جرائم الابتزاز في السعوديّة إلى تصاعد

23 يوليو 2015
جرائم الابتزاز فاقت كل الأرقام المسجلة عام 2014 (Getty)
+ الخط -

لا يمرّ يوم من دون أن تنشر الصحف السعودية خبراً عن توقيف شاب حاول ابتزاز شابة بصور أو تسجيلات فيديو لها. وأخيراً بات العكس صحيحاً أيضاً، إذ ثمة شابات يقمن بابتزاز شبان، عن طريق تهديدهم بصور حميمة لهم، وذلك في مقابل الحصول على مبالغ كبيرة قد تصل إلى أكثر من مليون ريال سعودي (276 ألف دولار أميركي).
وتتلقى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (الشرطة الدينية) المعنية بمتابعة مثل هذه القضايا، أكثر من مائة اتصال يومياً حول جرائم ابتزاز. ونظراً لخطورة الجريمة، أدرجت الهيئة الابتزاز على قائمة القضايا الأخلاقية التي تُعرّف بأنها اعتداء على الأعراض قولاً وفعلاً، مثل الدعارة والقوادة والزنا والخلوة المحرمة والاغتصاب والاختطاف والمعاكسات والتحرّش.

يوضح المتحدث الرسمي باسم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ عبدالله الشليل، أن "الحالات التي تلاحَق شهرياً تصل إلى أكثر من 280 حالة"، فيما تكشف إحصائية اجتماعية أن نسبة تورّط الشبان في هذا النوع من الجرائم تبلغ 72%، فيما تبلغ نسبة الشابات 28%. وفي خلال الشهر الماضي فقط، أعلن عن 95 حادثة ابتزاز مكتملة الأركان، وألقى مركز الهيئة في حيّ السامر في جدة، القبض على رجل من جنسية عربية ابتز طالبة سعودية جامعية، بعد حصوله على صورها وتسجيلات فيديو لها أثناء تواصلهما معاً في وقت سابق عبر تطبيق "واتساب". وقد راح يهددها بفضحها وإطلاع والدها على الصور، ما لم تسلم له نفسها. إلى ذلك، قبضت الهيئة على مواطن في العقد الرابع من عمره، كانت الطالبة قد حصلت على رقم هاتفه من إعلان توظيف. وبعد تواصلها معه أوهمها بأنه يملك شركات وله علاقات تمكنه من توظيف الراغبين في العمل، طالباً لقاءها. عندها التقط صوراً لها وبدأ يبتزها لإرغامها على الخروج معه.

في حادثة أخرى، ألقت هيئة العاصمة الرياض، القبض على وافد عشريني ابتز شابة في مثل سنّه، وقد هدّدها بنشر صورها التي حصل عليها عن طريق قريبة له. وتقدّمت امرأة بشكوى ضد أحد العاملين في محل لبيع الملابس النسائية، بعدما تعمد البائع الاتصال بها على جوالها وفي أوقات متأخرة من الليل، طالباً منها إقامة علاقة معه.
هذه الحوادث وغيرها، سجّلت في أقلّ من أسبوع. كذلك لم يعد الأمر مقتصراً على النساء فقط، إذ اتهم ثلاثينيّ امرأة بابتزازه، عندما ادعت أنه في علاقة غير شرعية معها، وطلبت منه مائة ألف ريال (27 ألف دولار) حتى لا تشهّر به.
وقد دفع تزايد حالات الابتزاز في المجتمع السعودي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى إنشاء قسم متخصص في متابعة هذه القضايا وتلقي البلاغات.

في السياق، توضح الاختصاصية الاجتماعية الدكتورة منى الفايز، أن "الابتزاز جريمة بطرفين، لكن في معظم الأحيان يتم التستر على الأنثى". وتقول لـ "العربي الجديد" إن "إحصائيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تبيّن أن جرائم الابتزاز في عام 2014 فاقت كل الأرقام المسجلة في السنوات الخمس الماضية. وهذا يضعنا أمام معضلة أخلاقية، إذ كل جرائم الابتزاز - إلا ما ندر منها - بدأت عن طريق علاقات غير شرعية".

أما قانونياً، فقد أدرجت جرائم الابتزاز حديثاً في القانون السعودي، وتصل العقوبة فيها إلى السجن ثلاث سنوات مع الجلد، خصوصاً إذا توفّرت أدلة مثل صور ومعلومات. وبحسب ما يفيد المستشار القانوني عبدالله الرجيب، "تبدأ إجراءات تحريك الدعوى الجزائية ضد المبتز بتقديم بلاغ لجهات الضبط، كأقسام الشرطة أو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن ثم تحال إلى هيئة التحقيق والادعاء العام التي تعمل على استكمال ملف القضية قبل إحالتها إلى القضاء". يضيف لـ "العربي الجديد"، أن "المادة الثالثة من نظام مكافحة الجرائم الإلكترونية تنصّ على أن الدخول غير المشروع إلى البريد الإلكتروني لشخص معيّن وتهديده وابتزازه، تعدّ جريمة يعاقب عليها النظام بالسجن لمدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 500 ألف ريال (134 ألف دولار) أو بإحدى هاتين العقوبتين"، غير أن الرجيب يرى أن "هذه العقوبة مخففة ولا تتوافق مع الجرم".

من جهتها، ترى الدكتورة أمل البهيجان أن "الحل يكمن في توعية الأبناء حول خطورة هذا الأمر. عدد كبير من الشباب يرتكب هذه الجريمة من دون أن يدرك عواقبها". وتقول لـ "العربي الجديد": "نحن بحاجة إلى فتح أبواب التواصل في داخل الأسرة، فينصت الوالدان إلى أولادهما وبالتالي لا نسمح بتفاقم الأمور".

اقرأ أيضاً: تحويل المتحرشين بفتاتي جدة للمحاكمة