النزوح يتواصل في شمال غرب سورية وانتقادات حقوقية دولية

27 فبراير 2020
ظروف النازحين قاسية جداً (بوراك كارا/Getty)
+ الخط -
تتواصل الكارثة الإنسانية في شمال غرب سورية، مع استمرار قصف قوات النظام السوري المناطق بالمدفعية الثقيلة والبراميل المتفجرة، بالتزامن مع الغارات الجوية التي تشنها الطائرات الحربية الروسية على المدن والبلدات والتي تستهدف المدنيين والبنى التحتية، إذ تهدد عمليات القصف العملية التعليمية بشكل مباشر كما هي الحال في مدينة إدلب.

وكانت مديرية التربية والتعليم في إدلب، قد أعلنت، الأربعاء، تعليق الدوام في جميع مكاتبها ومراكز التوجيه التابعة لها افي مدينة إدلب والريف المجاور لها، وذلك حفاظاً على أرواح الكادر التعليمي والمراجعين من الاستهداف المتعمد من قبل الطيران الحربي الروسي وطيران النظام.

في السياق، قالت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، هبة مرايف: "يجب أن تكون المدارس أماكن آمنة للأطفال للتعلم واللعب، حتى في مناطق الصراع. إنّ استهداف المدارس ورياض الأطفال المستخدمة لأغراض مدنية بمثابة جريمة حرب". وجاء ذلك عقب إصابة 10 مدارس من جراء القصف في ريفي إدلب وحلب. أضافت مرايف: "بعد مضيّ ثماني سنوات على الأزمة، تواصل الحكومة السورية إظهار عدم اكتراثها المطلق بقوانين الحرب وحياة المدنيين. تشكل هذه الهجمات جزءاً من نمط راسخ لمهاجمة السكان المدنيين بشكل ممنهج، وتشكل جرائم ضد الإنسانية، فضلاً عن كونها جرائم حرب". ودعت مرايف، روسيا والنظام السوري إلى وقف جميع الهجمات المباشرة ضد المدنيين، بالإضافة إلى وقف الهجمات العشوائية وغيرها من الانتهاكات الجسيمة، مطالبة بتقديم من يأمرون بارتكاب جرائم ومنفذي الجرائم تلك للعدالة في محاكمات عادلة.

في المقابل، سجلت حركة نزوح جديدة للمدنيين الذين كان جزء منهم قد بقي في مناطق سهل الغاب في ريف حماة الغربي وأجزاء من ريف إدلب الجنوبي خلال الأيام الماضية مع بدء النظام هجمات برية جديدة على المنطقة مدعوماً من القوات الروسية والمليشيات الإيرانية.

وفي هذا الخصوص، قال مدير فريق "منسقو استجابة سورية" محمد حلاج لـ"العربي الجديد": "من غير المعقول أن يبقى مدنيون في المناطق التي يحاول النظام السيطرة عليها. في الأصل، مناطق سهل الغاب والريف الجنوبي لمحافظة إدلب ليست فيها أعداد كبيرة من المدنيين، وبالنسبة للتعامل مع النازحين الجدد من هذه المناطق، سيكون مماثلاً لما جرى مع النازحين  قبلهم من بقية المناطق". وأضاف: "لا أحد قادر على تقديم شيء للنازحين. كلّ ما يجري عبارة عن تعهدات واجتماعات للأسف، والاستجابة للنازحين سيئة إلى حدّ كبير، وفي كلّ مرة نعيد الكلام نفسه ولا جديد في هذا الخصوص، والاستجابات ضعيفة ولا تقاس بحجم الكارثة حقيقة".

ألم النزوح المتجدد يلاحق محمد أحمد، فقد غادر بلدة الهبيط قبل أشهر إلى مدينة معرة النعمان، لينزح منها مجدداً قبل سيطرة النظام عليها بأسابيع في 29 يناير/ كانون الثاني، فوصل إلى مدينة أريحا وأجبر قبل أسابيع على النزوح منها مع اشتداد قصف الطائرات الحربية الروسية عليها.

يقول لـ"العربي الجديد": "أنا سعيد بالرغم من كلّ ما جرى لي ولعائلتي، فرحتي بتحرير سراقب أزاحت عن كاهلي وساوس التفكير بحالي، وأنا أتضرع بالدعاء أن تتحسن حالنا، ومن أفضل ما حدث مؤخراً أنّ درجات الحرارة ارتفعت وانقطع المطر. الخوف من نزوح جديد بعد وصولي إلى ريف إدلب الشمالي كان يلاحقني ويلاحق والدي على الدوام. أتمنى أن ينجلي هذا الخوف نهائياً".

وسجلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير صادر عنها الخميس، ما لا يقل عن 492 هجوماً بذخائر عنقودية منذ أول استخدام موثَّق لها في يوليو/تموز 2012 حتى 25 فبراير/ شباط 2020. ووثق التقرير تنفيذ النظام السوري 248 منها، فيما نفَّذت القوات الروسية 236.
وتسبَّبت تلك الهجمات في مقتل 1030 مدنياً بينهم 382 طفلاً و217 سيدة، كما تسبَّبت في إصابة قرابة 4350 مدنياً، عدد كبير منهم تعرَّض لبتر في الأطراف ويحتاجون إلى أطراف صناعية وسلسلة من عمليات إعادة التأهيل والدعم. وذكرت الشبكة في تقريرها أيضا أنَّ ما لا يقل عن 357 مدنياً من بينهم 107 أطفال من الجنسين، و31 امرأة، قتلوا إثر انفجار ذخائر فرعية تعود إلى هجمات سابقة بذخائر عنقودية.

المساهمون