الحصبة تخيف التونسيين

12 ابريل 2019
التلقيح هو الأساس (فرانس برس)
+ الخط -
"تمنيت الموت بسبب الحرارة التي انتابتني والآلام التي لم أكن أتخيل يوماً أنّي سأشعر بها، لم أكن أعرف أنّي سأصاب بالحصبة في سن 42 عاماً، لكن ما إن فحصني الطبيب حتى أخبرني أنّي مريض بالحصبة، خصوصاً أنّ طفحاً جلدياً انتشر فوق ظهري" هذا ما يتحدث به الفاضل، من القصرين، وسط غربي تونس، لـ"العربي الجديد". يضيف أنّه بعد إصابته أصيب ابنه البالغ من العمر 17 عاماً إذ ظهرت عليه الأعراض نفسها، وكاد يموت لولا مسارعته بأخذ العلاج. وخلافاً للفاضل الذي لم يلقح ضدّ الحصبة فإنّ ابنه خاضع للتلقيح، ومع ذلك لم يتمكن من مقاومة المرض إلاّ بصعوبة.




من جهتها، تحذر رئيسة المرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة التابع لوزارة الصحة، نصاف بن علية، لـ"العربي الجديد" من عدم التلقيح ضد مرض الحصبة خصوصاً بالنسبة للرضّع، إذ كان التلقيح سابقاً يبدأ من عمر 12 شهراً و18 شهراً، لكن في ظل الحالة الوبائية المنتشرة بعدد من المحافظات التونسية بات يبدأ من 6 أشهر لتقليص حدة المرض وتجنب الوفيات التي قد تسببها الحصبة.

تضيف بن علية أنّه جرى تسجيل إصابات بالحصبة حالياً في تونس العاصمة، وحالات أخرى متفرقة في عدد من المحافظات، لكنّ انتشار الحالة الوبائية كان أكبر في القصرين وصفاقس وسيدي بوزيد، خصوصاً، ويعود ذلك إلى بداية حصول العدوى بالحصبة المتأتية من بلدان الجوار، وعدم تلقيح بعض المصابين، أو لضعف المناعة لديهم، وهو ما أدى إلى تسجيل 28 حالة وفاة حتى العاشر من إبريل/ نيسان الجاري، مضيفة أنّ عدد الإصابات وصل إلى 1596. تلاحظ المتحدثة أنّ هناك حالة وبائية عالمية بالنسبة لمرض الحصبة حالياً، وانتشار المرض لا يهم تونس فقط، وأنّه بالرغم من توافر التلقيح ضد الحصبة، وبالرغم من أنّ تونس نجحت في فترة ما في الحد من تفشي هذا المرض، فهناك فئة لا يشملها التلقيح، وهناك من لم يلقحوا بتاتاً ولم يمرضوا سابقاً بالحصبة، كما يمكن أن يكونوا قد لقّحوا لكنّ مناعتهم ضعيفة ما يجعلهم غير قادرين على مواجهة هذا المرض.

من جهته، أكد المدير الجهوي للصحة بالقصرين، عبد الغني الشعباني، تسجيل 5 وفيات بالحصبة في محافظة القصرين حتى 12 مارس/ آذار الماضي، مضيفاً في تصريح أنّ الوفيات شملت رضيعاً يبلغ من العمر 5 أشهر ورضيعين يبلغان 6 أشهر ورضيعاً عمره سنة أصيب بتشوهات خلقية ويعاني من نقص المناعة، إلى جانب طفل عمره 4 سنوات يعاني من نقص المناعة. ولفت الشعباني إلى أنّ الإصابات بالقصرين تعود في الأساس إلى عدم خضوع هؤلاء الأطفال إلى التلقيح الخاص بالحصبة منذ ولادتهم، مبيناً أنّ فرقاً من الصحة تقوم بحملات مستمرة، وعلى الأهالي الاتجاه إلى أقرب مركز للصحة الأساسية لتلقيح أطفالهم. وقال الشعباني إنّ حملة تلقيح شاملة في كامل معتمديات ولاية القصرين تستهدف الرضّع الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و12 شهراً والأشخاص الذين لم يتلقوا التلقيح في صغرهم، قد انطلقت.

بدورها، تقول اختصاصية طب الأطفال، الدكتورة عايدة قعلول، لـ"العربي الجديد" إنّ من أعراض الحصبة ارتفاع الحرارة والطفح الجلدي خصوصاً وراء الأذنين والخدين، مبينة أنّ الخطر الأساسي احتمال حصول التهابات في القصبة الهوائية، فأغلب الحالات التي وصلت إلى حدّ الوفاة، كانت بسبب هذه الالتهابات.

تتابع أنّ محافظة بنزرت سجلت إصابة رضيعة بالحصبة، لكنّها تماثلت للشفاء، مبينة أنّهم يسارعون في إجراء التحاليل اللازمة بمجرد ملاحظة الأعراض، إذ إنّ في كلّ محافظة مركزاً مختصاً للتحليل، وعلى ضوئه تعرف الإصابة إن كانت حصبة أم لا. تشير إلى أنّ على الأهالي المسارعة بعرض أطفالهم على اختصاصيين إذا لاحظوا أيّ أعراض. كما تشير إلى أنّ بعض الأعراض المشابهة قد لا تعني بالضرورة الحصبة، لكن لا بدّ من الحذر خصوصاً إذا تعلق الأمر بالرضّع، موضحة أنّ التلقيح بات ضرورياً في الوقت الراهن، لافتة إلى أنّ هناك فئات يجب أن تكون حذرة خصوصاً الأمهات الحوامل وذوي المناعة الضعيفة وهؤلاء تشملهم أنواع إضافية من التلقيح.




إلى ذلك، طالبت وزارة الصحة العمومية في تونس، في آخر بياناتها، بمواصلة التلقيح ضد الحصبة، طبقاً للروزنامة الوطنية للتلقيح، مع تلقيح الأشخاص المحيطين بالمصابين بالحصبة، إلى جانب اتخاذ التدابير العلاجية والوقائية الملائمة للحالات الخاصة. وشدّدت الوزارة على ضرورة انخراط أولياء الأمور في هذه الحملة من أجل إنجاحها والإسراع في استكمال التلقيح اللازم بالنسبة للمتأخرين عنه.
المساهمون