الخضر... عندما يحاول الاحتلال كبح انتفاضة الشبان

15 اغسطس 2018
الاحتلال في مواجهة شبان الخضر (موسى الشاعر/ فرانس برس)
+ الخط -

في البلدة المسماة نسبة إلى مقام الخضر، يعيش نحو 18 ألف نسمة يعتمدون في حياتهم على الزراعة. وتشتهر بلدة الخضر بكروم العنب، في حين تمتدّ مساحتها على 22 ألف دونم التهم جدار الفصل العنصري 20 ألفاً منها.

بلدة الخضر الواقعة إلى غرب مدينة بيت لحم في الضفة الغربية المحتلة، تُعَدّ من النقاط الساخنة في المواجهة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي التي تحاول كبح جماح انتفاضة شبّانها الذين يستهدفون مركبات المستوطنين التي تمرّ في الشارع الاستيطاني رقم 60 الذي يربط القدس بجنوب الضفة الغربية.

يمرّ الشارع بجوار البلدة بمحاذاة جدار الفصل العنصري الذي عزل الخضر عن مدينة القدس، وهذا ما يجعل الشبان الفلسطينيين يخرجون بصورة متواصلة لرشق مركبات المستوطنين بالحجارة وكذلك بالزجاجات الحارقة. وفي ذلك تعبير عن إصرار الشبان على مواصلة الانتفاضة الشعبية في بلدتهم رفضاً للاحتلال والاستيطان.

ويواصل ضباط قوات الاحتلال تهديد أهالي البلدة باتخاذ خطوات عقابية في حال تواصلت عمليات رشق الحجارة ومهاجمة مركبات المستوطنين، فهم يريدون إنهاء حالة المقاومة الشعبية بالتخويف، لا سيّما في صفوف الشبان والأطفال وعوائلهم. ويؤكد منسق اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في البلدة، أحمد صلاح، لـ"العربي الجديد"، أنّ "هذه المحاولات لا تنجح، والدليل هو استمرار عمليات رشق الحجارة". ونجل صلاح كان قد اعتقل في بداية العام الجاري مع صديقَيه بالقرب من جدار الفصل العنصري. يضيف أنّ "الاحتلال يحاول من خلال عمليات الاعتقال ترويع بقية الأطفال والفتية، ومنعهم من التوجه إلى الشارع الاستيطاني ورشق الحجارة". يُذكر أنّ سلطات الاحتلال اعتقلت منذ بداية العام الجاري، نحو 18 فتى من البلدة كمحاولة لردع الآخرين، لكنّ الأمر لم ينجح بحسب صلاح. ويوضح أنّ "عمليات رشق الحجارة تتواصل حتى اليوم، الأمر الذي جعل ضباط الاستخبارات يتّجهون نحو تهديد أبناء البلدة بشكل جماعي".




خلال الشهر الماضي، ألقى ضباط الاحتلال مناشير تحمل تهديداً لأهالي الخضر، مفادها أنّ قوات الاحتلال سوف تقتحم منازلهم وتعيث فيها خراباً، في حال تواصلت عمليات رشق الحجارة، وأنّ الاحتلال سوف يلجأ إلى إجراءات عقابية إضافية إذا لم يوضع حدّ لمهاجمة المستوطنين. ويؤكد صلاح أنّ "الاحتلال ينفّذ جملة من الخطوات العقابية، إذ إنّ أهالي الخضر لم يكترثوا لتلك المناشير ولم يتغيّر شيء على أرض الواقع. وراحت قواته تقتحم منازل القرية وتعمد إلى تحطيم محتوياتها وتخريبها، لا سيّما المنازل القريبة من جدار الفصل العنصري والشارع الاستيطاني. ولا تتردّد قوات الاحتلال في إبلاغ أصحاب المنازل مباشرة أنّ الاقتحام جاء عقاباً لعمليات رشق الحجارة".

في السياق، يهدّد ضباط الاستخبارات بهدم المنازل المبنية في المناطق المصنفة "سي" وفق اتفاقية أوسلو، في حال لم يمتنع الشبان عن رشق الحجارة. كذلك يهدّدون بأنّهم سوف ينصبون كاميرات مراقبة على أسطح منازل معيّنة، في حين استولوا أخيراً على منزل بعد طرد ساكنيه بحجة استخدامه كنقطة عسكرية لمراقبة الشارع الاستيطاني ومنع الشبان من مهاجمة مركبات المستوطنين.

وقوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم بلدة الخضر بصورة شبه يومية، لمطاردة الشبان، فتكثر عمليات الكرّ والفرّ في انتفاضتهم ضد الاحتلال والمستوطنين. وكلّما اقتحمت تلك القوات القرية، تندلع المواجهات على الفور مع الشبان الذين يحاولون التصدي لها بينما تطلق هي قنابل صوتية وأخرى من الغاز المسيّل للدموع. ويلفت صلاح إلى أنّ "قوات الاحتلال تقتحم في بعض الأحيان البلدة من دون أن تكون مواجهات مع الشبان، وتطلق الغاز المسيل للدموع في اتجاه المنازل بطريقة متعمدة من ضمن سياسة العقاب الجماعي. كذلك تنصب حواجز عسكرية بصورة شبه يومية على مداخل البلدة، وتعمد إلى تفتيش المركبات والتدقيق في هويات الأهالي وتأخيرهم لبعض الوقت".




بالقرب من الخط الاستيطاني، تقع مدارس البلدة، الأمر الذي يجعل تلك المنطقة دائمة السخونة في مواجهة قوات الاحتلال المتمركزة دائماً هناك. وتتعرض تلك المدارس للاقتحام، في خطوة تهدف قوات الاحتلال من خلالها إلى تخويف تلاميذ المدارس، لا سيّما الصغار منهم. يُذكر أنّ الاقتحام يطاول باحات المدارس، وفي بعض الأحيان غرف الصف، في حين يتلقّى التلاميذ تهديدات بالاعتقال في حال رشقت الحجارة من مدارسهم. لكنّ الأطفال لا يأبهون لتلك التهديدات، وغالباً ما تتبع عمليات الاقتحام مواجهات رافضة لذلك.

ويشدّد صلاح على أن "تهديدات قوات الاحتلال وإجراءاتها العقابية لم تنجح في كبح جماح انتفاضة شبّان البلدة، على الرغم من أنّ الأمر وصل إلى حدّ التهديد بهدم المنازل القريبة من الجدار. وهو ما يجعل الخضر نقطة تماس وحالة عامة تعبّر عن انتفاضة الشارع الفلسطيني الذي يرفض الاحتلال بأشكاله كافة".