مصر: إلغاء تراخيص معاهد الدعاة التابعة لـ"الشرعية" و"السلفية"

30 أكتوبر 2015
امتحان الأئمة في وزارة الأوقاف (العربي الجديد)
+ الخط -
أصدر وزير الأوقاف المصري، محمد مختار جمعة، قراراً بإلغاء كل التراخيص السابقة الصادرة عن الوزارة، لإنشاء وإدارة معاهد إعداد الدعاة أو القرآن الكريم أو القراءات أو مراكز الثقافة الإسلامية لأي جمعية.


وشمل القرار إلغاء تراخيص إنشاء 96 معهد دعاة تابع لجهات منها الجمعية الشرعية، وجمعية أنصار السنة المحمدية، والدعوة السلفية، ودعوة الحق.

وأرجع رئيس القطاع الديني في وزارة الأوقاف، الشيخ محمد عبدالرازق، في بيان صحافي، القرار بأن "الوزارة لن تسمح بإقامة كيانات موازية للأوقاف والأزهر، مؤكداً أن الجمعيات دورها اجتماعي وخدمي، وبالتالي ليس لها علاقة بالدعوة حتى تنشئ معاهد وتحولها إلى أوكار للفكر المتطرّف والمتشدد ومرتع للتيارات الدينية التي تبث الأفكار الشاذة والسموم، وتستقطب بعض الشباب باسم الدعوة لتنفيذ مخططات هدامة ليس لها علاقة بصحيح الإسلام"، بحسب البيان.

وأضاف رئيس القطاع الديني أن "الأوقاف وضعت شروطاً وضوابط لإحكام السيطرة على تلك المعاهد، ومنها أن تقتصر الدراسة على المناهج التي تضعها الأوقاف والأزهر، وأن يكون الأساتذة وعمداء المعاهد من أبناء الأزهر، وأن تخضع للإشراف الكامل لهما، ولكن تلك الجمعيات لم تلتزم حتى الآن، وبناء على ذلك ألغيت جميع البروتوكولات الموقعة معها، بالقرار الوزاري رقم (258) بتاريخ 26 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري".

وكانت وزارة الأوقاف قد قرّرت الإشراف الكامل على هذه المعاهد البالغ عددها 96 معهداً على مستوى الجمهورية، بحجة أنها تدعو إلى التطرف. وأوكلت الوزارة إلى مديري العموم بالمديريات مهمّة متابعة عمل معاهد إعداد الدعاة، ورفع تقارير عن القائمين على التدريس فيها. وأكدت أنها "لن تسمح بعمل أي معهد إلا إذا كان عميده معتمداً من الوزارة".

يذكر أنه في يوليو/ تموز الماضي قرر القطاع الديني بوزارة الأوقاف إلغاء أي بروتوكول سابق مع أي جمعية بشأن معاهد إعداد الدعاة أو الثقافة الإسلامية، وطالبت الوزارة المعاهد الراغبة في توفيق أوضاعها مع الأوقاف وفق قرار مجلس الوزراء باعتماد مناهجها من الأزهر أولاً أو الالتزام الحرفي بمناهج معاهد الأوقاف، وأن يكون جميع أعضاء هيئة التدريس بالمعهد المراد اعتماده من أعضاء هيئة التدريس بالأزهر، وكل في تخصصه، وليس له أي انتماء إلى أي جماعة من الجماعات التي تحمل فكراً متطرفاً أو متشدداً، وأن تعتمد الأوقاف جميع
الأساتذة بمن فيهم عميد المعهد، وأن تشرف على سير الدراسة إشرافاً حقيقياً.

وكان مجلس الوزراء السابق برئاسة إبراهيم محلب قد قرّر عدم السماح بافتتاح أو استمرار عمل أي معهد من معاهد إعداد الدعاة أو الثقافة الإسلامية إلا إذا كانت مناهجه معتمدة بصفة رسمية من الأزهر أو وزارة الأوقاف، مع حصوله على موافقة كتابية من إحدى المؤسستين على الإشراف الكامل على المعهد المراد فتحه أو استمرار عمله.

وبموجب القرار تنفرد معاهد الأوقاف الـ19 باستقبال راغبي الدراسة الشرعية من غير الأزهريين.

ووصف الداعية نور الدين سيد، المشرف على أحد المعاهد بالقاهرة، القرار بأنه "توحّش لسلطة الدولة على دور المجتمع المدني المتعارف عليه في المجتمع المصري منذ عقود"، مضيفاً لـ"العربي الجديد": "تعمل معاهد إعداد الدعاة وفق المناهج الوسطى، ووفق المناهج المعتمدة من قبل وزارة الأوقاف".

واستنكر الداعية القرار الذي يصب في دائرة التضييق على كل ما هو إسلامي في المجتمع المصري، لافتاً إلى أن تأميم الدعوة الإسلامية الذي يمارسه النظام القائم لن يفرز إلا مزيداً من التطرف والتشدد المقابل لخطاب الجهات الرسمية المشكك في معتقدات وأفكار كل من ليس تابعاً للأوقاف.

وأفاد الطالب إسلام نجيب، والذي يدرس في أحد معاهد محافظة الشرقية، بأن مناهج الدراسة في المعهد هي النحو والسيرة والقرآن والتفسير والحديث والفقه، قائلاً لـ"العربي الجديد": "القرار صدمة لدعاة الوسطية في مصر".

ووفق أستاذ الحديث في جامعة الأزهر، الدكتور يحيى إسماعيل، فإن وصم هذه المعاهد بالترويج للإرهاب يدين الوزير الحالي مختار جمعة، لأنها كانت تحت إدارته قبل توليه الوزارة، وهو الذي اختار المناهج والأساتذة الذين يدرسون بها.

وشدد إسماعيل، في تصريحات صحافية، على أن الأساتذة الذين يدرسون بالمعاهد يعملون في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، كما أن نفس المناهج بنفس الكلية يتم تدريسها في معاهد الدعاة.

ودافع الرئيس العام للجمعية الشرعية، الدكتور محمد مختار المهدي، عن المعاهد، واصفاً إياها بمعاقل الوسطية. وأكد المهدي في تصريحات صحافية أنها أسهمت في سد عجز الأئمة والخطباء، مؤكداً أن وزير الأوقاف الحالي "كان أحد أعضاء مجلس الإدارة المسؤولين عن معاهد إعداد الدعاة".