كورونا... السبب الثاني للوحدة

27 يونيو 2020
هل يعاني من الوحدة؟ (Getty)
+ الخط -
عُدّ فيروس كورونا الجديد، ثاني تهديد لأسلوبنا في الحياة خلال السنوات الـ 13 الماضية، وقد فرض علينا تباعداً غير مسبوق. التهديد الأوّل كان الهاتف الذكي في عام 2007. والهواتف مذهلة ومثيرة للاهتمام. وليس غريباً أن نرى أنفسنا نستخدمها طوال الوقت. يكفي أنها تبقينا على اتصال مع الأصدقاء.

على الرغم من ذلك، يمكن الإشارة إلى بعض النتائج المدمّرة للهاتف الذكي على حياتنا، بحسب موقع "سايكولوجي توداي". يكفي أن ننظر إلى أنفسنا، وقد أصبحنا أكثر وحدة واكتئاباً وقلقاً. في عام 2018، أصدرت "Cigna" (شركة خدمات صحية عالمية) نتائج استطلاع للرأي شمل أكثر من عشرة آلاف من البالغين الأميركيين، وتبيّن أن نحو 43 في المائة منهم يشعرون بالوحدة. أضاف أن العديد من الناس أعلنوا أن العزلة الاجتماعية ازدادت بسرعة كبيرة خلال ما يزيد على عقد من الزمن، بعد إصدار أول هاتف "آيفون" في عام 2007.

وبعد ذلك بعامين، وتحديداً في يناير/كانون الثاني في عام 2020، أصدرت "Cigna" نتائج استطلاع جديد. خلال عامين فقط، ارتفعت نسبة الأميركيين الذين يشعرون بالعزلة الاجتماعية إلى 61 في المائة، ما يعني أن الشعور بالوحدة تحوّل إلى وباء وطني.

وتسلط دراسة حديثة أعدّها أستاذ علم النفس في كلية "ترينيتي دبلن" في إيرلندا، فيليب هايلاند، الضوء على أسباب زيادة الشعور بالوحدة بشكل كبير خلال العصر الرقمي. ولاحظت أن أكثر ما يسبب الوحدة ليس عدد العلاقات، بل جودتها. بمعنى آخر، هم الأشخاص المشتتون طوال الوقت بسبب أجهزتهم من دون إيلاء أي اهتمام لاحتياجات أصدقائهم العاطفية.



ويقول متخصّصون في الصحة العقلية إنّ نسبة القلق والاكتئاب تزداد شيئاً فشيئاً منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ووجدت دراسة شملت آلاف الطلاب الجامعيين وطلاب الدراسات العليا أنّ عدد الذين ثبتت إصابتهم بالقلق قد ارتفع من 17 إلى 31 في المائة خلال السنوات الست الماضية، فيما تضاعف عدد أولئك الذين يعانون من الاكتئاب عشرة أَضعاف خلال السنوات العشر الأخيرة.

وبعد ثلاثة عشر عاماً، جاء كورونا ليزيد من التباعد الاجتماعي، وهو ما بدأته هواتفنا منذ نحو 13 عاماً. وأظهرت الأبحاث أن الشعور بالوحدة يضعف من قدرتنا على التنظيم الذاتي واتخاذ قرارات قد نفخر بها على المدى البعيد. كما أن الأشخاص الوحيدين لا يبادرون إلى مساعدة الآخرين. وعلى العكس من ذلك، فإن أولئك الذين يشعرون بالارتباط مع الآخرين في مجتمعهم هم أكثر إقبالاً على زيارة الطبيب للحصول على لقاح، أو غسل أيديهم بشكل متكرر، أو غير ذلك (في إطار التدابير الوقائية للحد من كورونا). من هنا، يمكن للشعور بالوحدة أن يؤثّر سلباً على المجتمع بشكل عام. وبعد الهاتف وكورونا، يجب البحث عن بدائل.