السعودية: الطلاق بحجّة تكافؤ النسب يعود من جديد

19 أكتوبر 2016
ماتزال المحاكم السعودية تستقبل هذه القضايا(كافيه كزمي/Getty)
+ الخط -
ما إن تهدأ قضايا تفريق النسب في السعودية، حتى تعود مجدّداً وبقوّة، فعلى الرغم من تأكيدات وزارة العدل أكثر من مرة على أن هذا النوع من القضايا غير مقبول، وإعلانها عن إزالة أيقونة "دعوى فسخ النكاح لاختلاف النسب" من موقعها الإلكتروني، ما تزال المحاكم السعودية تستقبل هذه النوعية من القضايا.

وفي السياق، تم تسجيل أربع دعاوى جديدة لفسخ النكاح لذات السبب في الأشهر العشرة الماضية فقط، ولكن تحت مسمى الغش والتدليس في الزواج، وهو العذر الذي تمسك به قاضي المحكمة العامة في حكم الأسبوع الماضي بفسخ نكاح زوجين "دون رضاهما"، بحجة أنّ الزوج كذب على وليّ الزوجة في نسبه.


وقالت المحكمة إنّ "القاضي أصدر حكمه استناداً إلى ما ثبت لديه من قيام الزوج بالتدليس على الولي المعين من المحكمة من خلال عدم إظهار اسمه الكامل ونسبه الحقيقي عند التقدم لخطبة الفتاة، وبناءً على ذلك قام وليّ الزوجة بإتمام العقد على هذا الأساس الذي تبيّن عدم صحته لاحقاً"، وأضاف "كل ما ذكر في وسائل الإعلام كان يفتقد للدقّة، فالقضية تغرير وتدليس ولا علاقة لها بموضوع تكافؤ النسب".

قرار المحكمة جاء بالرغم من إنكار الزوج أمام القاضي أن يكون كذب على عائلة زوجته، إلا أن الأخير تمسك بحكمه.

في المقابل، اعتبر حقوقيون أن تبرير المحكمة كان غير مقنع، وشدّد الناشط الاجتماعي بدر السبهان، على أنه في نهاية الأمر تم التفريق بين زوجين لهما طفل، رغماً عنهما، لأن الزوج من عائلة يعتقد أقارب الزوجة الذين رفعوا الدعوى بأنها أقلّ نسباً منهم، وقال لـ "العربي الجديد" "هذا تفريق للنسب وليس لأي سبب آخر".


من جانبه، أكد الكاتب الصحافي في جريدة عكاظ، خالد السليمان، على أن حُجّة القاضي لم تكن مقنعة، مطالباً بسن قانون للأحوال الشخصية يكون أكثر دقّة، وقال"نحن بحاجة لقانون أحوال شخصية يكون موازياً لقانون الأحوال المدنية، لأن أحكام التفريق لا تأخذ بعين الاعتبار رأي الزوجة عند رفضها التفريق ورغبتها في الاستمرار بالحياة الزوجية، فلو طلبت الزوجة التفريق بدعوى غش وتدليس وخداع زوجها فإن تحقيق ذلك يكون مفهوماً كونها أحد طرفي العلاقة، كما أن معاقبة الزوج على غشه وتدليسه وخداعه يكون عادلاً، ولكن عندما تميل الأحكام لأعراف اجتماعية يفرضها أقارب الزوجة دون اعتبار لرغبتها، فإن ذلك يبدو مُربكاً خاصة عندما تثمر العلاقة الزوجية أطفالاً".

وكانت وزارة العدل في وقت سابق، أوضحت أن دعاوى من هذا النوع لم تعد مقبولة في القانون السعودي، وقال المتحدث الرسمي لها الشيخ منصور القفاري، إنّ "المستقر قضاءً أن المعتبر في الكفاءة بالنكاح كفاءة الدين وليس النسب، وأن الامتناع ابتداءً عن تزويج من لا يُرضى لنسب ونحوه، فهذا داخل في خيار الناس، وأما إبطال عقود شرعية صادرة عن رضا المرأة، وولي أمرها، بمثل دعوى أخ ونحوه رغم قبول المرأة وأبيها، فأمر غير صالح".

غير أن القضاة مازالوا ينظرون في تلك القضايا التي هي بحسب مختصين في القانون والشريعة بلا سند شرعي، مستفيدين من الصلاحية المطلقة التي منحها لهم النظام القضائي السعودي، وهو ما أكد عليه المحامي عبد الله الرجيب، الذي شدّد على أن القاضي لم يأخذ بقرارات وزارة العدل، كما أنه لم يأخذ بالسابقة القضائية التي ردّت فيها المحكمة العليا حكماً مماثلاً قبل عامين عندما قررت طلاق منصور وفاطمة للسبب ذاته.

وقال لـ "العربي الجديد" "الحكم الجديد باطل شرعاً، لأن تكافؤ النسب في المركز الاجتماعي وليس النسب العرقي، معتبراً أن القاضي حاول الاستدارة على إلغاء الطلاق بدعوى عدم تكافؤ النسب، لما اعتبره غشاً وتدليساً من الزوج"، ويتوقع الرجيب أن يتم ردّ الحكم الجديد، ولكن بعد أن يكون أساء لسمعة السعودية أمام العالم.

يذكر أن الشارع السعودي ضجّ قبل نحو عامين بقضية تفريق بين زوجين بحجة أن الزوج لا ينتمي لعائلة "قبيلية" مثل الزوجة، وعلى الرغم من رفض الزوجة للقضية التي رفعها أبناء عمومتها وإخوتها غير الأشقاء أمر القاضي بتفريق الزوجين غير عابئ بالطفلين اللذين كان يفترض أن يجمعا بينهما للأبد، وكانت الحجة أن الزوجة تنتمي لقبيلة عريقة بينما الزوج لا ينتمي لقبلية معروفة، وبالتالي هو غير لائق للزواج بها وهي لم تكن حالة فردية، فمنذ عام 2013 حتى اليوم تم النظر في 52 قضية مماثلة، وحتى بعد تأكيدات الوزارة رد هذا النوع من القضايا تم النظر في 12 حالة العام الماضي فقط.

 

دلالات