"أين نقضي العطلة؟". سؤال يبدأ الجزائريون بطرحه قبل حلول فصل الصيف، ويبقى على ألسنتهم طوال هذا الفصل. فالعائلات الجزائرية تحتار في تحديد وجهتها لقضاء أيام ممتعة بعيداً عن ضغوط الحياة اليومية.
بالنسبة إلى سميرة، وهي موظفة في بلدية الجزائر، فإنّ "الحيرة سببها تكاليف العطلة". تضيف لـ"العربي الجديد": "لا يسعني حتى أن أحلم بقضاء عطلة في خارج البلاد، لذا فإنّ الطريقة الفضلى بالنسبة إليّ هي التوجّه في نهاية الأسبوع، أي يومَي الجمعة والسبت، برفقة زوجي وأبنائي الثلاثة إلى الشاطئ، على أن نعود مساءً إلى المنزل". وتؤكد أنّ "هذا هو الحلّ لأسرة متوسطة الدخل".
وكثيرون هم الذين يعمدون إلى تلك الطريقة، فيتوجّهون صباحاً إلى الشواطئ القريبة من المدن الساحلية ويعودون ليلاً إلى منازلهم، خصوصاً في غياب الخيارات الأخرى. بذلك، تتمكّن العائلات من إرضاء أولادها بطريقة ما، بالإضافة إلى حصولها على الراحة والترفيه اللذَين تحتاجهما. أمّا الأكثر حظاً، فهم الذين لديهم أقارب في المناطق الساحلية المحاذية للبحر.
هم لا يُضطرون إلى العودة في كلّ مساء إلى منازلهم، وبالتالي يستطيعون الاستفادة أكثر من عطلتهم.
نعيمة واحدة من هؤلاء، وهي من سكان منطقة سطيف الداخلية، عاصمة الهضاب العليا في الجزائر. تخبر "العربي الجديد": "تعوّدت على قضاء عطلتي في مسقط رأسي بمدينة جيجل الساحلية التي تقع على بعد نحو 490 كيلومتراً شرقي العاصمة الجزائرية. ومن خلال سكني عند الأهل، أتلافى المصاريف الخاصة ببدل إيجار منزل في العطلة".
أمّا سكان الصحراء الجزائرية فلا يخفون شكاواهم خلال موسم الصيف، إذ إنّ بعضهم يعجز عن اجتياز مسافات طويلة تزيد عن ألف كيلومتر من أجل قضاء العطلة في الشمال والاستجمام على شاطئ البحر.
ويقول أبو بكر أمراسن، وهو ناشط في جمعية خيرية بمدينة تيميمون، لـ"العربي الجديد" إنّ "أهل الولايات الجنوبية وسط درجات حرارة تتخطّى الخمسين درجة مئوية، يتذمّرون من عدم توفّر مسابح ومساحات أخرى للترفيه، لا سيّما في مناطق من قبيل ورقلة وتمنراست وبشار وأدرار"، واصفاً الأمر بـ"المحنة".
يضيف أمراسن أنّ "الرحلة بين الجنوب والشمال من أجل قضاء عطلة الصيف مكلفة جداً، فهي تستوجب مصاريف سفر وأخرى للمبيت في مدينة سياحية"، لافتاً إلى أنّ "الحلّ الممكن هو من خلال تخفيضات خاصة للعائلات الجنوبية المتوجّهة إلى الشمال، أو إنشاء منتجعات ومساحات ترفيهية في مختلف مدن الجنوب. فتلك، لا سيّما المسابح، ضرورية في فصل اللهيب".
يُذكر أنّ ثمّة برامج تعدّها مؤسسات حكومية لاصطحاب أبناء العمّال إلى مخيّمات صيفية في الشمال.
من جهته، يقول عبد العزيز شماني لـ"العربي الجديد" إنّه يختار "ضرب عصفورَين بحجر واحد، مثلما تفعل عائلات كثيرة". يضيف: "أنا أقصد الأهل والأقارب في منطقة بني صاف الساحرة، غربي العاصمة الجزائرية، فأؤدّي بذلك واجب صلة الرحم من جهة، ومن جهة أخرى أقضي عطلة الصيف برفقة عائلتي الصغيرة على شاطئ البحر".
ويشير إلى أنّ "جزائريين كثيرين لم يكتشفوا بعد سحر الطبيعة في المناطق الغربية للجزائر المناسبة جداً للاستجمام".
وانتهاز فرصة وجود أقارب في مناطق ساحلية قريبة من البحر أمر لا بدّ منه في أحيان كثيرة، إذ إنّ الانتقال من منطقة إلى أخرى يستوجب استئجار مسكن. وكثيرون يشتكون من ذلك، نظراً إلى عدم قدرتهم على تحمّل بدلات الإيجار. فبدل إيجار مسكن لمدّة أسبوعَين يصل غالباً، في مثل هذه الفترة، إلى 60 ألف دينار جزائري (نحو 500 دولار أميركي)، وهو رقم كبير.
بالإضافة إلى ارتفاع بدلات إيجار المنازل المخصصة للاستجمام، تفتقر مدن جزائرية ساحلية إلى منتجعات سياحية.
وهو أمر يتوقّف عنده عبد الله سروجي، قائلاً لـ"العربي الجديد" إنّ "نقص المنتجعات السياحية يمثّل عائقاً أمامي لقضاء عطلة الصيف. وهذا ما يجعل عطلة عائلات جزائرية كثيرة منقوصة، لا سيّما على الشواطئ غير المهيأة للعائلات".
اقــرأ أيضاً
في المقابل، يميل كثيرون إلى قضاء عطلة الصيف في خارج البلاد، ووجهتهم تكون تونس في الغالب، بحسب ما تبيّن أرقام غير رسمية. فقد قصد أكثر من 800 ألف جزائري الجارة تونس خلال صيف العام الماضي. والوجهة الخارجية، عموماً، تتطلّب من العائلات تخطيطاً بالإضافة إلى المال.
ويقول الأستاذ الجامعي نور الدين بن صافي لـ"العربي الجديد" إنّه "يتوجّب وضع خطّة العطلة الصيفية في خارج البلاد قبل انتهاء شهر يونيو/حزيران، وتحديد ميزانية لها. وفي هذا العام، قسّمت عطلتي مع العائلة ما بين مدينة طبرقة الساحلية على الحدود الجزائرية التونسية وما بين سوسة التونسية. بذلك تلبّي العطلة رغبة الأسرة كاملة. أمّا وسيلة نقلنا فهي السيارة المكيفة، تفادياً لتكاليف وسائل النقل الأخرى".
إلى جانب تونس، يقصد الجزائريون المغرب أو تركيا أو مصر، لكنّ هؤلاء بمعظمهم يكونون من الطبقة الميسورة. وتشير سميرة بعطيش لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "تذاكر السفر في فصل الصيف نار"، لكنّها اختارت المغرب كوجهة لها في هذا الصيف.
تقول: "هذه زيارتي الأولى لهذا البلد الشقيق، علي أن أكتشفه مع مجموعة من صديقاتي"، مؤكدة أنّ "كل شيء يستلزم عملية حسابية. لكنّ الأهمّ في كل ذلك هو اكتشاف بلد جديد والابتعاد عن ضغوط العمل والدراسة وغيرهما".
بالنسبة إلى سميرة، وهي موظفة في بلدية الجزائر، فإنّ "الحيرة سببها تكاليف العطلة". تضيف لـ"العربي الجديد": "لا يسعني حتى أن أحلم بقضاء عطلة في خارج البلاد، لذا فإنّ الطريقة الفضلى بالنسبة إليّ هي التوجّه في نهاية الأسبوع، أي يومَي الجمعة والسبت، برفقة زوجي وأبنائي الثلاثة إلى الشاطئ، على أن نعود مساءً إلى المنزل". وتؤكد أنّ "هذا هو الحلّ لأسرة متوسطة الدخل".
وكثيرون هم الذين يعمدون إلى تلك الطريقة، فيتوجّهون صباحاً إلى الشواطئ القريبة من المدن الساحلية ويعودون ليلاً إلى منازلهم، خصوصاً في غياب الخيارات الأخرى. بذلك، تتمكّن العائلات من إرضاء أولادها بطريقة ما، بالإضافة إلى حصولها على الراحة والترفيه اللذَين تحتاجهما. أمّا الأكثر حظاً، فهم الذين لديهم أقارب في المناطق الساحلية المحاذية للبحر.
هم لا يُضطرون إلى العودة في كلّ مساء إلى منازلهم، وبالتالي يستطيعون الاستفادة أكثر من عطلتهم.
نعيمة واحدة من هؤلاء، وهي من سكان منطقة سطيف الداخلية، عاصمة الهضاب العليا في الجزائر. تخبر "العربي الجديد": "تعوّدت على قضاء عطلتي في مسقط رأسي بمدينة جيجل الساحلية التي تقع على بعد نحو 490 كيلومتراً شرقي العاصمة الجزائرية. ومن خلال سكني عند الأهل، أتلافى المصاريف الخاصة ببدل إيجار منزل في العطلة".
أمّا سكان الصحراء الجزائرية فلا يخفون شكاواهم خلال موسم الصيف، إذ إنّ بعضهم يعجز عن اجتياز مسافات طويلة تزيد عن ألف كيلومتر من أجل قضاء العطلة في الشمال والاستجمام على شاطئ البحر.
ويقول أبو بكر أمراسن، وهو ناشط في جمعية خيرية بمدينة تيميمون، لـ"العربي الجديد" إنّ "أهل الولايات الجنوبية وسط درجات حرارة تتخطّى الخمسين درجة مئوية، يتذمّرون من عدم توفّر مسابح ومساحات أخرى للترفيه، لا سيّما في مناطق من قبيل ورقلة وتمنراست وبشار وأدرار"، واصفاً الأمر بـ"المحنة".
يضيف أمراسن أنّ "الرحلة بين الجنوب والشمال من أجل قضاء عطلة الصيف مكلفة جداً، فهي تستوجب مصاريف سفر وأخرى للمبيت في مدينة سياحية"، لافتاً إلى أنّ "الحلّ الممكن هو من خلال تخفيضات خاصة للعائلات الجنوبية المتوجّهة إلى الشمال، أو إنشاء منتجعات ومساحات ترفيهية في مختلف مدن الجنوب. فتلك، لا سيّما المسابح، ضرورية في فصل اللهيب".
يُذكر أنّ ثمّة برامج تعدّها مؤسسات حكومية لاصطحاب أبناء العمّال إلى مخيّمات صيفية في الشمال.
من جهته، يقول عبد العزيز شماني لـ"العربي الجديد" إنّه يختار "ضرب عصفورَين بحجر واحد، مثلما تفعل عائلات كثيرة". يضيف: "أنا أقصد الأهل والأقارب في منطقة بني صاف الساحرة، غربي العاصمة الجزائرية، فأؤدّي بذلك واجب صلة الرحم من جهة، ومن جهة أخرى أقضي عطلة الصيف برفقة عائلتي الصغيرة على شاطئ البحر".
ويشير إلى أنّ "جزائريين كثيرين لم يكتشفوا بعد سحر الطبيعة في المناطق الغربية للجزائر المناسبة جداً للاستجمام".
وانتهاز فرصة وجود أقارب في مناطق ساحلية قريبة من البحر أمر لا بدّ منه في أحيان كثيرة، إذ إنّ الانتقال من منطقة إلى أخرى يستوجب استئجار مسكن. وكثيرون يشتكون من ذلك، نظراً إلى عدم قدرتهم على تحمّل بدلات الإيجار. فبدل إيجار مسكن لمدّة أسبوعَين يصل غالباً، في مثل هذه الفترة، إلى 60 ألف دينار جزائري (نحو 500 دولار أميركي)، وهو رقم كبير.
بالإضافة إلى ارتفاع بدلات إيجار المنازل المخصصة للاستجمام، تفتقر مدن جزائرية ساحلية إلى منتجعات سياحية.
وهو أمر يتوقّف عنده عبد الله سروجي، قائلاً لـ"العربي الجديد" إنّ "نقص المنتجعات السياحية يمثّل عائقاً أمامي لقضاء عطلة الصيف. وهذا ما يجعل عطلة عائلات جزائرية كثيرة منقوصة، لا سيّما على الشواطئ غير المهيأة للعائلات".
في المقابل، يميل كثيرون إلى قضاء عطلة الصيف في خارج البلاد، ووجهتهم تكون تونس في الغالب، بحسب ما تبيّن أرقام غير رسمية. فقد قصد أكثر من 800 ألف جزائري الجارة تونس خلال صيف العام الماضي. والوجهة الخارجية، عموماً، تتطلّب من العائلات تخطيطاً بالإضافة إلى المال.
ويقول الأستاذ الجامعي نور الدين بن صافي لـ"العربي الجديد" إنّه "يتوجّب وضع خطّة العطلة الصيفية في خارج البلاد قبل انتهاء شهر يونيو/حزيران، وتحديد ميزانية لها. وفي هذا العام، قسّمت عطلتي مع العائلة ما بين مدينة طبرقة الساحلية على الحدود الجزائرية التونسية وما بين سوسة التونسية. بذلك تلبّي العطلة رغبة الأسرة كاملة. أمّا وسيلة نقلنا فهي السيارة المكيفة، تفادياً لتكاليف وسائل النقل الأخرى".
إلى جانب تونس، يقصد الجزائريون المغرب أو تركيا أو مصر، لكنّ هؤلاء بمعظمهم يكونون من الطبقة الميسورة. وتشير سميرة بعطيش لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "تذاكر السفر في فصل الصيف نار"، لكنّها اختارت المغرب كوجهة لها في هذا الصيف.
تقول: "هذه زيارتي الأولى لهذا البلد الشقيق، علي أن أكتشفه مع مجموعة من صديقاتي"، مؤكدة أنّ "كل شيء يستلزم عملية حسابية. لكنّ الأهمّ في كل ذلك هو اكتشاف بلد جديد والابتعاد عن ضغوط العمل والدراسة وغيرهما".