رمضان لا يوقف الاحتجاج في تونس

21 مايو 2019
أوضاع معيشية صعبة يعيشها التونسيون(ناصر طلال/الأناضول)
+ الخط -


تعيش بعض المحافظات التونسية احتقاناً اجتماعياً لافتاً بسبب الصعوبات المعيشية والاجتماعية التي تعاني منها الفئات الهشة، على غرار عمال الحضائر (العقود المؤقتة والمياومة) والمتقاعدين والشباب العاطل عن العمل والمعلمين النواب.

ورغم شهر رمضان، يرتفع منسوب الاحتقان بالخصوص في المحافظات الداخلية غرب البلاد وجنوبها، باعتبارها الأكثر فقراً والأقل حظاً في مستويات التنمية والاستثمار، ما يزيد من تفاقم البطالة وارتفاع كلفة الحياة وغلاء المعيشة.

ودخل أربعة شبان من مجموعة اعتصام محافظة الكاف (شمال غربي البلاد) في إضراب قاسٍ عن الطعام بعد أن خاطوا أفواههم منذ أربعة أيام، ليتم نقلهم من مكان اعتصامهم أمام مقر المحافظة إلى المستشفى بعد أن فقدوا الوعي وساءت حالتهم الصحية. وتجاوز اعتصام المطالبين بحقهم في التشغيل والانتداب الثلاثة أشهر دون أن تتم حلحلة الأزمة وفض الاعتصام.

وأكدت النائبة عن حزب "مشروع تونس" عن جهة الكاف، نسرين العماري، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن أربعة من شباب اعتصام المحافظة دخلوا في إضراب جوع وحشي وأقدموا على خياطة أفواههم وحالتهم الصحية تسوء يوما بعد يوم.

وقالت العماري: "تكلمنا كثيرا في البرلمان، ومع الوزراء، وطرقنا كل الأبواب، وجدنا نصف الحل ولكننا نريد كامل الحل"، مشددة على "مساندتها التامة لشباب الكاف اليائس الذي حاول بكل السبل إبلاغ صوته عبر الاحتجاج والصراخ ولكن لا حياة لمن تنادي، ولعل بخياطة أفواههم تصلكم الصورة أكثر"، على حد تعبيرها.

ونفذ عدد من عمال الحضائر وقفات احتجاجية أمام مقرات معتمديات محافظات داخلية، مطالبين بحقهم في الترسيم وتسوية الوضعية المهنية ورفع راتبهم. ودعا المحتجون إلى الحشد في يوم غضب وطني أمام مقر الحكومة في القصبة يوم 11 يونيو/حزيران المقبل، احتجاجا على المماطلة والتسويف.

وطالب منسق عملة الحضائر بمحافظة جندوبة سامي الخليفي، الحكومة بـ"الكف عن المماطلة وتهميش المهمشين وتفقير المفقرين"، مشيراً إلى أن الاتحاد العام التونسي للشغل هو الضامن لتطبيق الاتفاقات.

وقال الخليفي لـ"العربي الجديد": "مللنا الوعود والمسكنات وسنطالب بالحق في الترسيم وفي الأجر اللائق وفي الرعاية الصحية والتغطية الاجتماعية على غرار بقية الوظائف، والالتزام بتطبيق الوعود والاتفاقات مع اتحاد الشغل". وبيّن أن جلسة بين الأطراف الحكومية واتحاد الشغل ستنعقد الأسبوع الجاري يمكن اعتبارها مؤشراً إيجابياً، ولكنها لن تلغي وقفة 11 يونيو قبل الاتفاق النهائي والحاسم.

واحتج اليوم الثلاثاء، المعلمون النواب في محافظات مدنين (جنوب شرقي البلاد) وسيدي بوزيد والقصرين (وسط غرب البلاد) بسبب تواصل مماطلة الحكومة للاتفاق القاضي بصرف رواتبهم لما يزيد عن 8 أشهر و20 يوماً دون تغطية صحية ولا رعاية اجتماعية، في وقت تطالبهم الوزارة بإنجاح السنة التعليمية وإنجاز الامتحانات.

ونفذ المحتجون في محافظة مدنين مسيرة سلمية جابت الشوارع الرئيسية تحت شعار "يوم غضب جهوي"، لعدم صرف أجورهم ومرتباتهم إلى جانب تطبيق اتفاقية 8 مايو/أيار الجاري التي تقضي بتصحيح وضعهم ومسارهم المهني. ورفع المحتجون في سيدي بوزيد شعارات منددة بوزارة التربية والحكومة التي وصفوها بحكومة التجويع والتفقير، ولا تراعي وضعهم الاجتماعي ولا صعوبات العيش وظروف العمل في الأرياف والقرى الداخلية.

من جانبه، أكد الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الأساسي توفيق الشابي، أن وزارة التعليم تعهدت بنشر قوائم المعلمين النواب المشمولين بقرارات الانتداب للتدريس قبل حلول عيد الفطر، مشيرا إلى أن مجموع المعلمين النواب يناهز حاليا 10 آلاف مدرس ممن تعاقدوا مع الوزارة.

وقال الشابي إن وفد وزارة التعليم تعهد خلال الاجتماع الأخير بصرف المستحقات المالية لمدرسي التعليم الأساسي بداية من شهر يونيو/حزيران المقبل.

وأكد رئيس لجنة التربية بالبرلمان التونسي، هيكل بلقاسم، في تصريح لـ"العربي الجديد" دعوة ممثلين عن وزارتي التعليم والوظيفة العمومية لبحث الإشكاليات العالقة يوم غدٍ الأربعاء، مشيراً إلى أنه لا يمكن السكوت عن استمرار هذه المأساة بالنظر إلى الوضع الاجتماعي والمالي الصعب الذي يمر به المعلمون النواب.

ولفت بلقاسم إلى أن اجتماعات دورية تعقد بين لجنة التعليم بالبرلمان والوزارة لمتابعة الملفات العالقة ومحاولة إيجاد حلول لها في إطار الدور الرقابي للبرلمان على الحكومة.

من جانب آخر، قررت تنسيقية اعتصام محافظة جندوبة (شمال غربي البلاد) تحت عنوان "جندوبة تريد تنمية حقيقية" ليل أمس، فض الاعتصام الذي دام أكثر من ثلاثة أشهر. وأعلن المنسق العام للاعتصام إنهاء الاعتصام المفتوح أمام مقر المحافظة ورفع الخيمة، بعد صدور قرارات عن المجلس الوزاري وتأكيد تمريرها إلى مراقبة تنفيذ المشاريع جهوياً ومركزياً.