تفاصيل "كارثة المتوسط" تزيد الضغوط على أوربا

22 ابريل 2015
نحو مليون شخص ينتظرون دورهم (العربي الجديد)
+ الخط -

تضاعفت الضغوط على الحكومات الأوروبية، أمس الثلاثاء، لتعالج أزمة المهاجرين في المتوسط، قبل قمة طارئة مخصصة لهذه المسألة، وذلك مع بدء الكشف عن تفاصيل مروعة لمقتل المئات في حادثة الغرق الأخيرة.

وتتوالى الانتقادات لقادة أوروبا بخصوص الاستهتار بأرواح عرب وأفارقة، بعد تأكيد مقتل نحو 800 مهاجر غير شرعي من بينهم أطفال، عند غرق مركبهم في ظروف مروعة قبالة سواحل ليبيا الأحد.

وكان عدد من المهاجرين محتجزين في الطبقة المتوسطة من المركب الذي يبلغ طوله 20 متراً بحسب شهادات ناجين، قبل أن ينقلب عند اصطدامه بسفينة برتغالية.
وقال المفوض الأعلى لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة زيد رعد الحسين، إن الحادث نتيجة "غياب هائل في التعاطف" من قبل الحكومات الأوروبية.

حمولات الموت مستمرة
وأوضح المحققون أن المهاجرين دفعوا مبالغ تراوح بين 500 وألف دينار ليبي (330 إلى 600 يورو) ثمناً لتهريبهم، وقد بقي بعضهم محتجزاً لمدة شهر في مصنع مهجور قرب طرابلس قبل نقلهم عبر مجموعات صغيرة إلى المركب.
وأفاد شاهد أن رجلاً تعرض لضرب مبرح لأنه ابتعد عن الآخرين لقضاء حاجته.

وأفادت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في إيطاليا كارلوتا سامي "أجرينا مقارنات بين إفادات (الناجين)، كان هناك أكثر بقليل من 800 شخص على متن المركب،

بينهم أطفال تراوح أعمارهم بين 10 و12 عاماً. كان هناك سوريون، ونحو 150 إريترياً، وصوماليون... لقد أبحروا من طرابلس السبت في الساعة الثامنة".
وأشارت إلى أن غالبية الركاب من الشبان، موضحة أنه يبدو أن بعضهم فقد أصدقاء أو أقرباء في حادثة الغرق.

ويتلقى الناجون من حادثة الأحد، من مالي وغامبيا والسنغال والصومال وإريتريا وبنغلادش، العلاج في مراكز قرب كاتانيا على ساحل صقلية الشرقي.

وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة الثلاثاء أن أكثر من 1750 مهاجراً قتلوا في المتوسط منذ مطلع العام، وهو عدد أكبر 30 مرة من حصيلة الفترة نفسها من 2014.

ورغم ذلك، يستمر تدفق المهاجرين غير الشرعيين. فقد أعلنت البحرية الإيطالية الثلاثاء إنقاذ 446 مهاجراً بينهم 59 طفلاً و95 امرأة.
ولاحظ عناصر البحرية أن المياه بدأت بالتدفق إلى المركب عندما باشروا إغاثة الركاب على بعد 150 كلم من شواطئ منطقة كالابريا، جنوب إيطاليا.

وأنقذ خفر السواحل الإيطالية الإثنين 638 مهاجراً، كانوا على متن ستة زوارق مطاطية خلال ست عمليات منفصلة، بعضها كان على مسافة 60 كلم من السواحل الليبية.

وأعلن الادعاء في كاتانيا (صقلية) الثلاثاء، أنه واثق من أن قبطان المركب مسؤول عن الأخطاء في القيادة والسماح بركوب عدد من الأشخاص يفوق سعة المركب.

وسيمثل القبطان التونسي الجنسية محمد علي مالك (27 عاماً) أمام قاضٍ الجمعة، مع أحد أفراد المركب من أصل سوري ويدعى محمود بخيت (25 عاماً)، أوقف أيضاً بعد الكارثة.
وتتضمن لائحة الاتهامات إلى القبطان، بحسب النيابة، الغرق غير العمد والقتل المتعدد غير العمد وتشجيع الهجرة غير الشرعية، فيما يواجه بخيت اتهامات بتشجيع الهجرة غير الشرعية.

اقرأ أيضا: كرونولوجيا ضحايا البحر... والمسؤولية الأوروبية

رد عالمي
وأمام فظاعة الكارثة، دعا مجلس الأمن الدولي إلى رد عالمي معزز لمشكلتي الهجرة والاتجار بالبشر، معرباً عن دعمه لدول جنوب أوروبا التي تعاني نتيجة تدفق اللاجئين.
ودعا رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، إلى "تضامن مالي" مع الدول التي تتحمل عبء المهاجرين.
وأكد أن "خطاب التعاطف" وحده لا يكفي، وذلك خلال زيارة إلى النمسا التي يؤيد مستشارها فيرنر فايمان إنشاء مخيمات لاجئين كبيرة في شمال أفريقيا لإيواء المهاجرين واللاجئين.

ودعا رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون إلى وقف ما سماه "حمولات الموت"، فيما أوردت صحيفة ذي تايمز أن بريطانيا تدرس إرسال سفينة حربية للمساعدة في أعمال الإنقاذ.
وحض الرئيس الفرنسي أوروبا على "الذهاب أبعد بكثير" في معالجة أزمة المهاجرين، مكرراً الدعوة إلى تكثيف المراقبة البحرية والجوية للمتوسط.
ووصف رئيس الحكومة الإيطالي ماتيو رينزي المهربين بأنهم تجار رقيق من القرن الثامن عشر.

خطة الـ 10 نقاط
وقرر الاتحاد الأوروبي الإثنين عقد قمة استثنائية غداً الخميس، من أجل مواجهة مأساة المهاجرين في البحر المتوسط، وذلك بعد سلسلة من حوادث الغرق أوقعت مئات القتلى منذ مطلع العام.

كذلك اقترح خطة من 10 نقاط تنص على زيادة بمقدار الضعف للأموال المخصصة لمهمة "ترايتون" للمراقبة البحرية، والتي سيكون بإمكانها القيام بدوريات على نطاق أكبر وسيتعيّن عليها المشاركة في عمليات الإنقاذ.


وتنص الخطة على ضبط وتدمير القوارب التي يستخدمها المهربون، لكن يجب أن تحصل هذه النقطة على موافقة الأمم المتحدة وإقناع بعض الدول المترددة، لا سيما بريطانيا.

ويعتقد مسؤولون إيطاليون أن أعداد المهاجرين الذين ينتظرون المراكب في ليبيا للتوجه إلى أوروبا، قد تصل إلى نحو مليون شخص.
وغالبية هؤلاء من الفارين من الحرب الأهلية في سورية أو من الاضطهاد في مناطق مثل إريتريا، فيما يبحث آخرون عن ملجأ للفرار من الفقر والجوع في أفريقيا وجنوب آسيا بهدف ضمان مستقبل أفضل في أوروبا.

ويشجع هذه الرؤية رئيس الحكومة الأسترالية توني ابوت الذي قال إنه على أوروبا أن تحذو حذو بلاده التي ترد المهاجرين في عرض البحار لتفادي المأساة، على غرار ما حصل الأحد.

اقرأ أيضا:
هل تغلق القارة الأوروبية حدودها بوجه اللاجئين؟
تأكيد مقتل 800 مهاجر في أسوأ كارثة من نوعها