في انتظار الطبيب

15 اغسطس 2016
ما أثقل الانتظار! (إيفاريستو سا/ فرانس برس)
+ الخط -

تجلس في صالون العيادة وتنظر إلى عقارب الساعة الدائرية المعلّقة على الحائط. القلق ظاهرٌ بوضوح على وجهها. تأخّر الطبيب في فتح باب عيادته. ما أثقل الانتظار. كان من المفترض أن تدخل قبل عشرين دقيقة بحسب ما حدّدت لها السكرتيرة الموعد. موعدها كان قبل عشرين دقيقة بالضبط والطبيب تأخّر. وربما يتأخّر مزيداً من الوقت. لماذا لم يحترم وقتها؟

يؤاخذها ضميرها. تفكّر أنه ربما كانت المريضة التي عند الطبيب الآن بحاجة إليه أكثر منها. ربما كانت حالتها صعبة وتستوجب فحوصات عدة والكثير من الاهتمام والتشجيع. هي نفسها احتاجت إلى الكثير من التشجيع في فترات سابقة. لكن، مع ذلك، يظلّ هذا وقتها. وهي تحتاج لأن تعرف النتيجة بأسرع وقت، تقول في نفسها. صحيح أن الموضوع ليس طارئاً لكنه سيريحها ويزيل حملاً ثقيلاً عن قلبها. وسيكون أحلى لو كان الخبر مفرحاً. تعلم جيداً أنها بحاجة إلى خبرٍ مفرح.

تنظر إلى عقارب الساعة الدائرية المعّلقة في صالون العيادة مجدداً. كأن هذه العقارب تصير أكثر بطئاً. تقرّر أن تلهي نفسها ريثما ينقضي الوقت. تفتح صفحات مجلّة أمامها لكنها لا تلبث أن تعيدها إلى مكانها على الطاولة الزجاجية العريضة. أخبار الفن لا تهمّها. تعود لتتأمّل في وجوه المريضات الأخريات. هذه جاءت وحدها، مثلها. لا تبدو عليها أي من علامات المرض. ثقتها بنفسها تؤكد أنها جاءت للفحوصات الاعتيادية، لا أكثر. تلك جاءت مع زوجها الذي تبدو علامات الاضطراب على ملامحه أكثر منها. ربما يزعجه أن يتواجد في عيادة طبيب نسائي، وربما تزعجه أسبابٌ أخرى. لكنّه يبذل جهداً على الأقل ويمسك بيدها. وهناك، في أقصى الزاوية قرب باب العيادة، الذي تأخر الطبيب في فتحه، شابة عشرينية تضع يديها على بطنها المكوّر أمامها. ترتدي فستاناً زهرياً فضفاضاً.

تتذكّر نفسها. لقد انتظرت هذه الزيارة فترة طويلة. في بداية زواجها لم تُعر الأمر اهتماماً. قالت لها أمها وقالت لها كثيرات إن "هذه المسائل تأخذ وقتها". وهي لم تكن مستعجلة في الأصل.

كان قد مرّ عام على الزواج عندما بدأت تشعر بحرارةً تمشي تحت جلدها، كلما ذكر أحدهم موضوع الإنجاب أمامها. حسناً، لقد أكّد لها الطبيب مراراً أنها وزوجها لا يعانيان من أية مشاكل عضوية. لكن الفحوصات الإضافية كانت ضرورية. وزوجها كان لطيفاً. لم يسمح لأحد بأن يجرحها يوماً. كان دائماً يقول إنه سيفرح بهذه اللحظة متى جاء أوانها.

كانت تتذكّر عبارته هذه عندما انفتح باب العيادة، وخرجت المريضة من الداخل. التفتت نحوها السكرتيرة وقالت بصوتٍ نقيّ: "تفضّلي مدام. لقد حان دورك".


دلالات
المساهمون