استغلال الصغيرات عبر الإنترنت "أزمة وطنية" في بريطانيا

17 يناير 2020
الجميع معرض للخطر (Getty)
+ الخط -
أزمة خطيرة يعيشها المجتمع البريطاني، والسبب الرقابة الضعيفة على استخدام الصغار للإنترنت، إذ بات مصيدة للفتيات، حتى الصغيرات جداً منهن، لتصويرهن بأوضاع غير لائقة وابتزازهن ما قد يؤدي إلى تدمير حياتهن

تتعرض الفتيات الصغيرات، اللواتي تتراوح أعمارهن بين 11 عاماً و13 عاماً، في بريطانيا، للخداع والاستغلال والإكراه على ممارسة الجنس بشكل متزايد عبر كاميرات الويب الخاصة بهن. وتقول مؤسسة "إنترنت ووتش فاونديشن" المعنية بمراقبة الإنترنت، إنّ 80 في المائة من صور "السيلفي" الجنسية التي وجدت على صفحات الإنترنت، هي صور اعتداء جنسي على أطفال في هذه الأعمار.

العام الماضي، عملت المؤسسة على 37 ألف صورة نشرها المراهقون بأنفسهم، وتبين أنّ نحو 30 ألفاً منها كانت صوراً لأطفال من هذه الفئة العمرية. وفي هذا الشأن، تقول الرئيسة التنفيذية للمؤسسة، سوزي هارغريفز، إنّ عدد الحالات كان ينمو بمعدل ينذر بالخطر. وتلفت إلى أنّه غالباً ما شوهد الأطفال وهم ينظرون إلى الكاميرات ويقرأون الرسائل التي تطلب منهم القيام بشيء ما والامتثال لذلك. وتكمل أنّ معظم الصور تعود لفتيات في منازلهن. وهي ترجّح أن تكون صورا ومقاطع فيديو لفتيات تم خداعهنّ فيها وإرغامهنّ على الأداء الجنسي عبر كاميرا الإنترنت، حتى باتت القضية أشبه بأزمة وطنية.



تتابع هارغريفز أنّ الضحايا الأصغر سناً يزدادون عدداً، مع قدرة المزيد منهم على الوصول إلى الكاميرات المتصلة بالإنترنت عبر هواتفهم، ومن غرف نومهم. وتقول إنّ من الطبيعي أن يكونوا ضعفاء في هذه السنّ، فهم ما زالوا في مرحلة النمو الجسدي ويفتقرون إلى النضج العاطفي لفهم ما يجري، وبمجرّد القول لهم إنّهم جميلون، يشعرون بالاطمئنان وغالباً ما يعتقدون أنّهم على علاقة عاطفية بشخص ما.

تواصلت "العربي الجديد" مع "الجمعية الوطنية لمنع القسوة ضد الأطفال (NSPCC)" للتعرّف على كيفية توفير حماية أفضل للأطفال عبر الإنترنت. يقول مسؤول سلامة الأطفال، في الجمعية، آندي بوروز، إنّ كثيراً من هذه الصور التي ينشرها الأطفال بأنفسهم، تكون نتيجة إغوائهم والتغرير بهم على الشبكات الاجتماعية. يكمل أنّه بمجرد قيام المعتدي بإرغام فتى أو فتاة يافعة، على التقاط هذه الصور أو مقاطع فيديو، يفقد الطفل السيطرة على من قد يشاهدها أو من يشاركها ويمكن أن يُبتزّ بها لإرسال المزيد. يتابع أنّ هناك حاجة ماسّة إلى توفير نظام رعاية شامل من قبل الحكومة لمعالجة هذه المشكلة الرهيبة، وهو نظام يجبر شركات التكنولوجيا على إبقاء الأطفال في أمان عند استخدام الإنترنت.

بدوره، يقول غاريث هيل، من المكتب الإعلامي للجمعية، إنّ موقعها الإلكتروني، يوفّر معلومات حول كيفية حماية الأطفال من التلاعب بهم عبر الإنترنت. وبالفعل، يلفت الموقع إلى علامات قد تشير إلى تعرّض الأطفال، للاستغلال، ومن بين ذلك إمضاء وقت أكثر بكثير أو أقل من المعتاد عبر الإنترنت أو إرسال رسائل نصية أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يبدو الطفل بعدها مستاءً أو غاضباً. كذلك، حين يحاول أن يبقي تواصله سرياً ولا يكشف عن اسم الشخص الذي يتحدّث إليه. وعند العثور على رسائل إلكترونية أو نصوص أو أرقام هواتف جديدة بكثرة على هواتف الأطفال أو أجهزة الكومبيوتر الخاصة بهم.

تتشابه بعض أنواع الاستغلال عبر الإنترنت، مع تلك التي نواجهها في أماكن أخرى. فالتعرَض للتنمر على سبيل المثال، هو سلوك يؤذي الشخص، ويمكن أن يحدث في أي مكان، في المدرسة وفي المنزل. وعادة ما يتكرر على مدى فترة طويلة من الزمن ويمكن أن يؤذي الطفل جسدياً ونفسياً.

من الضحايا، فتاة تروي لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" معاناتها بعدما أرسلت صورة عارية عبر الإنترنت لشخص زعم أنّه امرأة توظّف عارضات أزياء. تقول الضحية، التي كانت في الثالثة عشرة من عمرها آنذاك: "بعد إرسالي تلك الصورة، تغير سلوك ذلك الشخص تجاهي بالكامل". تضيف أنّها أُجبرت على إرسال مزيد من الصور وعنوان منزلها إلى هذا الشخص، بعد تهديدها بطباعة الصورة الأولى التي أرسلتها ونشرها بالقرب من مدرستها إن لم تمتثل للأوامر.

الضحية التي تجرّأت على الإفصاح عمّا جرى لها بعد سنوات، أخبرت "بي بي سي" أنّ رجلاً جاء إلى منزلها، واعتدى عليها جنسياً في غرفة نومها والتقط مزيداً من الصور. لم تدرك في ذلك الوقت أنّ الجاني الذي جاء إلى المنزل كان هو الشخص نفسه الذي كانت تتحدث إليه عبر الإنترنت.




في هذا الإطار، تحث هارغريفز الشباب الذين قد يتعثرون بمثل هذه الصور لأطفال دون السن القانونية، أثناء مشاهدتهم لمواد إباحية عبر الإنترنت، على الإبلاغ عنها لإنقاذ كثير من ضحايا الاعتداء الجنسي على الأطفال. وتلفت إلى أنّ الإبلاغ يمكن أن يتم بسرعة وأمان ومن دون التعرّف على مقدّم البلاغ الذي بإمكانه أن يبقى مجهولاً.
دلالات
المساهمون