على الرغم من العقبات المختلفة التي تحدّ دور المرأة البشتونية، خصوصاً في شمال غربي باكستان عند الحدود مع أفغانستان، فإنها بدأت تعمل على التغيير، متحدّية الأعراف والتقاليد والتهديدات الأمنية. ولا شكّ في أنّ المستجدات الأخيرة التي شهدتها المنطقة كان لها تأثير كبير في خروج المرأة من المنزل، ورفع صوتها من أجل حقوقها السياسية والاجتماعية.
وبعد خروج النساء البشتونيات في التظاهرات الأخيرة التي طالبت بحقوق قبائل البشتون، ارتفع عدد النساء المرشحات للانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في باكستان في 25 يوليو/ تموز الجاري، وهو دليل واضح على أنّ المرأة البشتونية تسعى إلى التغيير. وتشير الأرقام الرسمية إلى ترشّح 79 امرأة إلى البرلمان الفدرالي وبرلمان إقليم خيبربختونخوا، الأمر الذي يُعَدّ سابقة في تاريخ شمال غربي باكستان.
من جهتها، تؤكد لجنة الانتخابات أنّ عدد النساء المرشحات يفوق كل التقديرات السابقة، مشيرة إلى أنّ ذلك جاء بعدما اشترطت هي على الأحزاب السياسية أن تكون خمسة في المائة من مرشحيها من النساء، وإلا فلن يحقّ لها المشاركة في الانتخابات. وعلى الرغم من ترحيب النساء والمؤسسات التي تُعنى بحقوق المرأة بقرار لجنة الانتخابات، لكن ثمّة انتقادات طاولت تعامل الأحزاب السياسية مع القضية، وما اشترطته اللجنة على الأحزاب.
ويقول الناشط الحقوقي معراج الدين إنّ مشاركة النساء وقانون الانتخابات أمران إيجابيان، خصوصاً إذا نظرنا إلى الوضع الأمني المتأزم، والتهديدات الموجّهة إلى المرشحين للبرلمان. ويشير إلى عدد من الحوادث والعمليات الانتحارية خلال الأسابيع الماضية راح ضحيتها المئات بين قتيل وجريح. يضيف معراج أنّ المستجدات الأخيرة، خصوصاً التظاهرات والاحتجاجات التي نظمتها "حركة حماية البشتون"، أثّرت كثيراً في المنطقة وأعطت جرأة للنساء كي يخرجنَ من منازلهنّ ويشاركنَ في الانتخابات. ويشدد على ضرورة أن يعمل علماء الدين وشيوخ القبائل من أجل النساء، موضحاً أنّ ترشّح هذا العدد من النساء هو إنجاز كبير لمستقبل المرأة. لكنّه يؤكد ضرورة دعمهنّ، إذ إنّ أوضاع المرأة في المناطق البشتونية عموماً سيئة جداً وهي في حاجة إلى تحسين.
في السياق، ثمّة مشكلة، وهي أنّ الأحزاب السياسة، بعدما أجبرتها لجنة الانتخابات على ترشيح النساء، عمدت إلى التلاعب بذلك وأعطت النساء فرصة الترشّح في الأماكن التي لا تملك فيها نفوذاً ولا قوة. وهذا ما يعدّه الناشط معراج محاولة لملء الفراغ، لافتاً إلى أنّ الأحزاب السياسة غير جادة في وصول النساء إلى البرلمان.
يبقى أنّ المعنيين بشؤون النساء، وبغضّ النظر عن كل الملاحظات، يرون الأمر بحدّ ذاته إيجابياً، ويؤكّدون أنّ هؤلاء النساء، وفي حال لم يتمكنّ من الوصول إلى البرلمان هذه المرّة، فإنّهنّ سوف يرين في الأمر خطوة في مسار الحصول على حقوقهنّ في المستقبل.