سمنة في العراق... إفراط في الطعام وسط كورونا

25 ابريل 2020
يستمتع بتحضير الطعام (صباح عرار/ فرانس برس)
+ الخط -

الحجر المنزلي والملل وضيق الخيارات تدفع كثيرين للجوء إلى تناول الطعام بكثرة كتعويض، وكأنهم يكافئون أنفسهم على التحمّل، إلا أن النتيجة تكون زيادة في الوزن. وهذا ما يعانيه بعض العراقيين

ربّما لا يجد الكثير من العراقيين وسيلة للتحايل على الروتين اليومي في ظل الحجر المنزلي وحظر التجول وتعطيل المدارس منذ أكثر من شهر، غير تحضير مختلف الأطعمة لتناولها أو البحث عن الوجبات الصحية. وتزامن حظر التجول مع بداية فصل الربيع، وقد اعتاد السكان على الخروج في نزهات وإعداد وجبات الطعام المختلفة. لكن البقاء في المنازل أدى إلى زيادة أوزانهم، ما دفع عدداً من محطات التلفزيون إلى إعداد برامج تركز على أهمية الابتعاد عن الأطعمة غير الصحية.

وتقول الموظفة الحكومية ميسرة عدنان (37 عاماً)، لـ"العربي الجديد": "دخلنا الشهر الثاني في عطلة إجبارية من وظائفنا وأغلقت المدارس منذ بداية مارس/ آذار الماضي بعد تفشي فيروس كورونا في مختلف الدول وانتشاره في العراق. البقاء في المنزل وعدم إمكانية الخروج يزيدان الملل والقلق. لذلك، أضطر إلى تحضير أنواع كثيرة ومختلفة من الأطعمة أقدمها لأسرتي. بدلاً من تقديم ثلاث وجبات رئيسية في اليوم أصبحت هناك مائدة مفتوحة طوال اليوم، نأكل حتى ولو لم نكن نرغب بالطعام".



تضيف عدنان أن العراقيين عموماً يحبون الطعام كثيراً، "غالبية طعامنا عبارة عن وجبات دسمة، وقد اعتدنا في مثل هذا الوقت من كل عام على القيام بنزهة عائلية إلى البراري والبساتين. نعد أطعمة مختلفة، مثل الدولمة والبرياني والمشويات وأنواع مختلفة من الحلويات. والأسوأ من ذلك أننا لا نمارس الرياضة لحرق الدهون، وهذا ما يقود حقاً إلى زيادة ملحوظة في الوزن قد لا يمكن التخلص منها بسهولة، خصوصاً إذا استمر الحجر المنزلي".

من جهته، يقول دريد العزاوي (33 عاماً)، لـ"العربي الجديد": "أسكن مع أشقائي وبعض أقاربي في الحي نفسه. بيوتنا متقاربة بعض الشيء. ونتيجة لحظر التجول الذي طالت مدته، نعدّ يومياً وليمة في بيت أحدهم. نجتمع لنقضي بعض الوقت الذي صار مملاً ويبعث على الضجر. حتى أنني لا أتذكر عدد المرات التي أذهب فيها إلى المطبخ لجلب الأطعمة أو الحلويات لتناولها حتى لو لم أكن أشعر بالجوع. الطعام صار مجرد وسيلة دفاعية لزيادة المناعة لمواجهة الفيروس والتخلص من الضجر. زاد وزني بما لا يقل عن ثلاثة كيلوغرامات عما كان عليه قبل فرض حظر التجول".

يتابع العزاوي، وهو خريج جامعي: "قبل حظر التجوّل، كنت أتبع حمية غذائية وأهتم بالحفاظ على وزني. لكن ربما وبسبب الملل من عدم إمكانية الخروج من المنزل، تركت الحمية وصار وزني اليوم 85 كيلوغراماً، بعدما كان أقل من 82 كيلوغراماً، ولا أعرف ما إذا كنت سأتمكن من استعادة وزني السابق أم لا في حال استمر حظر التجول".

ويقول الناشط المدني مجيد التميمي (57 عاماً)، إن السمة البارزة للعراقيين هي السمنة. البيت العراقي لا يمكنه طبخ وجبتين في اليوم. عدا عن وجبة الفطور التي يتناول البعض فيها الكوارع المعروفة محلياً باسم (الباجة)، هناك الكثير من الأطعمة الدسمة. كيف لا وقد تنوعت الخيرات والثقافات والحضارات؟ وهذا، لا شك، ينعكس على تنوع الأطعمة والأطباق التي يمتاز بإعدادها العراقيون.

يتابع في حديثه لـ"العربي الجديد": "استغلت زوجتي هذه العطلة الإجبارية لتعليم زوجات أبنائي طهي العديد من الأكلات، خصوصاً أن زوجتي تحب إعداد الطعام، وتقوم بطهي ثلاثة إلى أربعة أنواع من الأطعمة يومياً. لكن الجميع يطالبها بإعداد تلك الأصناف".



في هذا السياق، تقول الباحثة الاجتماعية زينب ناطق (29 عاماً)، لـ"العربي الجديد"، إنّ ما يعاني منه العراقيون اليوم هو اضطراب الأكل القهري وعدم الانتظام والقدرة على تناول الطعام، ويرتبط الأمر بالعامل النفسي. وفي ظل حظر التجول والحجر المنزلي والخوف من الإصابة بالفيروس، ونتيجة الملل والضجر، يضطر الكثير من الناس إلى تبني عادات غذائية غير صحية، مثل الطعام الزائد أو التجويع الذاتي نتيجة للضغط والتوتر الذي يمرّون به. تضيف أن نحو 70 في المائة من هؤلاء الأشخاص يلجأون إلى الطعام كوسيلة لمواجهة عدم ارتياحهم، كالخوف من تفشي الفيروس، إضافة إلى الوضع الاقتصادي والأمني السيئ في البلاد.

وتشير إلى أن الحد من هذا السلوك أو الاضطراب هو محاولة للتخلص من القلق والتوتر، إذ إنه ليس في الإمكان حماية الجميع من هذا الاضطراب للتخلص من معاناتهم وتشجيعهم على تناول الطعام الصحي للحد من زيادة الوزن. وفي بعض الأحيان، تزول المشكلة حين يتخلص المرء من الأسباب، لكن لا يعود الوزن إلى طبيعته بالسرعة نفسها.

دلالات
المساهمون