عاملون في خط الدفاع الثاني ضد فيروس كورونا

29 ابريل 2020
يعملون من أجل لقمة عيشهم أو بدافع الواجب(فرانس برس)
+ الخط -
يعملون من أجل لقمة عيشهم وعيش عائلاتهم، أو بدافع الواجب... لكنهم هم الذين يؤمنون اليوم استمرارية العالم في زمن كورونا، بائعو مواد غذائية، عمال النظافة أو خدمات التوصيل، لطالما شعروا بأنهم مهمشون، غير مرئيين، لكنهم اليوم أساسيون. 

ورغم أنهم لا يحصلون على التصفيق والتكريم الذي يقدّم للأطباء وللممرضين كل مساء في بلدان عدة من العالم من على شرفات المنازل، لكن اختلفت النظرة إليهم. اليوم، يتوقف الناس أكثر ليتحدثوا معهم، وبعضهم يكتب كلمة "شكرا" على مستوعبات النفايات أو على باب متجر للمواد الغذائية.
إنهم بالتأكيد يشكلون "خط الدفاع الثاني" في الحرب على وباء كورونا، لا يمكن الاستغناء عنهم من أجل تأمين الغذاء، والاتصالات، والتنقل، وعمليات التنظيف والتعقيم، ومعظم الوقت من دون حماية أخرى غير الكمامة والسائل المطهر.

بين 18 و25 إبريل/ نيسان، وافق خمسون من هؤلاء في بلدان مختلفة على أن يلتقط لهم مصورو وكالة فرانس برس صورا في أمكنة عملهم، بين جناح للخضار، أو رف للأدوية، أمام فرن أو ملحمة، قرب مستوعب نفايات، في مطبخ أو في مقبرة... وتحدثوا عن ضعفهم وغضبهم ورسالتهم...

من أجل لقمة العيش

كثيرون منهم لا خيار آخر لهم غير العمل كي يؤمنوا لقمة عيشهم، في وقت حولت إجراءات العزل والإغلاق والحجر في العالم الملايين إلى عاطلين من العمل وزادت من الفروقات الاجتماعية. وتقول الأفغانية زينب شريفي (45 عاما)، وهي أم لسبعة أولاد وتعمل في فرن في كابول، "الجوع سيقتل عائلتي قبل أن يفعل فيروس كورونا ذلك إذا توقفت عن العمل".

الأفغانية زينب شريفي (وكيل خوسار/ فرانس برس)


ويقول العامل في توصيل الخضار على دراجته النارية المصري كريم خلف الله (21 عاما) "إنها الطريقة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة". بعضهم يذهب إلى عمله وقد تملكه الخوف. وتقول فاتو تراوري (43 عاما) من ساحل العاج التي تعمل في التنظيف في مستشفى كريمون في إيطاليا، "الخطر موجود في كل مكان، ويطاول الجميع. نخشى أن نصاب بالعدوى، ونخشى أن ننقل العدوى".

المصري كريم خلف (خالد دسوقي/ فرانس برس)


وفي لشبونة، تعبّر بائعة السمك البرتغالية إيميليا لومبا عن قلقها إزاء عدد الأشخاص الذين تلتقيهم كل يوم، والأوراق النقدية التي تمسك بها، لكن "علي أن أدفع فواتيري".

 بائعة السمك البرتغالية (فرانس برس)

وتسأل البرازيلية لاريسا سانتانا (26 عاما) التي تبيع الكعك في مدينة سلفادور باهيا في البرازيل "من يريد أن يعمل في مثل هذه الظروف؟"، مضيفة "لكن لا خيار لي، هناك بطالة (...)، هذا مصدر رزقي الوحيد. لدي طفل في الثالثة من عمره". ويقول عامل النظافة الفرنسي تييري باولي (45 عاما) إنه يواصل جمع النفايات في مولوز في شرق فرنسا، لأنه كما يقول "لدي ضمير مهني". وفي الوقت نفسه يعبر عن غضبه قائلا "إنها مهنة تعرض صاحبها لأخطار، ولا أحد يقدّره".

واجب ورسالة

بالنسبة إلى آخرين، العمل واجب، تأمين الخدمات العامة والاستمرارية... خصوصا في أيام الاضطرابات. وبالتالي، لا يمكن لجاكي فيرني (54 عاما) إقفال متجرها الصغير للمواد الغذائية في قرية غلينام في أيرلندا الشمالية. وتقول "السكان هنا يعتمدون على المتجر، إنه أساسي للحصول على السلع الطازجة واللحم ومواد التنظيف، والصحف...". وتضيف "بعضهم مسنون، ولعل هذا المكان هو الوحيد المتاح لهم للتواصل" مع آخرين، ولو عبر لوح زجاجي.

أما باتريك بلايك (65 عاما) الذي ينظم جنازات في ديريلين في أيرلندا الشمالية، فيقول "إنه واجب (...) ولا يكمن فقط في تحضير الأوراق الرسمية، بل تأمين اتصال وجها لوجه، ونصائح، ودعم للعائلات التي فقدت أحد أفرادها".

البريطاني باتريك بلايك (بول فيث/ فرانس برس)


والعمل أيضا هو وسيلة للمشاركة في الحرب ضد فيروس كورونا. ويقول السوري أنس (29 عاما)، إنه، يشعر، عندما يوصل المشتريات للزبائن في بلدة حالات شمال بيروت، أنه "يعمل مثل الأطباء على جبهة" محاربة الفيروس.

في ريو، يقول البرازيلي ثياغو فيرمينو (39 عاما) إنه أنشأ "قوة ضاربة" من أجل تعقيم الشوارع في مدن الصفيح في سانتا مارتا. ويضيف "لا أريد أن أجلس وأراقب ما يحصل. طريقتي في محاربة فيروس كورونا، هي الخروج وتعقيم الفافيلا". ويشير إلى أنه يحتاج إلى المال لشراء المواد الكيميائية والأدوات للتعقيم والكمامات وملابس الحماية. ويضيف "أنا مستعد لمواجهة الخطر (...) أريد أن أحمي عائلتي والمكان الذي يقيم فيه أهلي".
وبالنسبة إلى آخرين، المسألة إنسانية محضة. في جوهانسبورغ، تطوّعت المعلمة رايس جاكوبس (63 عاما) للعمل في مطعم صغير يقدم طعاما لأولاد الشوارع. وتقول "أن نعيش على الأرض ونساعد عندما يتاح لنا ذلك، بركة بحد ذاتها". وفي غلاسكو، يضع الإسكتلندي روبن باركلي (30 عاما) خدمات شركته للتنظيفات في خدمة السكان، ويقوم بتنظيف الشوارع. ويقول "هذا أمر طبيعي (...). إنها مسألة إنسانية وواجب تجاه مجتمعنا". ويضيف "إذا ساعد ذلك في أن يتجنب شخص واحد الإصابة بالفيروس، فإن الأمر يستحق العناء".

(فرانس برس)