أصبحت المشروبات الغازية على اختلاف أنواعها رفيقاً دائماً للمتظاهرين في العراق. يستخدمونها لإزالة آثار الغاز المسيل للدموع عن عيونهم، خصوصاً أن قوات الأمن العراقية تطلقها بكثرة. يغسلون عيونهم وينقعون كمامات الوجه بها لمنع استنشاق الغاز.
ويظهر العشرات من باعة تلك المشروبات قرب مناطق المظاهرات، ولا يترددون في منحها مجاناً لمن لا يملك المال من المتظاهرين.
ويقول الناشط أحمد طالب (23 عاماً): "لا ندري من اكتشف هذه الطريقة لكن غسل العين بالمشروب الغازي يقلل حرقتها جداً، كما أنه ينفع في تبليل الكمامات فلا يدخل الغاز لأنوفنا"، وتابع لـ"العربي الجديد"، ينفع كثيرا ويخفف من أثر الغاز وهذه الطريقة نستخدمها منذ أيام.
ويوضح زميله حسن (19 عاماً) أن تلك المشروبات "أنقذت عشرات الشباب من الاختناق وانعدام الرؤية فهي تزيل سريعاً تأثير الغاز المسيل للدموع، خاصة وأن القوات ترشقنا بالعشرات منها كل ساعة، لذلك نستخدم المشروب لغسل الوجه والعينين لإزالة تأثير الغاز الخطر".
— Firas W. Alsarray ⭕️ (@firasalsarrai) October 27, 2019 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
ويضيف لـ"العربي الجديد" "لا غنى للمتظاهرين عنه وقد امتلأت الشوارع وساحات التظاهر بقناني المشروب الغازي، فحين نتعرض للرشق بالغاز نتوجه مباشرة إلى القناني ونغسل وجوهنا وأعيننا ونشرب قليلا فيزول تأثير الغاز بسرعة".
وفي ساحة التحرير وسط بغداد يقف ناشطون شباب حاملين بأيديهم قناني مشروب كبيرة استعداداً لإسعاف المصابين والمختنقين بالغاز المسيل للدموع، في حين يقوم آخرون بنقل القناني إلى الساحة باستمرار لتعويض النقص.
ويشير الناشط حيدر فاضل "بما أننا سلميون ولا نملك سوى مستلزمات بسيطة لحماية أنفسنا من القمع الحكومي فلا خيار أمامنا سوى اتخاذ ما يمكننا من احتياطات، ومنها المشروب الغازي المهم جداً لإزالة تأثير الغاز المسيل للدموع، وأصبح أحد أصنافه الرقم واحد في ساحة التظاهر، وأنقذ حياة كثيرين ممن اختنقوا بالغاز أو أصيبت أعينهم بالحساسية المفرطة". ويؤكد فاضل "أنه يزيل تأثير الغاز المسيل للدموع عن العينين والوجه والأنف الذي يصاب بحرقة شديدة".
ويعتمد المتظاهرون على عدة بسيطة بدائية لحماية أنفسهم من تأثير الغاز، فإضافة للمشروب الغازي يستخدمون نظارة الغوص لحماية العينين، وكمامة طبية لحماية الجهاز التنفسي، ورغم ذلك تعرضوا لإصابات بالغة فضلاً عن سقوط عشرات الوفيات.
ويقول المتظاهر صفاء علي "القوات القمعية بعد أن عجزت عن ردنا بالغاز المسيل للدموع لأننا اتخذنا احتياطات وتدابير تحمينا من تأثيره، أصبحت تطلق علينا قنابل الغاز مباشرة في الرأس والصدر وهو ما تسبب بقتل عشرات المتظاهرين العزل".
ويرى علي أنه "من المعيب جداً على حكومة تدعي أنها تمثل الشعب أن تقمع شعباً لا يحمل بيديه إلا العلم العراقي، وعلى العالم أن يسمعنا ويلتفت لمأساتنا فنحن نباد على يد عصابة المنطقة الخضراء".
ونشر الناشطون والمدونون تعليمات مهمة للمتظاهرين في بداية انطلاق الاحتجاجات ترشدهم إلى طرق التخلص من القمع الحكومية وتأثير الغاز، والمستلزمات التي يجب عليهم اصطحابها معهم قبل التوجه إلى ساحات التظاهر وكان أبرزها قناني المشروب الغازي.
وأطلق المتظاهرون والناشطون من ساحة التحرير نداء استغاثة في اليومين الماضيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدين حاجتهم الماسة للمشروب الغازي والطعام والماء، وخلال ساعات قليلة امتلأت الساحة بعشرات الصناديق وعلب الطعام وقناني الماء.
ووضع بعض الناشطين علب المشروب في مقدمة سياراتهم وصوروها وكتبوا عبارة شكراً، في وقت تزايد فيه الطلب عليها عما كان عليه قبل الاحتجاجات الشعبية في العراق.
ويقول التاجر رافد الساري: "تزايد الطلب لشراء المشروب الغازي إلى حدّ غير مسبوق خلال الشهر الجاري منذ انطلاق الاحتجاجات في البلاد، ونحاول تلبية حاجة الناس بأسرع من قبل لمنع حصول نقص لأنه مهم جداً للمتظاهرين".