أكد رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر، علي بن صميخ المري، أنه بعد مرور أكثر من 30 شهراً على الحصار المفروض على قطر، لا تزال دول الحصار ماضية في انتهاكاتها، مشددا على أنه من غير المقبول أن تواصل تلك الدول الزج بالعائلات الخليجية في صراع سياسي.
وشدّد المري خلال مداخلته في جلسة "صون حقوق الإنسان في أوقات الأزمات"، في اليوم الثاني من "منتدى الدوحة"، اليوم الأحد، على أن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان لن تتخلى عن المطالبة بحقوق الضحايا والمتضررين من الأزمة، مهما كان مصير الأزمة السياسية، وأن اللجنة ستصدر الشهر المقبل تقريراً حول استمرار الانتهاكات الإماراتية لحقوق المواطنين والمقيمين في قطر.
وأضاف "دورنا في اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أن نرصد تلك الانتهاكات، ونرفع التوصيات اللازمة، ونبلغ الآليات الأممية والمنظمات الدولية والوكالات المتخصصة عن تلك الخروقات والانتهاكات، وقد صدرت العديد من المواقف والتصريحات الدولية التي تنتقد تلك الانتهاكات، لا سيّما من طرف المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة".
وتابع: "منذ بداية الأزمة، أكدنا أن الدول لها الحق سيادياً في قطع العلاقات مع قطر، ولكنها تعدتها إلى اتخاذ إجراءات تعسفية أحادية الجانب ترقى إلى العقوبات الجماعية والعدوان الاقتصادي، ولا تزال تلك الانتهاكات مستمرة بعد مرور نحو 30 شهرا. بعض تلك الدول تقول إنها عالجت بعض الانتهاكات، لكن على الأرض لا تزال الانتهاكات متواصلة، ولاسيّما من قبل الإمارات. ورفعنا تقارير للجهات الدولية بشأن ذلك، وسننشر تقريرا مفصّلا حول استمرار انتهاكاتها خلال الشهر المقبل، ونأمل أن تتوقف دول الحصار عن الزجّ بالأسر في الصراع، وتنحيهم عن الخلافات السياسية، ولا أعرف سبب إصرارها على الاستمرار في تلك الإجراءات العقابية".
وأوضح المري أن "هناك تحديات قائمة في منطقة الخليج في ما يخص العمالة الوافدة، لكن هناك العديد من الإجراءات التي تم اتخاذها في قطر، وما تزال بعض التحديات قائمة. في السابق كان هناك الكثير من التحديات مثل قانون الكفالة، وتأخير الرواتب، وصعوبة تغيير رب العمل، وفرض وثيقة الخروج، كما أن بعض العمالة الوافدة وقعت فريسة لمكاتب التوظيف".
وأضاف: "ركزنا منذ نشاة اللجنة عام 2004، على حقوق العمال، ورفعنا توصيات لإدخال تعديلات على القوانين والتشريعات، وبدأت الحكومة في بذل جهود، وأدخلت إصلاحات حول تأخير الرواتب، وأنشأت وزارة العمل نظاما لحماية الأجور، فأصبحت عبر حسابات مصرفية تحت مراقبة الوزارة".
وقال: "حققنا إصلاحات كثيرة، ولا تزال هناك صعوبات بسبب شركات متعثرة خرجت من السوق، ولكن الغالبية تستفيد من النظام الجديد. كما أن الحكومة أنشأت صندوقاً للعمال الوافدين، وألغت نظام الكفالة عام 2015، وعوضته بقانون للعمل يرتب العلاقة بين العمال وأرباب العمل بموجب عقد قانوني. وتلا ذلك إلغاء نظام الخروجية لنحو 95 في المائة من العمال".
وأشار المري إلى أن "مجلس الوزراء القطري وافق على مسودة تقر بوضع حدّ أدنى للأجور، ومنظمة العمل الدولية أصدرت تقريرا حول ظروف وأوضاع العمال الوافدين، وجلّ تركيزنا في اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان حاليا قائم على تطبيق القوانين".
وأضاف: "في فبراير/شباط المقبل، سيكون هناك مؤتمر للحديث عن أنشطة الصحافيين من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وكيف نحمي الصحافيين والنشيطين عبر وسائل التواصل، لأنه من خلال هؤلاء، وعبر تلك المؤتمرات والأنشطة، يمكن أن نزيد الوعي، ونعرف أين تكمن المشاكل".
بدوره، قال المبعوث الإنساني للأمين العام للأمم المتحدة، أحمد المريخي، خلال "منتدى الدوحة"، إن "تنفيذ الاتفاقيات والقوانين الخاصة بحقوق الإنسان يواجه العديد من التحديات على أرض الواقع بسبب تزايد التهديدات والأزمات في عالمنا المعاصر، وذلك رغم وجود الكثير من المعاهدات، مثل معاهدة الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الثقافية والاجتماعية، واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة".
واستشهد المريخي بتجربته في سورية، حينما "كانت هناك حاجة لتوفير المساعدات، لكن إيصالها كان يتطلب موافقة الحكومة السورية في حين توجه انتقادات للأمم المتحدة بسبب تعاملها مع أنظمة لا تحترم حقوق الإنسان، وتكرر الأمر سابقا في دارفور عقب صدور قرار من المحكمة الجنائية الدولية يدين الرئيس السوداني المعزول عمر البشير. دورنا هو الالتزام بالمعاهدات مع ضرورة توفير المساعدات للمحتاجين على الأرض".
من جهته قال أستاذ القانون الدولي بجامعة ليويليانا في سلوفينيا، دانيلو تورك، إن "حقوق الإنسان جزء من السياسة، ومن الضروري الحفاظ على حقوق الإنسان في أوقات الأزمات، وإيلاء الأهمية لما ينتظره المتضررون في تلك الأزمات من المجتمع الدولي. الأزمات تؤدي إلى قرارات سياسية، لكن ليست كل الأزمات يتم التعامل معها بالطريقة نفسها".
وأشار تورك إلى أنه خلال عمله عضوا في مكتب الأمين العام للأمم المتحدة حول قضية ميانمار حاول وضع قضية الروهينغا على الأجندة، لكن لا أحد أراد الحديث عنها بقدر التركيز على الانتخابات، وهذا يهدد عالمية حقوق الإنسان.
أما وزيرة حقوق الإنسان في باكستان، شيرين مزاري، فركزت على غياب المساواة بين الرجل والمرأة، معتبرة أن "حقوق المرأة عادة ما تتذيل الاهتمامات، وهناك ازدواجية في التعامل مع قضايا المرأة، فقد نجد مسيرات للمطالبة بحقوقها، ونرى سياسات تتغير، ومؤسسات تظهر، لكن في أوقات الأزمات يكون ذلك صعبا بسبب التعصب والتطرف والانعكاسات الاجتماعية، وكل هذا يؤثر على كفاح المرأة للمطالبة بحقوقها".
وأكدت مزاري أن "هناك تهميشا للمرأة في مجال العمل، وسوء معاملة في الهوية القانونية، والميراث، والمقاضاة، ومن مجموع 70 قضية فتحتها محكمة العدل الدولية، 5 فقط لسيدات. نحن بعيدون جدا عن المساواة كأحد أهداف أجندة 2030، والصراع طويل ما لم نعترف بالمساواة، والصراعات السياسية كثيرا ما تفرض نفسها وتهيمن".