للمرّة الأولى منذ استقلال لبنان في عام 1943، نُظّم اليوم الجمعة في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني عرض مدنيّ بالمناسبة في وسط بيروت، شاركت فيه عشرات الأفواج بحضور آلاف المحتجّين الذين احتشدوا في ساحة الشهداء آتين من كلّ المناطق اللبنانية باختلافاتهم... من بينهم أشخاص ذوو إعاقة. ومن ضمن الأفواج المشاركة، كان فوج خاص بهؤلاء أُطلق عليه اسم "فوج الإرادة".
في ساحة الشهداء وسط بيروت، كان الفتى محمد صبري أرناؤوط يشارك بطريقته الخاصة. هو ارتدى ثوباً أبيض رمزاً للسلام ولفّ نفسه بالعلم اللبناني رافعاً بيد مشعل الحرية وحاملاً بيده الأخرى مجلّد الدستور اللبناني. ومحمد، على الرغم من "التوحّد" الذي يعوّقه، أصرّ على الاحتفال بـعيد الاستقلال، مختصراً مطالبه بكلمتَين: "أريد حقوقي".
محمد أرناؤوط: أريد حقوقي (العربي الجديد) |
في سياق متصل، تعبّر والدة الفتى محمد إقبال دريان لـ"العربي الجديد" عن أسفها "لما يعانيه المصابون بالتوحّد وذووهم من إهمال وتهميش لحقوقهم". تضيف: "طالبنا رئيس الجمهورية ووزارة الشؤون الاجتماعية مراراً وتكراراً بضرورة تقديم الدعم للأشخاص المتوحّدين، لا سيّما المادي، فالتوحّد يسلتزم مساراً طويلاً يرتّب على الأهالي مبالغ باهظة. فثمّة حاجة إلى علاجات مختلفة، إلى جانب الأقساط المدرسية (علماً أنّ الدمج غير متوفّر إلا في مؤسسات تربوية محدّدة)، بالإضافة إلى ضرورة الاستعانة أحياناً بمدرّسة متخصّصة".
رشا سنكري: نريد أن نعيش بكرامة (العربي الجديد) |
في ناحية أخرى من ساحة الشهداء، كانت المحامية رشا سنكري تشارك المحتجين الاحتفال بعيد الاستقلال، من على كرسيّها المتحرك. وتقول لـ"العربي الجديد": "جئتُ من طرابلس، عاصمة الشمال، للاحتفاء بعيد استقلالنا الذي يختلف عن الأعوام الماضية، في ظل الثورة الشعبية. جئتُ لأؤكّد أنّنا لن نقبل بأن نكون على الهامش بعد اليوم، نريد حقوقنا التي يكفلها القانون، لا سيّما الحقّ في التنقّل وفي العمل وفي التعلّم وفي الصحة وفي الدمج". يُذكر أنّ سنكري هي عضو في بلدية طرابلس، وكذلك نائب رئيس "المنتدى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة". وتردّد: "نريد أن نعيش بكرامة، فنحن مواطنون مثلنا مثل غيرنا، وكلّنا أمل في تحقيق تغيير فعلي ملموس بالتزامن مع الثورة الشعبية".
بين المحتفلين بعيد الاستقلال، يتنقّل المهندس المعماري الشاب أندريه فرنسيس، مستنداً إلى عكّازه. يقول لـ"العربي الجديد": "لم تمنعني العملية الجراحية التي خضعت لها أخيراً من النزول إلى الشارع، أسوة بكلّ الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يصرّون على تحدّي كلّ المعوّقات للتعبير عن آرائهم والمطالبة بحقوقهم". يضيف فرنسيس أنّ "هذا يوم تاريخي، ورسالتي واضحة... مجنون هو كلّ من يظنّ أنّ الإبقاء على الوجوه السياسية نفسها وفي البيئة ذاتها قد يحقّق نتائج مختلفة".