مصر: للنكتة السياسية قول فصل

06 يونيو 2014
هاشتاج السيسي كان العامل الاول لكسر هيبته (Getty)
+ الخط -

ما بين الضحك والبكاء، واقع سياسي مرير يعيشه المصريون، فدماء سالت، ومعتقلات فُتحت على مصراعيها، وبات الشارع المصري صامتاً في وجه سلطة غاشمة، أرغمته على الحذر وأعادته لممالك الخوف.

من "الهاشتاج" إلى "احنا_متراقبين" وحدها النكتة السياسية، هي التي فصلت بين الضحك والبكاء، لتتوافق مع المثل الشعبي المصري "همّ يضحك.. وهم يبكّي".

عادت السخرية لتحتل المرتبة الأولى في ردود فعل الشعب المصري، خاصة بين الشباب، فالشعب المصري معروف أنه "ابن نكتة"، كما يقول المصريون، ولديه حس السخرية.

"بما أن ما يقرب من ثلث الشعب المصري، شباب في الفئة العمرية من 18 إلى 30 عاماً، ستبقى السخرية امتداداً طبيعياً للحالة الثورية في مصر". هكذا يحلّل أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأميركية، سعيد صادق، حالة السخرية المستشرية بين المصريين والبارزة على مواقع التواصل الاجتماعي.

يقول صادق لـ"العربي الجديد": "مواقع التواصل الاجتماعي، وسخط وسخرية الشباب من خلالها، كانت أحد أسباب قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير. فهذه المواقع بمثابة بوق للتنفيس والتعبير عن كل ما يدور في الشارع السياسي والانعكاسات الاجتماعية والثقافية".
ويرى صادق أن مساحات الحرية والتعبير زادت في السنوات الثلاث الماضية بعد الثورة، على الرغم من التهديدات الأمنية المتواصلة بمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، ضاربًا المثل بتدوينة قصيرة لأستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة عمرو حمزاوي على "تويتر"، انتقد فيها القضاء المصري، وكانت سببًا في إدراج اسمه على قوائم المنع من السفر.

"السخرية.. هي بداية تحطيم أي رئيس"، هذا ما قاله صادق، مستشهدًا بالـ"هاشتاج" الذي أطلقه متصفحو مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر"، والذي حمل الكثير من السخرية والشتائم المباشرة لشخص وزير الدفاع المصري المستقيل، والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.

"هاشتاج السيسي كان العامل الأول لكسر هيبته وشرعيته تدريجيًا"، يقول صادق، موضحاً أن "الرئيس المخلوع حسني مبارك لم يستفد من دروس السخرية التي تميز بها الشعب المصري، مما أدى إلى سقوطه".

ويتابع: "لكن وزارة الداخلية بدأت تنتبه الآن لخطورة السخرية، وأطلقت تهديدات بالملاحقة الأمنية لبعض النشطاء. وهذا غباء في حد ذاته، لأنها كشفت عن خططها. فمن ينوي القبض على أحد، لا يخبره سلفًا".

وكان نشطاء مصريون أطلقوا منذ حوالي الشهر "هاشتاج" لوزير الدفاع المستقيل بمجرد إعلان عزمه الترشح للرئاسة، انتشر بشكل هائل وتصدر ترتيب "الهاشتاج" عالمياً، وليس في مصر فقط.

ليس بالهاشتاج وحده يسخر الشعب المصري، فالسخرية من خلال الرسوم والصور وتركيب مواقع فيديو، طالت حتى أكثر المواقف السياسية قسوةً في مصر. فحكم محكمة جنايات المنيا في صعيد مصر، بإعدام 529 مواطنًا مصريًا في عدة أيام، لم يسلم بدوره من السخرية.
كذلك أغنية الفنان الإماراتي حسين الجسمي للانتخابات الرئاسية المصرية، كان لها نصيب وافر من السخرية. حتى إن قرار وزارة الداخلية المعلن بفرض الرقابة على مواقع التفاعل الاجتماعي، لم يسلم من سخرية المصريين.