الاحتلال يستهدف ليالي الإفطار في القدس بعد نقل السفارة الأميركية
محمد محسن
ويقول المقدسيون إن "خطوة نقل السفارة الأميركية إلى مدينتهم وجدت ترجمة لها على الأرض في الليلة الأولى من شهر رمضان المبارك، إذ بدا واضحا تغول الاحتلال الإسرائيلي عليهم ومنعهم من ممارسة طقوس رمضانية اعتادوا القيام بها خلال هذا الشهر من كل عام".
المشهد على الأرض كما يقول المقدسيون بدأ من خلال حملة مكثفة قامت بها طواقم بلدية الاحتلال في القدس، في الليلة الأولى من رمضان، استهدفت بسطات الباعة المتجولين التي كانت تغص بها شوارع المدينة بعد إفطار كل ليلة.
عشر بسطات على الأقل منها بسطة لبيع مشروبات رمضان من الخروب وعرق السوس والتمر الهندي تمت مصادرتها الليلة، وتصرف جنود الاحتلال وطواقم البلدية بعنف مع أصحابها، وصودرت بسطات طلب الرزق وأكشاك بيع الفلافل كما حدث مع ثلاث بسطات منتشرة في محيط البلدة القديمة من القدس مملوكة لعائلة الشويكي، يقول أصحابها لـ"العربي الجديد": "تصرفوا معنا بغطرسة، ولم يمكنونا حتى من إبراز رخص تلك البسطات".
في شارع نابلس بمدينة القدس، وهو شارع رئيسي يفضي إلى باب العامود بدا وجود جنود الاحتلال مكثفا، حواجز تفتيش، ومكعبات من الحديد نصبت ليلا لإعاقة وصول المصلين، حيث لم تكن مثل هذه الإجراءات في السابق قائمة خلال رمضان، لكنها اليوم وبعد نقل السفارة الأميركية إلى القدس بات كل إجراء بالنسبة للاحتلال مشروعا ومسموحا به، يمثل سيادتهم على المدينة.
ويشكو المواطن المقدسي محمد الرازم قرب باب حطة المتاخم للمسجد الأقصى من إخطار شرطة الاحتلال لناشطين بإزالة لافتة وضعها النشطاء لمساعدة المصلين الوافدين إلى المسجد الأقصى المبارك في سلك طرقاتهم إلى خارج البلدة القديمة، "حتى اللافتة اعتبروها مسا بسيادتهم"، كما يشير في حديث لـ"العربي الجديد".
ومثل ذلك ينطبق على رفع العلم الفلسطيني الذي بات محظورا على المقدسيين رفعه في فعالياتهم وأنشطتهم المختلفة وكان سببا لقمع شرطة الاحتلال لمحتجين على نقل السفارة قرب مقرها رغم حصول منظميها على ترخيص من شرطة الاحتلال، لقد قمعت التظاهرة لمجرد رفع العلم.
أما الزينة الرمضانية التي وضعها ناشطون عشية رمضان في حارات البلدة القديمة ورغم إضاءتهم لها جزئيا، إلا أنها عكست أجواء حزن على شهداء غزة وكانت سببا في إلغاء حفل ديني قرب باب حطة التي أضيء جزء منها في الزقاق لم يعكس البهجة المنتظرة، لأن شهداء غزة ما زالوا حاضرين في وجدان كل مقدسي، كما يقول لـ"العربي الجديد"، المواطن المقدسي محمد الرازم.
أما المسجد الأقصى الذي استقبل في الليلة الأولى من شهر رمضان نحو 60 ألف مصل وفق تقديرات فراس الدبس مسؤول الإعلام في دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، فبدت ساحاته دون ما كانت عليه خلال السنوات الماضية.
لقد تغير كل شيء، فاقتحاماته الواسعة الأسبوع الماضي من قبل المستوطنين وتغولهم على المقدسيين في مسيرة ما يسمى "يوم القدس" الأحد الماضي عكست واقعا جديدا في حياة المقدسيين وعززت من مشاعر التطرف لدى الاحتلال ومستوطنيه بعد الدعم الواسع الذي حظيت به دولة الاحتلال من قبل الإدارة الأميركية بقرارها نقل السفارة إلى القدس، وهو دعم غير مسبوق وجد ترجمة له في قمع مظاهر الحضور الفلسطيني في المدينة المقدسة.
وفي المسجد الأقصى أنهت طواقم الأوقاف الإسلامية استعداداتها لتأمين أفضل الأجواء وسبل الراحة المناسبة لعشرات آلاف المصلين المتوقع أن يؤموا المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، بما يشمل إعداد الساحات وتهيئتها لاستقبال المصلين، وتشغيل فرق حفظ الأمن والنظام، وفحص جهوزية الطواقم الطبية والتمريضية سواء في عيادات الأقصى أو حتى لدى فرق المتطوعين من طواقم إسعاف محلية عادة ما تنشط خلال الشهر الفضيل، علاوة على وجود برامج خاصة بالوعظ والإرشاد والدروس الدينية بمشاركة كبار العلماء ورجال الدين، ليظل الأقصى عامرا بهذه الأعداد الضخمة من المصلين التي ستؤم المسجد من جميع أنحاء فلسطين.