السيول تهدّد اليمن بالأمراض

26 ابريل 2016
المنظمات الطبية الإنسانية تتوقع انتشار الضنك والملاريا (فرانس برس)
+ الخط -

تعرّضت مدن يمنية عديدة خلال الأيام الماضية، لأمطار غزيرة تسببت بفيضانات في بعض المناطق، فقتلت 24 شخصاً بينما تضرّر نحو 49 ألف مواطن في محافظات الحديدة وعمران وحجة وصنعاء وعدن ومأرب والمحويت. قد لا يتوقف الأمر عند هذا الحدّ، إذ عقب موسم الأمطار من كل عام، تنتشر الأمراض الناتجة عن آثار السيول ومخلفات المياه الراكدة، لا سيّما في ظل غياب الاهتمام الحكومي والدولي بالشؤون الصحية في البلاد.

في العاصمة صنعاء، تتكدس أكياس القمامة نظراً لعدم توفّر عربات لنقلها طوال أيام. وقد أتت السيول لتجرفها وتنثر محتوياتها في الشوارع، مع ما يرافق ذلك من روائح نتنة، خصوصاً في المناطق حيث تتراكم مياه الأمطار بعد انسداد المجرى الرئيسي لتصريف مياه السيول في منطقة السائلة وسط المدينة، وذلك بسبب أعمال إنشائية لم تكتمل منذ سنوات في الجزء الشمالي منها.

يستنكر الأهالي عدم تنفيذ المجلس المحلي حملات رشّ المبيدات في الأحياء والمناطق حيث يتكاثر البعوض، إذ إنّ المياه الراكدة مكشوفة في مواقع كثيرة. ويخبر عزيز العمراني وهو من سكان مديرية آزال، أنّ "السيول جرفت النفايات وراكمتها في مناطق مختلفة في جوار منازل الحيّ، فاجتذبت الذباب والبعوض وغيرها من الحشرات، في حين راحت تتكاثر الخنافس والديدان بشكل ملفت". يضيف أنّ "الذباب في المنزل هذه الأيام لا يطاق على الرغم من أننا نستخدم المبيدات"، لافتاً إلى أنه يخشى على أطفاله من الأمراض التي قد تنقلها الحشرات.

في المناطق التهامية (غرب)، الوضع أكثر سوءاً، إذ تسببت مياه الأمطار بردم عدد كبير من آبار مياه الشرب في بعض مناطق مديريات الزُّهرة واللُّحيَة وحَيران وحَرَض في محافظتَي الحديدة وحجة. بالتالي، يجد السكان أنفسهم مضطرين إلى استخدام مياه الأمطار التي تتجمع في بعض الحفر وترشيحها عبر قطع من القماش مرات عدّة قبل استهلاكها في الشرب والطبخ. لكنّ هذه الممارسات تؤدي إلى أمراض عديدة، لا سيما الإسهال والبلهارسيا وغيرهما بحسب ما ينقل الأهالي.

أفراد عائلة خالد عبد الودود بأكثرهم مصابون بالإسهال، فيما أحد أطفاله (سبعة أعوام) يعاني من هزال شديد. وقد أعاد أطباء ذلك بحسب ما يقول، إلى مياه الأمطار الراكدة خلال الشهور الماضية. يضيف أنّ "البعوض ينتشر بشكل لافت في المنطقة من دون أن يُكافَح كما في كل عام. ويتخوّف الأهالي من انتشار الحمّيات، على رأسها حمى الضنك مثلما حدث في صيف العام الماضي".




من جهتها، تشكو سعاد الآنسي وهي من سكان محافظة المحويت، من أنّ ابنتها تعاني من بثور في جسدها، ليتضح في النهاية أنّ سببها هو لسعة نوع من ذباب ينتشر بعد الأمطار ويستهدف المواشي. تقول: "اعتقدت أنّ ابنتي مصابة بداء الصنفور، إلا أنني فوجئت بخروج دودة صغيرة الحجم من جسدها". وتشير إلى أنّ عدداً من أطفال القرية أصيبوا بالداء نفسه من دون مضاعفات، "فالمشكلة تنتهي بمجرّد استئصال الدودة".

ويتكرّر مشهد الأطفال على الطرقات في مجاري السيول وهم يلعبون بأقدام حافية وسيقان مكشوفة، الأمر الذي يهددهم بأمراض مختلفة. هذا ما تؤكده نائبة مدير عام الصحة في محافظة الحديدة أشواق محرَّم، إذ تقول إنّ "الأمطار غالباً ما تسبّبت في إصابة الأطفال بالإسهال والملاريا". تضيف لـ "العربي الجديد" أنّها وجدت وفريقها في مديرية الزهرة وحدها، "حالات إسهال وملاريا والتهابات مفاصل وأخرى في الجهاز التنفسي. وقد أنشأنا عيادات متنقلة لفحص الأهالي وتقديم الأدوية للمرضى". يُذكر أنّ أكثر من 1084 أسرة تضرّرت، من بينها 300 أسرة نازحة في منطقتَي القنامة وربوع الوادي في الحديدة وحدها، حيث يعيش السكان في العراء وهم في حاجة عاجلة إلى مواد صحية ومراحيض ومياه نظيفة.

تجدر الإشارة إلى أنّ كارثة السيول والفيضانات التي سببتها الأمطار الغزيرة التي هطلت على بعض المحافظات خلال الأيام الماضية، لم تأخذ حيزاً كافياً من اهتمام حكومة الأمر الواقع في صنعاء، ولا حكومة الشرعية في الرياض أو المنظمات الإنسانية والإغاثية، باستثناء جهود محدودة.

يفيد تقرير للجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر بأنّ مديريتَي عمران وجبل عيال يزيد (شمال) كانتا الأشد تضرراً من الأمطار الهائلة، وقد أشارت التقديرات إلى تشرّد أكثر من ألف أسرة حتى الآن نتيجة تدمير منازلهم من جرّاء السيول. أضاف التقرير أنّ أعداداً كبيرة من الماشية غرقت ومنها أبقار بالإضافة إلى الدجاج، فيما انتشرت القمامة في جميع أنحاء المناطق التي غمرتها المياه ولوّثت مصادر المياه. وشدّد التقرير على أنّ أكثر من 500 أسرة في حاجة إلى إغاثة عاجلة "بعد تهدّم بيوتها في مديرية شرس في محافظة حجة شمال غرب البلاد". أشار أيضاً إلى أنّ المنظمات الطبية الإنسانية "تتوقع انتشار أمراض الضنك والملاريا تبعاً للسيول، وأنّ وزارة الصحة العامة والسكان اليمنية أرسلت فريقاً طبياً لتقييم حجم تلك المشكلة".