ناهد الشوّا: القصص تسكن آلام أطفال الحروب

04 اغسطس 2015
القراءة للطفل في عمر مبكر (فيسبوك)
+ الخط -
كتبت وأصدرت للأطفال ما يقرب من المائة كتاب حتى الآن، ومشوارها في عالم الكتابة للطفل مستمر، هي الكاتبة المتخصصة للأطفال، ناهد الشوّا، صاحبة دار نون للنشر. دفعها حبها للغة العربية إلى التوجه للطفل العربي بلغته، بكتابات تنمي حسّه الخيالي، وتشجعه على الالتفات للكتب واقتنائها.

بدأت الشوّا مشوار الكتابة منذ عمر صغير، ونشرت أول كتبها "همسات فتاة شرقية"، وهي في الـ22 من عمرها. وتقول: "بعد زواجي، صرت أبحث لأطفالي عن كتب مناسبة بمواصفات أطمح لأن أراها في كتب الأطفال العربية، لكنها كانت قليلة جداً، ففكرت في أن أكتب لهم. بدأت بأربع قصص تحكي يومياتي مع ابنتي، ونالت إعجاب الناشر، وبدأت قصتي مع الكتابة للأطفال، إلى أن صار لدي نحو 40 كتاباً قبل تأسيس الدار".

عن مدى تأثير القصة التي تصوّر الأجواء المثالية المغايرة لما يعيشه أطفال بلداننا العربية اليوم، لا سيما أطفال اللجوء والحروب، فتقول الشوّا: "قصص الأطفال وشخصياتها بمثابة مسكن الألم لهؤلاء الأطفال، وكان لي تجربة مع أطفال الملاجئ، الذين تعلقوا بالقصص وشخصياتها". وتشبّه القصة بالرحلة التي "تحمل الطفل من الواقع إلى عالم آخر من الخيال، إلى واقع مختلف، هذا الانتقال وهذه الرحلة بجزئها التأملي، هي رحلة نحو الفن ونحو الحياة". وتعتبر الكاتبة أن للقصة دورا علاجيا يفيد الأطفال وهم في خيم اللجوء أو الملاجئ، بحيث تتحول القصة ذاتها إلى ملجأ لهم "تنقلهم من واقعهم الصعب إلى عوالم أخرى جميلة ومفيدة ".


وتتحدث عن أهمية الكتاب الذي ينقل للطفل المثل العليا والأخلاق والإحساس بالعدالة والجمال، فتقول: "هكذا كتاب يصور للأطفال العالم المثالي الذي يتمنونه ويحلمون به، لذلك عندما يكبرون يسعون إلى المشاركة في جعل عالمهم جميلاً وأقرب إلى المثالية مثل القصص التي قرأوها، ويطبقون المفاهيم والقيم التي تربوا عليها وعرفوها منذ صغرهم".


دور القصة والكتاب في حياة الطفل

تؤكد الكاتبة ناهد الشوّا أن "القصة تطور شخصية الطفل وتنمي قدرته في الحكم على الأمور، كما أنها تهذب سلوكياته"، وتعتبر أن "الكتاب هو أحد أبواب معرفة الحياة وتوسيع الأفق وتنمية الخيال". وتشدد على تعويد الأطفال على القراءة والمطالعة، وعلى ضرورة وجود الكتاب بين يدي الطفل منذ صغره، لبناء علاقة دائمة واعتيادية بينه وبين الكتاب. وتقول: "لو ابتعد الأطفال في عمر المراهقة عن الكتاب، فإنهم سيعودون إليه لاحقاً، لأنهم يعرفون أهميته ويدركون قيمته في حياتهم".

ما يشجع الكاتبة على الاستمرار "هو قصة نجاح كتبنا وردة فعل الأطفال وأهلهم والمربين، في أجواء يغيب فيها مسرح الطفل، وكذلك التشجيع على القراءة، وعدم تفعيل للكتاب غير المنهجي"، وتعتبر أن الاهتمام منصبّ على نشر الكتب الدراسية التعليمية وليس كتب التثقيف والقصة.

وتأسف لعدم اهتمام معظم الأسر بتوجيه أطفالهم نحو القراءة، مؤكدة أن "واقع الأهل ونظرتهم إلى الكتاب والثقافة عموماً يتم نقلها إلى الأطفال بطريقة غير مباشرة، وإن لم تكن متوفرة أساساً، فالأطفال هم الخاسرون بالتأكيد".


مقاييس نجاح الكتاب

ترى الكاتبة ناهد الشوّا أنه "يصعب التنبؤ المسبق بمقاييس نجاح كتاب دون آخر، فقد نشرت كتاباً لي بعنوان "أحلام ورقة"، وهو من الكتب التي نالت جوائز، ولكن عند التسويق لم يلق الرواج المتوقع له".

وتضيف "ربما يبحث الأهل عن الكتب التي تعالج مواضيع القيم والمثل المباشرة لأولادهم، عناوين عن المشاركة والصدق والأمانة والمحبة... إلخ".

عن أهمية المسابقات التي تجريها المؤسسات الثقافية لأفضل كتاب للطفل، وأفضل قصة، وأفضل رسوم، تعتبر الشوّا أن "المسابقات تشجع على الارتقاء بمضمون الكتابة للطفل، واختيار الرسوم والإخراج الأكثر تميزاً، فالمسابقات والجوائز عنصر محفز للكاتب والرسام ودار النشر معاً".

تأسيس دار نون للنشر

بعد 10 سنوات من الكتابة للأطفال، أسست ناهد الشوّا مؤسسة دار كتب نون للنشر والتوزيع، وتقول: "قبل تأسيس الدار كنت أتابع كتبي من النص إلى الرسوم إلى التدقيق وحتى الإخراج. والدار جعلتني أضيف إلى تلك المهمات مهمة طباعة كتبي وتسويقها". وتتابع "خطوة تأسيس دار النشر في 2008 جاءت تبعاً للمثل القائل "ما حك جلدك إلا ظفرك"، ولكي أنتج كتاباً نوعياً وليس تجارياً، فمن غيري سيكون أكثر حرصاً على كتبي؟".

ومع اقتراب عدد كتبها المنشورة من المائة كتاب، ستواصل الكتابة للطفل وتقول: "أطمح إلى الاستمرار طالما لدي الرغبة والقناعة بأن ما أكتبه للطفل له مكان متميز بين الكتب الموجهة للأطفال".

اقرأ أيضاً:"مكتبة شعب شجراب".. مبادرة شباب السودان تضامناً مع اللاجئين

المساهمون