أمل للسوريات في هولندا

11 ابريل 2017
لدى المرأة مكانتها في هولندا (العربي الجديد)
+ الخط -
"المرأة السوريّة التي وصلت إلى هولندا تبدو وكأنّها دخلت غرفة مظلمة سوداء، وتخشى أن تخطو أيّة خطوة خشية السقوط في الهاوية. ولأنّ القوانين والثقافة المجتمعيّة لا تستضعفها أو تمارس تمييزاً بحقّها كونها إمرأة، تضاء الغرفة من خلال المعرفة وإدراك الحقوق والواجبات". هذا ما تقوله مُؤسّسة منظمة "نساء سوريات" في هولندا، آراء الجرماني، شارحة دوافع تأسيس منظّمتها.

منذ وصولها إلى هولندا، اكتشفت الجرماني المكانة القوية التي تتمتّع بها المرأة الهولندية، في مقابل إجحاف القانون والعرف الاجتماعي في سورية وبعض المجتمعات العربيّة لدور المرأة وحضورها. في البلد التي وصلت إليه، تكفل القوانين والمجتمع المساواة بين المرأة والرجل.

لدى الجرماني شهادة دكتوراه في الأدب العربي من جامعة دمشق. في الوقت الحالي، تُتابع دراساتها وأبحاثها في جامعة بروكسل. خلال الثورة السوريّة، تعرّفت على مجموعة كبيرة من النساء السوريّات، وعرفت أدوارهن الطليعيّة في الثورة. في هذا السياق، ترى أنّ هناك إجحافاً بحق المرأة وتهميشاً لتضحياتها التي تواصلت خلال الثورة، عدا عن تحول المجتمع، برجاله ونسائه وشيوخه وأطفاله إلى لاجئين، وانتقالهم للعيش في منظومة قانونية مغايرة لما عاشوه في بلادهم. لذلك، اختارت تأسيس منظّمة تساهم في توفير المعرفة القانونية للنساء السوريّات اللواتي لجأن إلى العيش في هولندا.

وتشير الجرماني إلى أهميّة تعريف السوريّات في هولندا بالمجتمع الذي يعيشون فيه، موضحة أن المرأة في حاجة إلى من يقدّم لها المعرفة المتعلقة بالعادات والتقاليد الخاصة بالمجتمع المضيف، وشرح القوانين والأنظمة المتعلقة بحقوق المرأة والطفل، ودور الشرطة، وأهمية الانتخابات وتأثيرها، وتفاعل المجتمع الهولندي معها، عدا عن أهميّة اللقاءات بين السوريات وممثلين عن الجهات الرسمية والأهلية والثقافية.

المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات والفرص، والوثوق بقدرات المرأة، وعدم منعها من الخروج من المنزل للتعلّم أو العمل على سبيل المثال، يفتح الباب أمام المرأة السورية لتطوير قدراتها وإمكانياتها في المجتمع. على عكس ما اعتدن عليه، يستهجن المجتمع الهولندي بقاء المرأة في منزلها.

إحدى الدورات (العربي الجديد) 


وترى الجرماني أنّ تمكين المرأة السورية ومدّها بالمعرفة القانونية واللغوية سيساهم في تقوية الأسرة. تضيف أن الزوجة التي تُدرك طبيعة المجتمع الجديد وتحديات العيش فيه ولغته، تشكّل سنداً حقيقيّاً للرجل، الذي يعرف بدوره أنّه لا مفر من خروج زوجته للتعلّم والعمل وغير ذلك. فمن جهة، لا مجال للتسلّط، ومن جهة أخرى، يقلّل الأمان القانوني والاجتماعي من خوفه عليها.

وتلفت الجرماني إلى أنّ منظّمتها ضمّت 40 امرأة سوريّة في وقت سابق، لكن بسبب موقف الأزواج السلبي، تراجع العدد إلى 25. وتلفت إلى أنّ الحوار أدى في أوقات كثيرة إلى تغيير آراء بعض الأزواج.



خلال العام الماضي، نظّمت ورشة تدريبيّة شملت 24 سورية، لتعريفهنّ بقطاعات سوق العمل الهولندية، بمشاركة محاضرين ومتخصّصين هولنديين. كذلك، تعلّمت النساء كيفية كتابة سيرة ذاتية بغية البحث عن العمل. وتمكنت عدد من النساء اللواتي شاركن في تلك الدورة من إيجاد فرص عمل، أو الالتحاق بدورات في مؤسسات ومراكز هولندية.

من جهة أخرى، تقدّم المنظّمة دروساً أسبوعية في اللغة الهولندية والمحادثة، من خلال الاستعانة بمدرسات هولنديات متطوعات، يتواصلن من خلال "واتس آب" مع النساء في منازلهن، عدا عن النشاطات الثقافية التي يطّلعن من خلالها على جوانب قانونية واجتماعية واقتصادية تتعلق بالمجتمع الهولندي.

تجدر الإشارة إلى أنّ "العربي الجديد" كانت حاضرة خلال إحدى الجلسات الثقافية، التي نظّمتها في مدينة ساسينهايهم، قرب لاهاي، وقد عمد ممثلون ومشاركون في كرنفال سنوي إلى شرح خلفية الاحتفال وأسبابه. ومن خلال عرض تاريخي، والإجابة على أسئلة النساء الفضوليات، تحدّث المعنيون عن عادات الشعبين الهولندي والسوري.

وفي نشاط آخر، عرض ممثّل عن جهاز الشرطة التعريف بجهاز الشرطة الهولندي الوطني، وحقوق وواجبات الجهاز والمواطنين، وكيفية حماية الطفل والمرأة داخل المنزل وخارجه. وتسعى المنظمة، ضمن خطتها للعام الحالي، إلى إطلاق ورشات عمل تتعلّق بتقديم الدعم والمشورة في ما يتعلق بالتربية، وكيفية تعامل الأمهات مع أطفالهن.

دلالات
المساهمون