العراق: سياسيون ومسؤولون يقفون خلف سرقة مساعدات النازحين

20 يونيو 2017
مساعدات تسرق ولا تصل إلى المحتاجين(مات غاردي/Getty)
+ الخط -
أعلنت مصادر حكومية عراقية بارزة في بغداد اليوم الثلاثاء أن تقريرا نهائيا صدر عن لجنة تحقيق تابعة للحكومة ومؤلفة من عدة وزارات وهيئات مستقلة، ذكر أسماء 13 سياسيا عراقيا وما لا يقل عن 70 مسؤولا حكوميا لهم صلة بجرائم فساد تتعلق بملف إغاثة نحو 4 ملايين نازح عراقي شمال ووسط العراق.


وبيّن التقرير أن تهم الفساد تتعلق بسرقة أدوية غالية مخصصة للنازحين من قبل منظمات دولية، وبيعها بالسوق المحلية. ولفت إلى استبدال خيام سميكة بأخرى محلية من قماش خفيف لم تقهم البرد ولا الحر، وتسببت بوفيات.


وأشار إلى تزوير أوراق عن توفير فلاتر لمياه الشرب دون جلبها إلى المخيمات، وسرقة في أوزان المواد الغذائية الجافة المقدمة لهم كالرز والدقيق والسكر والشاي، فضلا عن استقطاع مبالغ مالية من مساعدات الحكومة التي تمنح لهم بين وقت وآخر.


ولا يتوقع أن يعلن التقرير على الرأي العام بالعراق بسبب حساسية الملف، وورود أسماء شخصيات سياسية ومسؤولين نافذين في الدولة وفقا للمصدر ذاته، الذي أكد أن من بين الأسماء نائب رئيس الوزراء السابق صالح المطلك، ووزير الهجرة الحالي محمد الجاف، ومسؤولا كرديا في إقليم كردستان، وعضوا بارزا بحزب إسلامي مقرب من إيران.


ومع تدفق موجات النزوح الكبيرة إثر اشتداد المعارك وسط وغرب وشمال البلاد، أنشئت مخيمات كبيرة في مختلف المدن لاستيعاب النازحين الفارين من جحيم الحرب.


ويقول الخبير الاستراتيجي عبد الرحمن العبيدي إن "الفساد كان أكثر قسوة على النازحين، عندما طاول المساعدات الإنسانية المخصصة لهم من الداخل والخارج وتلاعب بها، بل ووصل الأمر إلى سرقتها من قبل المليشيات".


ويضيف العبيدي لـ"العربي الجديد"، "حصلت عمليات سرقة للمساعدات الإنسانية المخصصة للنازحين عدة مرات خلال الأعوام الثلاثة الماضية، منها سرقة المساعدات السعودية للنازحين من مطار بغداد من قبل إحدى المليشيات وأخذها إلى جهة مجهولة".


وكشفت مسؤولة المنظمة البلجيكية لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط، بافوو منار، مطلع يناير/كانون الثاني 2017 عن وجود فساد إداري في بعض إدارات المخيمات المنتشرة في المدن العراقية.





وذكرت منار في تصريحات سابقة أن" النازحين يشكون نقص المواد الغذائية وغاز الطبخ والنفط رغم وصول مساعدات كبيرة إلى المنظمات المحلية والدولية". وكشفت أن "الخيام التي أرسلتها الأمم المتحدة ليست ذاتها التي أعطيت للنازحين التي يقيمون فيها حالياً وإنما استبدلت".


وكشف ناشطون عملوا في منظمات محلية ودولية لمساعدة النازحين عن وجود عمليات فساد إداري كبيرة جداً يتزعمها قادة وعناصر في المليشيات المسيطرة على المناطق التي تنتشر فيها مخيمات النازحين.


وقال الناشط المدني عمار الزبيدي: "هناك أشخاص لديهم نفوذ تدعمهم مليشيات الحشد الشعبي كانوا يحصلون على المساعدات الإنسانية المخصصة للنازحين ويبيعونها في الأسواق المحلية". وتابع "أصبح كثير من هؤلاء المدعومين من قبل المليشيات من كبار التجار والأثرياء نتيجة سرقتهم المساعدات المحلية أو الدولية".


بحسب ياسر المعموري، الذي عمل في إحدى الفرق التطوعية الإنسانية، فإن "مسؤولين وضباطاً وشخصيات جنوا المليارات من سرقة المساعدات المخصصة للنازحين، وكانوا يستبدلونها بأخرى تالفة أو منتهية الصلاحية ثم يبيعون المواد الأصلية في الأسواق".


هذا الأمر أثر كثيراً على النازحين ووضعهم الصحي، ما سبب انتشاراً للأمراض والأوبئة والجوع وأمراض سوء التغذية خاصة بين الأطفال، في وقت تكافح فيه منظمات مدنية محلية لسد حاجتهم الماسة مما يتبرع به ميسورون عراقيون.


وشهد عاما 2015 - 2016 رواجاً غير مسبوق للمواد الغذائية والإنسانية المخصصة للنازحين في الأسواق العراقية، التي كانت تتدفق إليها بطرق مختلفة عبر تجار وأشخاص مرتبطين بجهات حكومية بحسب المصادر.


وتوفي عشرات النازحين منذ مطلع ومنتصف عام 2014 بسبب المرض والجوع وسوء التغذية نتيجة الفساد الإداري الذي ينخر مؤسسات الدولة.


وصنفت منظمة الشفافية الدولية في تقرير لها صدر مطلع مايو/أيار 2017 الماضي العراق على أنه من بين البلدان الأكثر فساداً في العالم.