مصر: رقم قياسي لإصابات كورونا في يوم "شم النسيم"

20 ابريل 2020
مشهد لم يُسجَّل في هذا العيد (فايد الجزيري/ Getty)
+ الخط -


كشفت وزارة الصحة المصرية، مساء الإثنين، عن أعلى معدل إصابات يومي بفيروس كورونا حتى الآن، بتسجيل 189 إصابة جديدة، و11 وفاة، ليصل العدد الإجمالي للإصابات إلى 333، فضلا عن 250 وفاة، رغم قرار الحظر الشامل بمناسبة "شم النسيم"، في حين ارتفع عدد المتعافين إلى 821 بخروج 89 مصابا من مستشفيات العزل.
وطبقت الحكومة المصرية إجراءات خاصة خلال عطلة "شم النسيم" لمنع التجمعات، على رأسها وقف وسائل النقل العام، وحظر الحركة السياحية بين المحافظات، وغلق المنتزهات والشواطئ، ومنع دخول المدن الساحلية، والمناطق السياحية، وتطبيق حظر إضافي على المحال والمراكز التجارية.

وللمرّة الأولى، احتفل المصريون بـ"شمّ النسيم" في منازلهم، بعد أن اعتادوا في كلّ عام الاحتفال على كورنيش النيل، وفي الحدائق العامة والمتنزّهات في أجواء أسريّة يشارك فيها الملايين. لكنّ انتشار فيروس كورونا أجبرهم على ملازمة بيوتهم.

وفُرضت إجراءات أمنية مشددة عمدت الحكومة المصرية من خلالها إلى حظر التجوّل على كورنيش النيل وغلق كلّ الحدائق العامة والمتنزّهات، فضلاً عن تعطيل كلّ وسائل النقل الحكومية في المحافظات بما فيها قطارات ومترو القاهرة للحدّ من حركة المواطنين الذين لم يفوّتوا قطّ هذه المناسبة.
وللمرّة الأولى منذ افتتاحها، أغلقت حديقة الحيوان بمحافظة الجيزة أبوابها أمام الزائرين في شمّ النسيم منذ أمس الأحد، علماً أنّ هذه المناسبة تُعَدّ "موسماً كبيراً" للحديقة لتحقيق الأرباح. بالنسبة إلى العاملين في الحديقة فإنّ شمّ النسيم لا يقلّ أهميّة عن مواسم الأعياد الدينية، لجهة ارتياد المواطنين من كلّ الأعمار المكان للاستمتاع برؤية الحيوانات وقضاء الوقت في عدد من الحدائق في داخلها. في الإطار نفسه، أُغلقت مداخل القناطر الخيرية ومخارجها في محافظة القليوبية ونُصبت حواجز ثابتة ومتحرّكة حرصاً على تنفيذ حظر الدخول إليها منذ الساعات الأولى من صباح اليوم الإثنين وحتى غد الثلاثاء. أمّا رحلات المراكب النيلية فقد عُلّقت في كلّ المحافظات، فيما مُنع الناس من التوجّه إلى المناطق التي تشهد عادة إقبالاً كثيفاً في المناسبة، مثل الكباري فوق نهر النيل. وقد لوحظ تحرّك لسيارات الشرطة عند كورنيش القاهرة الكبرى وأمام عدد من الحدائق وفي الميادين العامة للتأكّد من تطبيق القرارات.

في سياق متصل، ألغى فيروس كورونا الحفلات الفنيّة في داخل البلاد، والتي اعتاد مطربون إحياءها بمناسبة شمّ النسيم في الفنادق والمناطق السياحية، خصوصاً في مناطق شرم الشيخ أو الغردقة والفنادق الكبرى. وأدّى تفشّي الفيروس إلى وقف حجوزات السيّاح والزائرين بمناسبة أعياد الربيع إلى حين الانتهاء من الأزمة الراهنة. كذلك أوضحت مناطق عدّة أنّ الحجوزات الصيفية التي تبدأ مطلع مايو/ أيار من كلّ عام سيتمّ إرجاؤها هي الأخرى، في حال استمرار الأوضاع الراهنة.



ويختلف شمّ النسيم في المحافظات المصرية عن باقي أيام السنة بالنسبة إلى الباعة المتجوّلين، فهو يُعَدّ موسماً بالنسبة إليهم لبيع منتجاتهم، سواء على الكورنيش أو في الحدائق والمتنزّهات أو على الكباري. وهؤلاء الذين يجرّون عرباتهم الصغيرة بثلاث عجلات كانوا يبيعون للمحتفلين المشروبات الساخنة والمثلّجة، والتسالي مثل اللبّ والفول السوداني والحمّص والترمس والذرة. كذلك تتوفّر ألعاب للأطفال ورسم على وجوههم. وفي هذا اليوم، كان يكثر المتسوّلون والمتسوّلات، فيما تُباع الورود للشبان والشابات. هذا كان في السابق، أمّا اليوم فقد عطّل كورونا كلّ شيء.

تجدر الإشارة إلى أنّ شمّ النسيم الذي يحلّ في اليوم التالي لعيد القيامة عند الأقباط، يُعَدّ كرنفالاً شعبياً يحتفل به المصريون المسلمون والأقباط والمقتدرون والغلابة كلّ بطريقته. فالفقراء ومحدودو الدخل غير القادرين على الاحتفال في النوادي الكبرى والمنتجعات وما إليهما، يقصدون المناطق الشعبية أو الأراضي الزراعية بالنسبة إلى أهل القرى، ويعمدون إلى تلوين البيض المسلوق ويتناولون الأسماك المملحة. لكنّ كلّ هؤلاء اضطروا إلى ملازمة بيوتهم والاحتفال في داخلها.

يخبر خالد محمود وهو موظف، أنّه وعائلته ينتظران هذا اليوم "من أجل فسحة على قدّ اليد والتنزّه على كورنيش القاهرة. لكنّ الظروف الحالية صعّبت علينا الأوضاع، لدرجة أنّنا امتنعنا عن شراء الأسماك المملحة واكتفينا بتلوين البيض كشكل من أشكال الفرح للأطفال المضطرين إلى البقاء داخل المنازل". من جهته، يقول عصام النوبي وهو موظف كذلك، "كنّا نستمتع بالفسحة والهواء وبألعاب الأطفال على كورنيش النيل، وكنا نحمل معنا بعض المأكولات والمشروبات الساخنة والباردة ونفرش الأرض بسجادة ونجلس حتى انتهاء اليوم في أجواء أسريّة. لكنّ كورونا غيّر أسلوب حياتنا، فاكتفينا بالجلوس في المنزل في سياق الحظر المفروض منذ شهر تقريباً". أمّا سلمى محمود وهي ربّة منزل، فتشير إلى أنّ "ليوم شمّ النسيم طقوسه الخاصة، فبعض الناس يحتفل به من خلال تناول الفسيخ وآخرون الرنجة، فيما يلجأ بعض آخر إلى تلوين البيض. لكنّ كورونا حرمنا كل هذا، ومُنعنا من الخروج والنزهات". وتؤكّد محمود أنّ "عيش شمّ النسيم هذا العام يختلف بشكل كبير عمّا كنّا نعيشه في الأعوام الماضية".



بالنسبة إلى منى السيد وهي ربّة منزل كذلك، فقد اشترت الفسيخ، تقول "تناولناه في المنزل مع أفراد العائلة بدلاً من الخروج، تطبيقاً لقرار منع التجمّعات"، مؤكّدة أنّ "الطقس الوحيد الذي لا يمكننا الاستغناء عنه هو تناول الأسماك المملّحة على الرغم من ارتفاع أسعارها هذا العام". أمّا مصطفى السيد وهو موظف في القطاع الخاص، فيخبر: "اعتدنا في كلّ عام الاحتفال بشمّ النسيم في البيت وإعداد مائدة للعائلة كلها، لكنّ هذا الأمر صار مرفوضاً هذا العام في ظلّ كورونا، بسبب الخوف من انتقال المرض من شخص إلى آخر في أيّ تجمّع. بالتالي احتفلنا وحدنا هذا العام من دون بهجة".
دلالات
المساهمون