الأمية في السودان... جهود واستراتيجيات مستقبلية لمكافحتها

08 سبتمبر 2018
فرص التعلم للجميع ومحاربة التسرب المدرسي(Getty)
+ الخط -


يحتفل السودانيون هذا العام باليوم العالمي لمحو الأميّة، بشكل مختلف وبمبادرات تشجع الكثيرين على الانخراط في برامج محو الأمية، في أفق القضاء على هذه الآفة وتنمية مهارات القراءة والكتابة الأساسية كجزء لا يتجزأ من عملية التعلم مدى الحياة.

ومن بين هذه المبادرات، افتتاح مركز لمحو الأميّة في منطقة أمّ سيالة، بولاية شمال كردفان غرب البلاد، يتيح التعلم، كما يمنح كل مستفيد مشروعاً إنتاجيا، مقابل مشاركته الفعالة.

ويأتي افتتاح هذا المركز الذي تدعمه منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة (يونسكو)، ضمن استراتيجية شاملة للحكومة السودانية مدتها 5 سنوات، بدأت في العام 2015 وتنتهي في العام 2020، للقضاء على الأمية في البلاد التي وصلت نسبتها، حسب الإحصائيات الرسمية في العام 2008 إلى 31 في المائة، أي ما يعادل 9 ملايين شخص.

ويعزو مراقبون وخبراء تربويون، انتشار الأمية في السودان لأسباب عديدة ومركبة تختلف من منطقة إلى أخرى، ويحتل فيها العامل الاقتصادي دوراً رئيسياً، إذ يؤدي الفقر إلى لجوء الأطفال في سن التمدرس والطلاب إلى سوق العمل وترك مقاعد الدراسة لإعالة أنفسهم وأسرهم.

وفي السياق يقول الخبير في مجال التربية والتعليم د. محمد عبد الله كوكو، لـ "العربي الجديد"، إنّ الكثير من الأسر تدفع بأطفالها للعمل بسبب الظروف المادية الصعبة والعجز عن توفير وتغطية مصاريف تمدرسهم، ويحمّل المتحدث مسؤولية انتشار الأمية أيضاً لضعف مخصصات التعليم ضمن الموازنة العامة، حيث لا تزيد نسبتها عن 3 في المائة.

ويُعدّ نقص المدارس والمؤسسات التعليمية في المناطق البعيدة عن المراكز الحضرية، سبباً آخراً يساهم في استفحال الأمية، إذ لا تبلغ الطاقة الاستيعابية في المدارس الأساسية سوى 72,7 في المائة، كما تلعب النزاعات التي يشهدها السودان دورها السلبي في انتشار الأمية.

وبحسب الخبير التربوي، فإن هناك عوامل أخرى مرتبطة بطبيعة وثقافة بعض المناطق التي لم تتصالح بعد مع فكرة التعليم، يضاف إلى ذلك ما ينجم عن الطلاق من تفكك أسري يقود إلى حرمان الأبناء أحيانا من التعليم، كما لا يمكن إغفال تحفظ بعض المجتمعات على تعليم البنات، ويتضح ذلك من الأرقام.

ويؤكد الأمين العام للمجلس القومي لمحو الأمية وتعليم الكبار، محمد حماد، أنّ الخطة الاستراتيجية التي أعدتها الحكومة لمحاربة الأمية في السودان نجحت بعد دخولها حيز التنفيذ في تقليل نسبة الأمية إلى 24,1 في المائة، بتحرير نحو 2 مليون و800 ألف شخص من الأمية، مشيراً إلى إنشاء 67066 مركزاً لتعليم الكبار في كل ولايات السودان.

ويضيف حامد لـ "العربي الجديد"، أنّ الخطة أولت اهتماماً بالشباب والأطفال، وأنشأت مراكز بديلة للتعليم لمعالجة ظاهرة التسرب المدرسي الذي يمثل رافداً من روافد الأمية، مشيرا إلى اجتياز 14253 تلميذا لامتحانات المرحلة الأساسية هذا العام، نجح منهم 9732 تلميذا في دخول المرحلة الثانوية.

وتعتمد الجهود الحكومية في محو الأمية بالسودان، على مجندي الخدمة الوطنية. وبحسب آخر تصريحات مساعد المنسق العام لقطاع المشروعات بالخدمة الوطنية، خالد الشعراني، فإنّ 70 ألف مجند من خريجي الجامعات شاركوا في برامج محو الأمية، مع وجود 8 آلاف مشرف. وتوقع الشعراني تحقيق 94 في المائة من الخطة نهاية هذا العام، وأكد التزامهم التام بتطبيق الاستراتيجية القومية لمحو الأمية وصولا لمحو تام للأمية للعام 2020.

لكن الخبير التربوي، حسين الخليفة، ينتقد بشدة الاعتماد في التدريس على مجندي الخدمة الوطنية، ويقول لـ"العربي الجديد"، إنه يجب إسناد أمر محو الأمية للمعلمين بخبرتهم التراكمية المعروفة.

وأبدى الخليفة، أسفه الشديد لعدم تحقيق الجهود السودانية في مجال محو الأمية التي بدأت قبل 76 عاماً، غايتها رغم كل السنوات، محملاً المسؤولية لضعف التمويل، مستبعدا القضاء عليها تماماً في 2020 بواسطة جهود الحكومة الحالية لعدم توفر الإرادة السياسية الكافية.


في المقابل، يؤكد أمين عام المجلس القومي لمحو الأمية وتعليم الكبار، توفر الإرادة السياسية لذلك، مشيرا في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الحملة الحالية تحظى بمتابعة مباشرة من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، لافتا إلى أن الدولة صادقت بـ237 مليون جنيه حتى الآن لهذه الحملة من مجموع مليار و600 مليون، وهي الميزانية التي يحتاجها تنفيذ الاستراتيجية الكلية لمحو الأمية خلال 5 سنوات.