محطات الاحتجاج بالمغرب... من 20 فبراير إلى بائع السمك

الرباط

حسن الأشرف

avata
حسن الأشرف
02 نوفمبر 2016
F5DB313A-AE7A-469D-B396-09FA4BDFD0AB
+ الخط -
لا يخرج ملايين المغاربة إلى الشوارع للاحتجاج إلا في حالات تدفعهم إلى إعلان غضبهم بتنظيم احتجاجات حاشدة لتشكيل ضغوط على السلطات من أجل الاستجابة لمطالبهم المختلفة، علاوة على الوقفات الاحتجاجية اليومية التي تتسم بمطالب فئوية.


خلال السنوات الخمس الأخيرة، خرج آلاف المغاربة إلى شوارع العديد من المدن للتعبير عن احتجاجهم والمناداة بمطالبهم، يظهر بينها ثلاث محطات رئيسية، الأولى عندما اندلعت شرارة حركة 20 فبراير، والثانية عندما تم الإعلان عن عفو ملكي عن مواطن إسباني اغتصب أطفالا مغاربة، والثالثة بمناسبة مقتل بائع السمك قبل أيام قليلة.

في فبراير/شباط 2011 خرجت العديد من المظاهرات الشعبية الحاشدة دفعة واحدة وبشكل شبه يومي في العديد من مدن البلاد، اتخذت مسمى حركة 20 فبراير، وهي تطالب بمحاربة الفساد والاستبداد، كما تدعو إلى إرساء ملكية برلمانية بدلا عن الملكية التنفيذية، قبل أن يخفت بريقها بمرور الأسابيع، وخاصة بعد انسحاب أطراف كانت تشكل جزءا رئيسا من الحركة الاحتجاجية، وتجاوب الملك الذي أعلن عن دستور جديدة نجمت عنه انتخابات برلمانية مبكرة.

في المحطة الثانية التي اكتشف فيها المغاربة عفوا ملكيا عن إسباني اغتصب 11 طفلا بمدينة القنيطرة، غرب المملكة، خرج آلاف المحتجين سنة 2013 للتظاهر في الشوارع، مطالبين بمعاقبة "البيدوفيلي" وإرجاعه إلى السجن، قبل أن يسارع الملك إلى سحب قرار العفو، والاعتذار لأهالي الضحايا من خلال استقبالهم وجبر خاطرهم.

والمحطة الثالثة التي عرفت هبة احتجاجية حاشدة تمثلت في تظاهرات في عدد من مدن البلاد، أعقبت مقتل بائع السمك محسن فكري بطريقة وُصفت بالبشعة، بعد أن ألقى بنفسه في شاحنة للنفايات محاولا أن ينقذ بضاعته من سمك "أبوسيف"، والتي صادرتها السلطات المحلية، قبل أن تطحنه آلة ضغط النفايات.


ويعتبر الباحث السياسي الدكتور محمد الزهراوي، ، أن السلوك الاحتجاجي لدى المغاربة يمكن تقسيمه إلى ثلاث مراحل أساسية، في الأولى كان الاحتجاج يغلب عليه الطابع السياسي، وإن كان يصبغ في بعض الأحيان بخلفيات اجتماعية، غير أن الميزة الأساسية التي كانت تتسم بها أن هناك جهات معروفة تؤطر الاحتجاجات.


والمرحلة الثانية، وفق قول الزهراوي لـ"العربي الجديد"، تتمثل في فترة التسعينيات من القرن الماضي، حين شهد المغرب احتجاجات تضامنية مع القضية الفلسطينية، حيث كانت تتم بدعوة من جميع التيارات السياسية، خاصة القوى الإسلامية، مسجلا أن السلطات العمومية تعاملت بنوع من المرونة، ورخصت لمثل هذه التظاهرات الكبرى، واكتفت بالمراقبة والتتبع.

ويضيف أن المرحلة الثالثة هي الفترة التي شهدت ظهور حركات احتجاجية ذات مطالب اجتماعية خاصة خلال نهاية التسعينيات، وكان يمثل هذا الصنف من الحركات في البداية جمعيات حاملي الشهادات العليا المعطلين، والتي ظهرت بالعاصمة الرباط وانتشرت في ما بعد في كافة المدن المغربية.

وأورد الزهراوي أن السلوك الاحتجاجي بالمغرب عرف تحولاً نوعياً أواخر سنة 2010 مع الحراك الشعبي الذي شهدته المنطقة العربية، وقد بدا هذا التحول جليا خلال عدة محطات خاصة خلال واقعة مغتصب الأطفال "كالفان" وأحداث الحسيمة، حيث أصبحت السمة البارزة هي خروج الجماهير للاحتجاج للتعبير عن الغضب، دون تحديد الجهات الداعية للاحتجاج، ودون الاتفاق مسبقا على سقف المطالب أو الشعارات.

وتابع أن "السمة البارزة تتجلى في أن دعوات الاحتجاج تأتي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من مجموعة من الشباب الذين يكونون في الغالب غير منتمين للأحزاب السياسية، وغالبا ما تسمح السلطات لهذه المظاهرات التي تمر سلمية، حيث تفضل عدم الاحتكاك بهم".

ويشرح الباحث أن الشباب وظفوا وسائل الاتصال الحديثة للتعبئة من أجل الخروج في المظاهرات، وفضح ونشر كل التجاوزات والحقائق عبر شبكات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي أدى إلى استنفار المواطنين وانخراط كافة الفئات.