جديدة لتعزيز حقوق المرأة بما يتماشى مع المعايير الأوروبية، وتشديد العقوبات على الاعتداء الجنسي. ويشير المسؤولون الحكوميون إلى تضاعف عدد الملاجئ الخاصة بالنساء في السنوات الثلاث الماضية من 48 ملجأ عام 2011 إلى 92 عام 2014. كما تم إنشاء العديد من مراكز الدعم للنساء من ضحايا العنف ما يسمح لهن بتلقي الحماية والبقاء مع أطفالهن. لكن المحامين والناشطين في مجال حقوق المرأة يؤكدون أنّها جهود غير كافية، وهناك حاجة ماسة للعمل على حملات واسعة النطاق لرفع الوعي الاجتماعي.

من جهتها، تؤكد الطبيبة غُولسوم كاف المتحدثة باسم منبر "أوقفوا الجرائم ضد المرأة"، أنه رغم القوانين الجديدة التي أقرت في الفترة الأخيرة لناحية حماية المرأة، إلا أنّ هناك مشكلة كبيرة في العقلية المنفذة لهذه القوانين. وتعطي مثالاً عن ذلك: "طلبت المعلمة غولشاه أكتورك في مدينة وان الحماية من الوالي، إلا أنّ كل ما قاله لها هو: لا تقلقي لن يقتلك.. لكنها قتلت بعد أيام، ولم يحاسب الوالي". كما تشير إلى أنّ هناك أكثر من 23 امرأة قتلن، وهن تحت الحماية ولم يحاسب أحد.

في المقابل، تشير أستاذة علم الاجتماع في جامعة بوغازجي نازان أوستونداغ إلى دوافع القتل الحالية. وتقول: "في الماضي كان معظم حالات قتل النساء في إطار جرائم الشرف، لكن الأمر تغير، فمعظم حالات قتل النساء الآن موجهة ضد من استطعن الحصول على الطلاق من أزواجهن، أو لأنهن ابتعدن عن عشاقهن، وبعض حالات القتل تلي مشاجرات بين النساء والرجال". وتعلق: "نحن نواجه الآن جرائم قتل للنساء اللواتي يقفن في وجه السيطرة الذكورية".

إقرأ أيضاً: تركيات يلجأن إلى العنف في مواجهة الانتهاكات
المساهمون