النسر هو ذلك الطائر الضخم والأكبر حجماً بين الطيور الطائرة (النعام أضخم أنواع الطيور الحية التي لا تطير). وغالباً ما يعرف النسر بصلعته. والناس في الوطن العربي لا يفرقون بين العقاب الذي يتغذى على الأنواع الحية من الطرائد، والنسر الذي يتغذى على الجيف أي الأجسام العضوية الميتة بل والمتحللة. ومن النسور ما يأكل اللحم ومنها ما يفضل المصارين والحواشي ومنها ما يأكل العظام. إن المعدة عند النسر تقاوم الفيروسات والبكتيريا من خلال العصارة الحمضية التي تفرزها. باختصار، تقوم النسور بتنظيف الطبيعة من الأجسام الميتة والمتحللة وتطهيرها، وإلا لكنا نشم الروائح الكريهة في البرية في كل مرة أردنا فيها التنزه والترفيه. النسور تأكل كل شيء حتى العظام التي يتخصص بأكلها النسر الملتحي وهو من الطيور التي انقرضت من لبنان بفعل الصيد الجائر. أما بقية أنواع النسور فهي في طور الانقراض، كالنسر المصري، الذي يسمى أيضاً الشوحة المصرية أو الرخمة المصرية، الموضوع على لائحة خطر الانقراض الشديد حسب المجلس العالمي لصون الطبيعة IUCN.
والسؤال المطروح اليوم هو لماذا النسور هي أكثر عرضة للانقراض بين الطيور؟ لا شك أن الإنسان وراء هذه النتيجة، والسبب الأول لذلك هو أن الماشية كثيراً ما تعالج من قبل الأطباء البيطريين بالدواء المسمى "ديكلوفيناك" كمخفف للآلام والمستعملة في حالات التهاب المفاصل عند البشر، ولكن بعض الماشية قد لا تعيش وتنفق في الطبيعة، وتشم رائحتها أو تراها النسور من على بعد كيلومترات. وتأتي هذه النسور لتتغذى على الماشية الميتة فتدخل مادة الـ"ديكلوفيناك" إلى جسمها وتؤثر على كليتيها مسببة لها الفشل الكلوي فتموت. في المقابل، تقوم الكلاب الضالة بالتهام لحوم الحيوانات الميتة في غياب النسور أو تناقصها، الأمر الذي يؤدي إلى انتشار داء الكلب الذي يرتد ضرره على الإنسان نفسه. أما السبب الثاني فهو الصيد اللامسؤول والذي يقوم به عدد لا بأس به من الناس الذين يدعون أنهم صيادون، فيطلقون النار على النسور ويردونها قتيلة وهم يعلمون سلفاً أن هذه الطيور لا تؤكل، ربما يريدون تحنيطها أو أخذ صور سلفي معها والتباهي بقتلها أمام الناس على صفحات الميديا، وما ذلك سوى لجهلهم بقيمتها ودورها الذي تلعبه ضمن السلسلة الغذائية وجهلهم بالتالي بالخدمات التي تؤديها ضمن الأنظمة الإيكولوجية المختلفة.
اقــرأ أيضاً
أما ما نعرفه من خلال صفحات فيسبوك عن عدد النسور التي تقتل سنوياً في لبنان خلال فصل الهجرة الواحد، فهو 15 فرداً من أنواع النسر المصري والنسر الأسمر والنسر الأسود. وهذا يعني 30 فرداً تقريباً في السنة. وإذا ما استمرت هذه الحال على ما هي عليه، فإن النسور لا شك سوف تتسارع بشكل مخيف نحو الانقراض، ذلك لأن أعدادها أصلاً قليلة لوجودها على رأس الهرم الغذائي. أما السبب الثالث الموجود على خط هجرتها في بلدان الشرق الأوسط وصولاً إلى أفريقيا، فيتمثل بخطوط التوتر العالي والمتوسط المنتشرة من دون عوازل كهربائية أو مع عوازل رديئة. فعندما تقف النسور على الأعمدة الشاهقة لترتاح أو تنظر من حولها باحثة عن جيفة هنا أو هناك، فإنها بجناحيها اللذين يبلغان معاً أكثر من مترين تلامس الكابلات والعمود معاً ويحدث الصعق بالكهرباء وتقع ميتة. وعن السبب الرابع فهو الارتطام بمراوح الهواء المعدة لإنتاج الكهرباء والتي ترتفع عن الأرض لتصل إلى علو 180 متراً. وهناك مزارع هواء في بعض دول الشرق الأوسط مثل الأردن ومصر، أما في لبنان فإن المزارع ستصبح قريباً موجودة في مناطق الرياح في جبال عكار، حيث الدراسات المتعلقة بالأثر البيئي قائمة على قدم وساق. والخطر هنا هو أن النسور قد ترتطم بالمراوح مثل غيرها من الطيور، ولكن حظها بالارتطام أكبر من غيرها لأنها قد تكون على ارتفاع أعلى بكثير من مراوح الهواء عندما تشاهد طيوراً ميتة على الأرض، سبق وارتطمت بالمراوح، فتنزل لالتهامها ولكن ارتطامها بالمراوح يكون عالي النسبة والعدد، خصوصاً لأنها تعطي إشارة لأترابها لحضور الوليمة قبل نزولها، الأمر الذي سيزيد نسبة النفوق.
(متخصص في علم الطيور البرية)
والسؤال المطروح اليوم هو لماذا النسور هي أكثر عرضة للانقراض بين الطيور؟ لا شك أن الإنسان وراء هذه النتيجة، والسبب الأول لذلك هو أن الماشية كثيراً ما تعالج من قبل الأطباء البيطريين بالدواء المسمى "ديكلوفيناك" كمخفف للآلام والمستعملة في حالات التهاب المفاصل عند البشر، ولكن بعض الماشية قد لا تعيش وتنفق في الطبيعة، وتشم رائحتها أو تراها النسور من على بعد كيلومترات. وتأتي هذه النسور لتتغذى على الماشية الميتة فتدخل مادة الـ"ديكلوفيناك" إلى جسمها وتؤثر على كليتيها مسببة لها الفشل الكلوي فتموت. في المقابل، تقوم الكلاب الضالة بالتهام لحوم الحيوانات الميتة في غياب النسور أو تناقصها، الأمر الذي يؤدي إلى انتشار داء الكلب الذي يرتد ضرره على الإنسان نفسه. أما السبب الثاني فهو الصيد اللامسؤول والذي يقوم به عدد لا بأس به من الناس الذين يدعون أنهم صيادون، فيطلقون النار على النسور ويردونها قتيلة وهم يعلمون سلفاً أن هذه الطيور لا تؤكل، ربما يريدون تحنيطها أو أخذ صور سلفي معها والتباهي بقتلها أمام الناس على صفحات الميديا، وما ذلك سوى لجهلهم بقيمتها ودورها الذي تلعبه ضمن السلسلة الغذائية وجهلهم بالتالي بالخدمات التي تؤديها ضمن الأنظمة الإيكولوجية المختلفة.
أما ما نعرفه من خلال صفحات فيسبوك عن عدد النسور التي تقتل سنوياً في لبنان خلال فصل الهجرة الواحد، فهو 15 فرداً من أنواع النسر المصري والنسر الأسمر والنسر الأسود. وهذا يعني 30 فرداً تقريباً في السنة. وإذا ما استمرت هذه الحال على ما هي عليه، فإن النسور لا شك سوف تتسارع بشكل مخيف نحو الانقراض، ذلك لأن أعدادها أصلاً قليلة لوجودها على رأس الهرم الغذائي. أما السبب الثالث الموجود على خط هجرتها في بلدان الشرق الأوسط وصولاً إلى أفريقيا، فيتمثل بخطوط التوتر العالي والمتوسط المنتشرة من دون عوازل كهربائية أو مع عوازل رديئة. فعندما تقف النسور على الأعمدة الشاهقة لترتاح أو تنظر من حولها باحثة عن جيفة هنا أو هناك، فإنها بجناحيها اللذين يبلغان معاً أكثر من مترين تلامس الكابلات والعمود معاً ويحدث الصعق بالكهرباء وتقع ميتة. وعن السبب الرابع فهو الارتطام بمراوح الهواء المعدة لإنتاج الكهرباء والتي ترتفع عن الأرض لتصل إلى علو 180 متراً. وهناك مزارع هواء في بعض دول الشرق الأوسط مثل الأردن ومصر، أما في لبنان فإن المزارع ستصبح قريباً موجودة في مناطق الرياح في جبال عكار، حيث الدراسات المتعلقة بالأثر البيئي قائمة على قدم وساق. والخطر هنا هو أن النسور قد ترتطم بالمراوح مثل غيرها من الطيور، ولكن حظها بالارتطام أكبر من غيرها لأنها قد تكون على ارتفاع أعلى بكثير من مراوح الهواء عندما تشاهد طيوراً ميتة على الأرض، سبق وارتطمت بالمراوح، فتنزل لالتهامها ولكن ارتطامها بالمراوح يكون عالي النسبة والعدد، خصوصاً لأنها تعطي إشارة لأترابها لحضور الوليمة قبل نزولها، الأمر الذي سيزيد نسبة النفوق.
(متخصص في علم الطيور البرية)