ثلاثة في المائة

31 أكتوبر 2017
الحقوق قبل كلّ شيء (الأناضول)
+ الخط -
الأحد الماضي، احتفل اتحاد المقعدين اللبنانيين بعيده السادس والثلاثين. الاتحاد الذي يضم الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية في لبنان ويتعاون مع منظمات أخرى للأشخاص ذوي الإعاقة بمختلف أشكالها، رائدُ مسيرةٍ حقوقية بدأت عام 1981 وتوجت بقانون أقر في البرلمان عام 2000.

القانون المعروف بالرقم 220 /2000 يحدد حقوق هذه الفئة الكبيرة من اللبنانيين والتي تتراوح نسبتها اليوم بما بين 12 و15 في المائة بحسب التقديرات المختلفة. لم يطبّق القانون الذي مرّ في مجلس النواب اللبناني (البرلمان) واختفى في دهاليز الوزارات المتعاقبة إذ لم يتبع بمراسيم إجرائية تعطي أصحاب الحقوق حقوقهم.

الدمج في المجتمع والمؤسسات التعليمية والوظائف هو محرك القانون الأساس، وهو درب نضال منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة التي تتخذ المقاربة الحقوقية وليست الخيرية أو الطبية رسالة من أجل تأمين تلك الحقوق.

النواقص في طريق الدمج كثيرة جداً وتمتد من تجهيز البيئة وتعديل المناهج التعليمية وصولاً إلى تأمين الفرص الوظيفية الملائمة. فالأشخاص ذوو الإعاقة لهم الحق المتساوي مع غيرهم في كلّ شيء، وهو ما تقرّه أوراق اتحادات ومنظمات إقليمية، واتفاقيات ومعاهدات منظمات دولية تفرض على القوانين المحلية الأخذ بها، فتأخذ بها بالفعل لكن مجرد فقرات مصبوبة فوق كثير من الأوراق المرمية في أدراج المكاتب أو في ملفات كومبيوترات الوزارات واللجان النيابية.

قد يقول قائل إنّ كلّ شيء معطل في لبنان، والاختلافات السياسية بين الأقطاب تمنع وضع القوانين، أو تحول دون تنفيذها. لكنّ هذه الحجة من جهة، ليست أكثر من خداع وتهرّب للمسؤولين من مسؤولياتهم، فكثيرة هي القوانين التي أقرّت بالرغم من كلّ الخلافات، وكثيرة هي المراسيم التي عثرت على طريقها للتنفيذ في زمن قياسي وليس بعد انتظار سبعة عشر عاماً كحال القانون 220 / 2000، بل عديدة هي المرات التي جرى فيها تعديل الدستور نفسه أو الالتفاف عليه تبعاً لمصالح أهل السياسة الذين يعتبرون أنفسهم فوق، وحقوق المواطنين في الدرك الأسفل.

من جهة أخرى، ليس الأشخاص ذوو الإعاقة تابعين لحزب معين أو منطقة بعينها أو طائفة دون سواها كي ينتظروا إقرار حقوقهم عندما تقرّ حقوق فئة تقابلهم. هم ليسوا على طرف نقيض مع أحد أساساً. هم فئة تخترق الطوائف والمناطق والأحزاب، لا تريد شفقة أو منّة من أحد، وبالتأكيد لا تريد عزلاً... هي تريد أن يكون لها رأي في ما يخصها، ورأيها هو الدمج الكامل في المجتمع، والدمج لا يتحقق إلاّ بتنفيذ القانون 220 / 2000.

عندها سنجد ثلاثة في المائة من الموظفين في كلّ مؤسسة من المؤسسات من الأشخاص ذوي الإعاقة كما ينصّ القانون. وعندها فقط سيقترب مجتمعنا أكثر من مفاهيم الدولة والحقوق والمواطن والمواطَنة.
المساهمون