لم يجد السوري أسامة علوش، صاحب مطعم "عاشور" في منطقة الفاتح بإسطنبول، أي رابط بين إتلاف الأتراك نحو 5 ملايين قطعة خبز "إكميك" يومياً، وبين انتشار الخبز السوري بكثرة في تركيا، معتبراً أن أرقام تلف الخبز التركي قديمة، لأن الأفران تنتج الكمية نفسها بصرف النظر عن رواجها أو كسادها، مشيراً إلى أن الخبز التركي لا يمكن تدويره أو تخزينه كما الخبز السوري.
وقال علوش لـ"العربي الجديد"، إنّ الأتراك لم يعتادوا على الخبز السوري بعد، رغم أن بعضهم بدأ باستهلاكه، نظراً لرخص سعره مقارنة بخبز الأتراك، فضلاً عن إمكانية تخزينه لأيام عدة.
لكنّ مؤسس أول مخبز سوري في تركيا، نزار البيطار، أكد لـ"العربي الجديد"، أنّ للخبز السوري دورا كبيرا في كساد الخبز التركي وزيادة كميات التلف يومياً، مشيراً إلى أن الخبز التركي لا يحتمل التخزين وفيه مواد كيماوية، كما يحتوي على نسبة عجين عالية تصل إلى نحو 60 بالمائة من زنة القطعة.
وأضاف بيطار، أن نحو 30 بالمائة من زبائن فرنه ومحلات التسويق، هم من الأتراك، معتبراً أن السبب الأهم في توجّه الأتراك إلى الخبز السوري، يكمن في فارق السعر الكبير، إذ يتراوح سعر قطعة الخبز التركي بين ليرة وليرة ونصف، على حسب النوعية والشركة المصنّعة، رغم أن زنتها لا تتجاوز 250 غراماً، في حين يتراوح سعر"ربطة" الخبز السوري المؤلفة من 10 أرغفة وتزن نحو كيلوغرام، بين الليرتين وليرة ونصف الليرة، وهو ما يغري الأتراك ويشكل لهم توفيراً في المصاريف.
وأشار مؤسس أول فرن سوري في تركيا عام 2011، إلى أن عدد الأفران السورية التي افتُتحت في تركيا منذ عام 2011 حتى اليوم، تُقدر بنحو 120 فرناً سورياً موزعة على المدن التركية، خاصة التي يتواجد فيها السوريون بنسب كبيرة، كمدينة إسطنبول التي تضم نحو 32 فرناً سورياً، تم إغلاق بعضها أخيراً بسبب احتدام المنافسة والمخالفات، على حسب قول البيطار.
وكانت مجموعة من رجال الأعمال السوريين في مدينة إسطنبول، قد أسست، مطلع العام الجاري، نقابة للمخابز من أجل تنظيم عملية بيع وضبط أوزان الخبز السوري، بعد احتدام المنافسة وانتشار الأفران السورية في تركيا.
وبدأت مشكلة إتلاف الخبز التركي تتصاعد في تركيا، نظراً لأسعارها العالية "5 ملايين ليرة يومياً"، ومقارنة البعض هذا الإتلاف بواقع انتشار الجياع في دول الربيع العربي وحول العالم، داعين الدولة التركية إلى إعادة النظر وتخفيف هذا الهدر غير المبرر، وتوجيه الخبز أو ثمنه لمن لا يجد طعاماً.
وقال رئيس اتحاد الخبازين في تركيا، خليل إبراهيم بالجي، إنّ مجموع قطع الخبز يومياً في تركيا هو 91 مليون قطعة، تتلف 5 ملايين منها، في الوقت الذي يوجد فيه 850 مليون شخص في العالم يعانون من سوء التغذية، وأكثر من 10 ملايين شخص أزهقت أرواحهم بسبب قلة الغذاء.
وشدد باجلي على ضرورة التوفيق بين الإنتاج والاستهلاك، لأن الهدر يؤثر على اقتصاد البلاد ويفقد الأتراك مئات ملايين الدولارات سنوياً بسبب إتلاف الخبز.
وحول طرق تخفيض الهدر الهائل، أوضح بالجي بأن اتحاد الخبازين في تركيا، يقوم حالياً بحملة واسعة للقضاء على الهدر في استخدام الخبز في عموم البلاد، ونجحت الحملة في التقليل من نسبة الهدر من خمسة ملايين قطعة خبز إلى مليون ونص قطعة خبز فائضة في عموم البلاد، و"سنعمل ما في وسعنا لتقليل هذا العدد إلى أقل ما يمكن" حسب تعبير بالجي.