التهجير لحلّ الخصومة بين القبائل في ليبيا

13 أكتوبر 2014
نازحو ليبيا في الداخل نحو 65 ألف نازح (الأناضول)
+ الخط -

تداولت وسائل الإعلام العالميّة موضوع تهجير قرى وقبائل ليبيّة، على خلفيّة موقفها من ثورة 17 فبراير/ شباط 2011، والتي كانت قد انقسمت حولها المدن والقرى والقبائل ما بين مؤيّد ومعارض. وتقدّر منظمة العفو الدوليّة عدد النازحين داخلياً في ليبيا، بحسب بيانات سلطات محلية، بنحو 65 ألف نازح، إضافة إلى أهالي تاورغاء المُقدّر عددهم بنحو 40 ألف نازح.

أهالي تاورغاء تركوا مدينتهم اختياراً وليس إجباراً، غير أن النتيجة واحدة. فهم قد يتعرّضون للانتقام على أيدي كتائب مصراتة بسبب تطوّع عدد كبير من أبناء تاورغاء مع كتائب القذافي، بالإضافة إلى ارتكاب هؤلاء المتطوّعين جرائم حرب وضدّ الإنسانيّة في مصراتة، جعلت من الصعب تقبّلهم كجيران في مدينة لا تبعد عنهم سوى 30 كيلومتراً.

كذلك، لم تشجّع المنظمات الدوليّة الخطوات التي قام بها وجهاء من مصراتة باتجاه المصالحة مع جيرانها، سواءً من تاورغاء القريبة أو بني وليد البعيدة، من خلال الإفراج عن سجناء من المدينتَين، وزيارة رئيس المجلس المحلي في تاورغاء لمصراتة في أثناء الإفراج عن 43 معتقلاً من تاورغاء.

لكن ما تغفله الصحافة العالميّة والمنظمات الحقوقيّة، هو أن أسلوب التهجير يمثّل إحدى المعالجات التي لجأ إليها الليبيّون طوال حكم العقيد معمّر القذافي، بخاصة عندما تصل إلى مرحلة القتل، حيث تقوم عائلة القاتل، بناءً على طلب القبائل أو من دونه، بترك المدينة التي تقطنها أو القرية التي وقعت فيها جريمة القتل.

وتلجأ القبائل الليبيّة، بخاصة في شرق البلاد وجنوبها، إلى هذا الأسلوب لحين حلّ المشكلة عن طريق ما يُعرف بـ"الميعاد"، وهو لقاء تصالحيّ عُرفيّ يجري بين القبيلتَين اللتَين وقع بينهما الاقتتال، وذلك برعاية قبائل كبرى. وقد ينتهي ذلك إلى نزوح عائلة القاتل لمدّة محدّدة ومن ثم العودة إلى موطنها، بعد أخذ ضمانات من قبيلة القتيل بعدم التعرّض لها ووضع شروط جزائيّة، تكون في الغالب مبالغ ماليّة مرتفعة، أو اتفاق على عدم عودة أسرة القاتل إلى موطنها بشكل نهائي.

وقبل أيام قليلة، على سبيل المثال، نشبت معركة بالسلاح بين منتمين إلى قبيلة الفرجان وآخرين من قبيلة المغاربة في مدينة إجدابيا (160 كلم غربي بنغازي)، بسبب خلاف على أراضٍ قبليّة، فسقط ثلاثة أشخاص من قبيلة المغاربة وشخص واحد من قبيلة الفرجان. وعلى الفور، جرى تهجير كل أقارب المقتول من مدينة إجدابيا، وخرجت أصوات من داخل قبيلة المغاربة بضرورة إخراج كل مَن ينتمي إلى قبيلة الفرجان من إجدابيا.