إغلاق مدارس في جنوب أفغانستان

23 يناير 2019
في إحدى المدارس (أنطونيو ماسييلو/ Getty)
+ الخط -
في إقليم بكتيكا جنوب أفغانستان، يتمسك الأهالي بالأعراف والتقاليد إلى درجة كبيرة. وظلّ قطاع التعليم يتراجع شيئاً فشيئاً في ظل انشغال الناس بأمور حياتية، عدا عن غياب الاهتمام الحكومي وانتشار الفساد. سابقاً، كان ينعم الإقليم باستقرار أمني، وكان يضم عدداً من المدارس. إلا أن الوضع الأمني تدهور في الآونة الأخيرة.

وأدّى الاقتتال في مناطق مختلفة من الإقليم بين قوات الأمن الأفغانية والمسلّحين، إلى إغلاق عشرات المدارس الموجودة في هذا الإقليم. وهناك خشية من أن تزيد القبائل في المنطقة الأمور سوءاً، وأن يؤدي الوضع الأمني إلى إغلاق مزيد من المدارس.

وتؤكّد السلطات المحلية في الإقليم، إغلاق 35 مدرسة للبنين والبنات في الفترة الأخيرة، ومن ثم حرمان آلاف التلاميذ من الذهاب إلى المدارس والتعلم. وما من خطوات توحي بإيجاد حل للمعضلة، بل تتجه الأمور نحو الأسوأ. وهناك خشية من تفاقم الوضع سوءاً وإغلاق مزيد من المدارس.




في هذا الإطار، يقول مدير إدارة التعليم في الإقليم محراب الدين شفق، إن الأزمة كبيرة وتتفاقم أكثر، وقد أغلقت 35 مدرسة في مختلف مناطق الإقليم، وعدد أكبر في مديرية خوشمند. ويذكر المسؤول أن الحكومة المحلية تحاول من خلال زعامة قبلية فتح تلك المدارس، وإقناع الجماعات المسلحة السماح لها بفتح المدارس، باعتبار أن آلاف الأطفال محرومون من التعليم بعدما أغلقت المدارس أبوابها بسبب الوضع الأمني.

كما يذكر شفق أن التعليم للجميع ويفترض أن يكون جامعاً وبعيداً عن العداءات والمزايدات السياسية، وعلى جميع أطراف الصراع التعاون من أجل تثقيف الجيل الجديد، أن هذا هو الطريق الوحيد للخروج من المأزق الحالي. في هذا الصدد، يقول أحد سكان مدينة خرنه (مركز إقليم بكتيكا)، عبد الحميد: "لا نعرف من تسبب في إغلاق المدارس، الحكومة أم طالبان والمسلحون عموماً. لكن ما نعرفه هو أن أبناءنا محرومون من التعليم، سواء أغلقت المدارس بواسطة طالبان أو الحكومة".

ويطلب حميد من الحكومة والجماعات المسلحة وجميع المعنيين في قطاع التعليم أن يرحموا هذا الشعب، ويبعدوا خلافاتهم عن عملية التعليم والمدارس، لأن مستقبل هذه البلاد مرهون بتعليم أبنائه.

ويؤكد نور الله، أحد سكان مديرية خوشمند: "ما من مدارس في المديرية، وقد أغلقت كلها بسبب الحرب. أبناؤنا لا يعرفون المدرسة، وقد أصبحت مراكز للمسلحين أو ثكنات عسكرية تُستهدف بالصواريخ والهجمات. وفي النتيجة، يبقى أبناؤنا محرومين من التعليم".

ولا يلوم نور الله طالبان والجماعات المسلحة وحدها بل الحكومة، لأن الفساد في القطاع وأوساط المسؤولين الأمنيّين سبب أساسي لإغلاق المدارس. ويؤكد أن المسؤولين الأمنيين لا يعملون فقط لفتح المدارس، بل يساهمون كذلك في إغلاقها.

ويؤكد عضو في الشورى الإقليمي عبد العزيز عزيز أنه في ظل الإدارة الضعيفة للحكومة المحلية، أغلقت المدارس وحرم أبناؤنا من التعليم، فضلاً عن الفساد المستشري في القطاع. المسؤولون سعداء بإغلاق المدارس لأن هذا يفتح لهم باب الفساد واختلاس الأموال، خصوصاً عند صرف رواتب الأساتذة.

وقبل فترة، أصدرت حركة "طالبان" بياناً في هذا الصدد. وقال الناطق باسم الحركة ذبيح الله مجاهد: "من بين أولويات طالبان فتح المدارس حتى في أماكن الحرب، لأن الأمر متعلق بمستقبل الجيل الجديد". ويشير إلى أن المدارس في المناطق التي تشهد حرباً أغلقت، لأن فتح المدارس يعرّض الأطفال للخطر.

وثمة مشكلة أخرى في الإقليم، هي أن الكثير من المدارس التي تستمر فيها عملية التعليم تعاني من جراء غياب البنى التحتية. وتتواصل عملية التعليم في العراء في ظل البرد في الشتاء والحر في الصيف.




ويقول أحد سكان مديرية يوسف خيل، ويدعى جواد خان: "ما من مبان لإنشاء مدارس. من هنا، تتواصل العملية التعليمية في خيم في العراء". يضيف أن الكثير من المدارس في مديريتنا ليس فيها مبان. وكانت الحكومة قد بدأت في إنشائها من دون أيّ متابعة، وقد باتت على وشك الانهيار. ويذكر خان مدرسة عبد البابا، التي بدأت الحكومة المحلية قبل سنوات عديدة في تشييد مبنى لها من دون استكماله. وكان التلاميذ يجلسون في صفوف من دون سقف، وقد بات هذا البناء على وشك الانهيار.
المساهمون