مبادرات للحدّ من هدر الطعام في المغرب

10 ابريل 2019
يجمعون بعض الموادّ الغذائية (موقع بنك التغذية)
+ الخط -


كثيراً ما ترمي العائلات المغربية أو المطاعم أو الفنادق ما فاض من طعام، من دون التفكير في الفقراء العاجزين عن توفير أي غذاء. من هنا، وانطلاقاً من إيمانها بالمسؤولية المجتمعية، عمدت جمعيات إلى العمل على الحدّ من الهدر 

ترمي العديد من العائلات والمطاعم والفنادق في المغرب فائض الطعام في سلات القمامة. وحذّرت تقارير دولية من تنامي هدر الطعام في المجتمع، ما دفع جمعيات ومبادرات شبابية، على قلّتها، إلى تحويل فائض الطعام أو ما يسميه البعض "بنك الطعام" إلى الفقراء والمحتاجين والمشردين.

تبين الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن المنظمة العالمية للزراعة والتغذية، أن المغاربة يرمون ما قيمته 50 دولاراً يومياً من الأغذية في القمامة، و45.1 في المائة من العائلات المغربية تتخلص من أغذية تتراوح قيمتها ما بين 6 دولارات و51 دولاراً شهرياً، وخصوصاً خلال شهر رمضان، و84.8 في المائة من العائلات تتخلص من جزء مهم من أغذيتها من دون أن تستهلكها.

ولا يخفي عبد القادر محندي وهو عامل نظافة، لـ "العربي الجديد"، أن غالبية العائلات، وخصوصاً المنتمين إلى الطبقات المتوسطة والغنية، ترمي طعاماً صالحاً للأكل في القمامة، لكونها تشتري أكثر مما تستهلك. ويأسف لأنّه يجد في كل صباح طعاماً فائضاً في سلال القمامة الخاصة بالعائلات، يمكن أن يكون وجبة صالحة للكثير من الفقراء.

وعلى الرغم من أن هذه الأرقام قد تدلّ على وفرة فائض الطعام في المغرب، لكنه لا يصل إلى آلاف الفقراء والمحتاجين والمشردين في البلاد، بسبب قلة الجمعيات والمبادرات التي تتكفل بإيصال هذا الفائض من الغذاء إلى من يستحقون الدعم الغذائي.

من بين هذه المبادرات والجمعيات التي لفتت الانتباه إليها خلال الآونة الأخيرة في المغرب، جمعية "زيرو جائع" التي تهتم بتجميع الطعام الفائض من العائلات والمطاعم والفنادق، وتوزيعها من شباب متطوعين على المحتاجين الذين لا مأوى لهم في شوارع المدن.

وتعدّ مبادرة "زيرو جائع" تجربة شبابية رائدة في المغرب في مجال جمع الطعام، ومحاربة هدر الغذاء وإيصاله إلى المشردين والفقراء والجائعين. وكان هذا نتيجة تجربة شخصية لمبتكرها ومؤسسها رشيد بكار، وهو مهندس شابّ اضطر إلى المبيت في الشارع في إحدى رحلاته فاستضافه أشخاص من دون مأوى ومنحوه طعامهم القليل، وقصّوا عليه حكاياتهم الحزينة وتجاربهم المريرة التي عاشوها بسبب الحاجة والتشرد.



جمعية "زيرو جائع" التي تعني (صفر جائع)، بدأها بكار قبل أن تتحول إلى واقع معيش بفضل تفاعل عدد من المتطوعين وغالبيتهم شباب متعلمون. وتحولت بعد أشهر إلى جمعية تضم مئات المتطوعين، الذين ينشطون في أكثر من 16 مدينة.

ويشرح سعد الدين، وهو مهندس شاب من متطوعي الجمعية، طريقة عمل متطوعي "زيرو جائع". يقول لـ "العربي الجديد" إن الأمر يتلخص في تكفل كل متطوع بجمع ما لدى أسرته من فائض الطعام، والمرور عند أصحاب بعض المطاعم الذين يفيض لديهم الأكل، وأخذ الفائض منه.

المرحلة الثانية، بحسب المتطوع الشاب، تتمثل في تصنيف هذا الفائض من الطعام للحدّ من هدره، من خلال وضع كل ما يجمعه المتطوعون في مدينة معينة، ثم تعليبه في أوراق وعلب خاصة. وفي مرحلة ثالثة، يجتمع المتطوعون من أجل تحديد نقاط التوزيع على المحتاجين والأشخاص من دون مأوى.

يضعون الأطعمة في علب قبل توزيعها (موقع زيرو جائع) 


يرى المتطوع الشاب أن "هدر الطعام آفة اجتماعية ابتلى بها المجتمع، وسلال النفايات تشهد على هذا الهدر". يضيف أن الجمعية تتجه نحو أصحاب المطاعم بهدف الحصول على ما يبقى من أكلات لديهم، كما أنها تنوي إبرام شراكات مع هذه المطاعم المتطوعة أيضاً.

في هذا الإطار، يقول صاحب مطعم بمدينة الرباط، عبد الحميد طبيح لـ "العربي الجديد"، إنه يعمل على توفير ما فاض من وجبات الطعام، ويجمعها من أجل مدّ متطوعي الجمعية به حتى يوزع على المحتاجين. يضيف أنه بذلك، يحاول إشاعة ثقافة التكافل والتآزر بين أفراد المجتمع.

بدورها، توضح رئيسة جمعية "بنك التغذية" نزهة بلقزيز، أن الجمعية "تقدّم المساعدات وتدعم المحتاجين، من خلال جمع تبرعات من موادّ غذائية وتوزيعها على الفئات الهشّة، من خلال شبكة جمعيات تربطها اتفاقية شراكة مع بنك التغذية".



ويتكفل بنك التغذية في المغرب بتوفير الغذاء لنوادي الطالبات، وتزويد هذه المؤسسات بالأغذية غير القابلة للتلف. إضافة إلى الطعام، يوفر موادّ تنظيف وقاعات للنوم والمطالعة للفتيات في القرى، من أجل محاربة الهدر في المدارس أيضاً.

كذلك تعمل جمعية "الأم مليكة"، التي سبق لها أن أدارت بنكاً للطعام في هولندا، على حفظ فائض الطعام وإيصاله إلى المستفيدين، مع اعتماد معايير السلامة والجودة الوطنية والدولية. وتهدف إلى نشر الوعي بعدم إهدار الطعام، وتحقيق العدالة الغذائية في المجتمع. وتتعهد الجمعية ذاتها بأن تكون وسيطاً فعالاً لإيصال مساعدات القطاع الخاص والمجتمع الدولي إلى المحتاجين للغذاء في مختلف الجهات، كما تتبنى عدداً من البرامج والمشاريع الملحّة التي تهتم بالحالات الإنسانية الحرجة، ومن أبرزها إكرام النعمة، والإطعام الأسبوعي والشهري للحالات والأسر المستحقة.





دلالات