أصدرت وزارة التربية والتعليم السعودية تعميماً للمدارس الحكومية بعدم قبول التلاميذ السوريين واليمنيين من الذين يملكون هوية زائر. هكذا سيُحرم كثيرون من الدخول إلى المدارس هذا العام.
مع بداية العام الدراسي الجديد في السعودية، عمدت المدارس الحكومية بمختلف مراحلها الدراسية إلى إرجاع التلاميذ السوريين واليمنيين المقيمين في البلاد بهوية زائر إلى بيوتهم. بالتالي، رفضت قبول التلاميذ الجدد والقدامى، وطالبت أهلهم باستخراج إقامات نظامية أو الذهاب إلى المدارس الأهلية والخاصة.
ومنذ بداية عام 2018، بدأت وزارة التربية والتعليم التعميم على إدارات المناطق التعليمية والمدارس الحكومية في كافة أنحاء البلاد، عدم قبول التلاميذ الذين لا يحملون هويات نظامية وإقامات دائمة وسارية الصلاحية في البلاد، على أن ترسل الوزارة كتاباً لكل إدارة مع بداية كل فصل دراسي جديد.
واقتصر قرار وزارة التعليم السعودية، الذي صدر مطلع هذا العام، على جواز قبول التلاميذ الذين يحملون هوية زائر في المدارس الأهلية والخاصة على حسابهم الشخصي، الأمر الذي يراه السوريون واليمنيون غير ممكن لأنهم لاجئون وليس لديهم مصادر دخل. كما أنهم ممنوعون من العمل النظامي. وفي حال عملوا في الخفاء، فإنّ الظروف المادية الصعبة التي يعيشونها لن تمكنهم من تدريس أبنائهم في المدارس الخاصة.
والقرار لا يشمل كلّ التلاميذ اليمنيّين أو السوريين الذين تعاني بلادهم من ويلات الحروب، إذ يجب أن يكون التلميذ حاصلاً على تأشيرة زيارة سارية الصلاحية وصادرة من جهة حكومية. إلا أن هذا غير ممكن بالنسبة لكثير من التلاميذ إما بسبب انتهاء جوازات سفرهم وعدم قدرة أهلهم على تجديدها، أو بسبب انتهاء تأشيرات الزيارة، ما يعني أن آلاف التلاميذ باتوا محرومين من الدراسة المجانية في المدارس الحكومية، ومن الدراسة على نفقتهم في المدارس الخاصة.
وشددت إدارة الاختبارات والقبول في الإدارة العامة للتعليم في محافظة جدة غرب البلاد، في كتاب بعثته إلى المدارس، على عدم قبول تسجيل التلميذات السوريات واليمنيات القادمات بهوية زائر أو تأشيرة زيارة حكومية في المدارس الحكومية، ويمكنهن الدراسة على حسابهن في المدارس الخاصة. الكتاب أرسل إلى مدارس الإناث من قبل إدارة شؤون تعليم البنات، ومثله من قبل إدارة تعليم الشبان إلى مدارس الصبية.
وكانت السلطات السعودية قد أصدرت قراراً عام 2012 بقبول التلاميذ السوريين في المؤسسات التعليمية العامة "تقديراً للظروف التي يمرون بها في بلادهم". وفي عام 2015، وافقت على قبول جميع التلاميذ اليمنيين الذين يحملون تأشيرات زيارة بسبب الحرب في بلادهم، من دون التقيّد بنسبة 15 في المائة الخاصة بالمتعلمين الأجانب التي يتضمنها النظام التعليمي السعودي. لكنّ إلغاء العمل بهذا القرار بدءاً من عام 2018، كان صادماً للعائلات، في ظل ارتفاع تكاليف الإقامة ورفع الرسوم والضرائب وزيادة الأعباء المعيشية، إضافة إلى حظر العمل على الوافدين في أكثر من 19 وظيفة يعمل فيها اليمنيون غالباً.
ويبلغ عدد السوريّين المقيمين في السعودية مليونين ونصف المليون، في وقت بلغ عدد اليمنيين الذين يحملون هوية زائر أكثر من 600 ألف نسمة بحسب السكرتير الأول في وفد المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة صالح بن محمد العميري. ويبلغ عدد التلاميذ السوريين الذين يحملون هوية زائر، والذين سيتضرّرون من هذه القرارات، 141 ألفاً، في وقت يبلغ عدد التلاميذ اليمنيين الذين سيتضررون من القرار 250 ألف نسمة.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لتلاميذ يمنيّين يحملون هويّة زائر، عمدت المدارس الحكومية إلى إرجاعهم وطالبتهم بإقامة دائمة أو التسجيل في المدارس الخاصة. تدرس ابنتا هشام الأهدل اليمني المقيم في السعودية، والذي يعمل سائقاً في مدينة جدة، في إحدى المدارس الحكومية. لكنّ المدرسة رفضت إكمال الفتاتين دراستهما بسبب انتهاء صلاحية تأشيرتهما وعدم تمكنه من تجديدهما. وجوبه الأهدل بهجوم عنيف من بعض المواطنين السعوديين ما اضطره إلى حذف تغريدات تضمنت مناشدات للحكومة السعودية.
وهويّة الزائر بمثابة بطاقة إقامة للاجئ تمنحها الرياض للسوريين واليمنيين الذين تعاني بلادهم من ويلات الحروب، وتتملّص السلطات السعودية من وصفهم باللاجئين تفادياً للحصول على الامتيازات التي تفرضها الاتفاقيات الدولية الخاصة باللاجئين. لكن السعودية قررت، وعلى نحو مفاجئ، وقف تجديد هذه الهويات ومطالبة أصحابها بتجديد إقاماتهم بعد دفع مبالغ طائلة للحكومة أو الخروج من البلاد، وهو أمر غير ممكن.
واستطاع بعض حاملي هوية الزائر الرحيل إلى بلدان أوروبية والحصول على لجوء سياسي هناك، لكن الكثير من اليمنيين والسوريين لديهم عائلات كبيرة تعيش في السعودية، ولا يستطيعون الرحيل، ما يعني أنهم عالقون من دون مصدر دخل. كما يعيشون بشكل غير قانوني.