تقرير حقوقي مصري: جرائم ضد الإنسانية يرتكبها النظام في "البصارطة"

05 يونيو 2017
تكرر اقتحام قوات الأمن لقرية البصارطة (العربي الجديد)
+ الخط -
أصدر مركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب في مصر، تقريرا مفصلا عما يحدث في قرية البصارطة بمحافظة دمياط، تحت عنوان "انتقام جماعي.. البصارطة في قبضة الحصار الأمني".

وقال المركز الحقوقي إن عدد سكان قرية البصارطة يبلغ نحو 31 ألف نسمة، وإنها تشهد حصارا وانتهاكات عديدة ومستمرة من قوات الأمن المصرية منذ حوالى شهرين.

وكانت قوات الأمن قد حاصرت البصارطة عقب مجزرة رابعة العدوية في أغسطس/آب 2013، أكثر من مرة، كما قامت بفض مظاهرة سلمية معارضة لنظام الحكم الحالي، وأخفت عددا من أبناء القرية قسريا.

وأكد تقرير "النديم" أنه في الاعتداء الأخير على البصارطة وصلت الانتهاكات التي يتعرض لها أبناء القرية إلى هدم المنازل وحرقها والاعتقال العشوائي للكبار والأطفال، والاعتداء على نساء القرية، والتصفية الجسدية، كما تنتهك قوات الأمن حرمات المنازل وتقوم بمداهمتها بشكل دائم بالمخالفة للدستور والقانون، كما تقوم بتحطيم محتويات المنازل، وتواترت أنباء عن قطع الاتصالات وخدمة الإنترنت في القرية عبر أجهزة تشويش تبثها قوات الأمن أكثر من مرة.


واعتمد مركز النديم، في تقريره عن الأحداث التي شهدتها القرية، على العديد من الوسائل لتوثيق ما يحدث في البصارطة، ومنها شهادات حصل عليها بشكل مباشر من الأهالي، وقال "راعينا في شهادات الأهالي عدم ذكر الأسماء الحقيقية والاستعانة بأسماء مستعارة، حفاظا على أمنهم الشخصي في ظل ما تشهده القرية من انتهاكات حادة وصلت إلى التصفية الجسدية".

وقال التقرير إن قصة البصارطة لم تبدأ خلال هذه الأيام فحسب، ولكنها بدأت عقب مجزرة رابعة العدوية في أغسطس/آب 2013، فقد شهدت القرية تظاهرات عديدة معارضة للحكم ومؤيدة للرئيس المعزول من منصبه، محمد مرسي، وهو ما خلق عداوة بين قوات الأمن وأهالي القرية.


ويقول التقرير إنه "عقب فض اعتصام رابعة العدوية في أغسطس/آب 2013، قتل أحد أهالي البصارطة في فض الاعتصام ويدعى عبد الله خروبة، وأثناء تشييع جنازته تجمعت أعداد غفيرة من أهالي القرية أمام مسجد المتبولي لتشييع جثمانه، وتحولت الجنازة إلى مظاهرة مضادة للنظام، وبعد الانتهاء من دفنه في المقابر القريبة من قسم شرطة ثان دمياط بالشهابية، هاجمت قوات الأمن المظاهرات الغاضبة، وأطلقت الرصاص الحي صوب المتظاهرين، مما أدى إلى مقتل 7 من أهالي القرية واعتقال العشرات منهم، لتبدأ سلسلة الانتهاكات المتتالية".


وأضاف التقرير أن الفتيات أيضا كان لهن نصيب من القمع، وقال إن اعتقال 3 فتيات من القرية في القضية المعروفة باسم "بنات دمياط" (3 من البصارطة و10 من دمياط) كان له أثر كبير على استمرار تظاهرات أهالي القرية للمطالبة بالإفراج عن بناتهن اللواتي اعتقلن يوم 5 مايو/أيار 2015.

كما رصد التقرير تدمير عدد من المنازل والورش الصناعية، وأكد أنه في 6 مايو/أيار 2015، وبعد يوم واحد من القبض على الفتيات، قامت قوات الأمن بمداهمة نحو 20 منزلا بقرية البصارطة، وقامت بتحطيم محتويات المنازل التي اقتحمتها، كما حطمت معدات بعض الورش المملوكة للمحبوسين على ذمة قضايا سياسية.


مجزرة 9 مايو
وقال التقرير إنه في 9 مايو/أيار 2015، انطلقت مظاهرات تطالب بالإفراج عن فتيات البصارطة، وعقب انتهاء المظاهرة اقتحمت قوات الأمن القرية بعدد من التشكيلات الأمنية ودمرت محتويات منازل عديدة، كما أطلقت الرصاص بشكل عشوائي، وقتلت ثلاثة مواطنين هم: عمر سادات أبو جلالة (21 سنة)، طالب بكلية الدراسات الإسلامية، أصيب بثلاث رصاصات في البطن والوجه، وأمين أبو حشيش (23 سنة)، وعوض بدوي (23 سنة)، كما أصيب في اليوم ذاته عدد غير معلوم من أهالي القرية.

ورصد التقرير حرق عدد من منازل معتقلين على ذمة قضايا سياسية، حيث أشعلت قوات الأمن النار في منزل مريم ترك، وهي معتقلة سابقة في قضية بنات دمياط، والسيد أبو عيد، وسامي الفار.


ويؤكد تقرير النديم أنه "في يوم 7 أبريل/نيسان 2017، أعلنت وزارة الداخلية، عقب حصارها قرية البصارطة، عن تصفية محمد عادل بلبولة، وزعمت أنه مطلوب على ذمة 14 قضية، وأنه متهم في اغتيال خفير نظامي، وتفجير خط الغاز بين دمياط وبورسعيد.

وأشار التقرير إلى أن زوجته مريم ترك كانت محتجزة على خلفية قضية "بنات دمياط" كما أنه سبق اعتقاله نحو 6 أشهر ثم أفرج عنه على خلفية نفس قضية زوجته، "وهو ما يتنافى مع تصريحات وزارة الداخلية بأنه مطلوب على خلفية 14 قضية، وإلا لما أخلي سبيله".

ورصد التقرير أيضا هدْم منازل في البصارطة بدعوى أنها غير قانونية، ولفت إلى أن كل من هُدمت بيوتهم لهم توجه سياسي، فمنهم المحتجز والمختفي قسريا ومن تمت تصفيته جسديا، كما رصد التقرير أسماء المعتقلين والمختفين قسريا، والمعتقلين من الأطفال.


وأدان مركز النديم في تقريره "الحصار الأمني والقمع الممنهج ضد قرية البصارطة"، كما استنكر "الاعتقالات العشوائية للأطفال، ومداهمة المنازل، وإخفاء مواطني القرية قسريا، وانتشار ظاهرة التصفية الجسدية"، مؤكدا أن "ما حدث في قرية البصارطة هو بمثابة انتهاك وخرق فج لما ورد في الدستور المصري".

وطالب المركز الحقوقي بفك الحصار عن قرية البصارطة والتوقف الفوري عن هدم المنازل والمطاردة العشوائية للأهالي، وتعويض من حرقت أو هدمت منازلهم، واحترام حق الأهالي في التظاهر السلمي، بالإضافة إلى فتح تحقيق فوري في التصفيات الجسدية التي حدثت لعدد من أهالي القرية.