حالات تمييز ضد العرب ترتكبها "قسد" في الشرق السوري

09 أكتوبر 2018
في مدينة الحسكة (Getty)
+ الخط -

بعدما تعرّض الأكراد في شرق سورية إلى اضطهاد في السابق، يبدو أنّ الأدوار انقلبت اليوم. ويشكو أهالي المنطقة العرب من استهداف قوات سورية الديمقراطية (قسد) لهم. ويسردون حكاياتهم بحرقة

في مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية (قسد) في الشرق السوري، يتعرّض السكّان العرب إلى اضطهاد. ويحكي أحمد العزو، وهو واحد منهم، لـ"العربي الجديد"، قصصاً عن تجريف بلدات عربية بعدما وضعت "قسد" يدها على أكثر من 27 بلدة عربية في منطقة جزعة بريف الحسكة. ويقول إنّ "عناصرها عمدوا إلى حرق منازل لهم وجرف أخرى بذريعة أنّ أصحابها كانوا حاضنة لمقاتلي تنظيم داعش، في حين تمّ تهجير كثيرين إلى مخيمات في ريفَي الرقة ودير الزور. ويأتي ذلك ليشبه ما عاناه الأكراد في السابق من سلب لأراضيهم الزراعية ومصادرة لمنازلهم".

ويتحدّث العزو عن عدد من أبناء المنطقة المحتجزين في سجون "قسد" بتهمة دعمهم "داعش" أو انتمائهم إليه، لافتاً إلى أنّ "تلك التهم ليست صحيحة. في الواقع، الأمر مجرّد انتقام". يضيف أنّ "شباناً كثيرين أرسلوا للقتال مع قسد في صفوف المواجهة الأولى مع داعش، ليتوقّف الأمر مع سيطرة قسد على ريف الحسكة بشكل كامل. حينها كثر اعتقال الشبان وملاحقتهم وفرض إتاوات تحت مسمّى الضرائب على المزارعين، لا سيّما عند حصاد القمح المعروف بأنّه المحصول الأساسي في تلك المناطق". ويوضح العزو أنّ "مفرّ الشبان الوحيد هو الخروج من سورية عبر التهريب في اتجاه لبنان أو تركيا. أمّا المسؤولون عن ذلك التهريب فهم قياديون في قسد همّهم جمع المال، وقد وصلت تكلفة خروج الشخص الواحد من مناطق سيطرة قسد إلى ألف دولار أميركي".



من جهته، يروي فهد الجاسم لـ"العربي الجديد" معاناته مع "قسد"، قائلاً: "كنت أملك مستودعاً للمواد الغذائية في مدينة الحسكة وأموري تسير بشكلها الطبيعي كالمعتاد، إذ إنّ المواد تصلني من تركيا عبر مناطق سيطرة الجيش السوري الحرّ وأخرى من مناطق النظام السوري. وفي عام 2017، بدأت مضايقات قسد، عندما فرضت عليّ ضرائب لمؤسسات عائدة لها. وصرت أسدّد المبالغ المالية، قبل أن تنتقل إلى مرحلة ثانية وتطالب بكشوفات عن مصادر البضاعة وتفاصيل عن الأشخاص الذين أتعامل معهم". ويلفت إلى "أنّ أصحاب المحلات من الأكراد لم يتعرّضوا قطّ إلى مضايقات مماثلة، بل تركّزت علينا نحن العرب في المدينة".

يضيف الجاسم أنّه "بعد مدّة، أُبلغت بضرورة مراجعة إحدى دوائر الأسايش الأمنية، فخضعت إلى استجواب على خلفية تهمتَين وهما التعامل مع مقاتلي الجيش السوري الحر والعمالة لتركيا. حينها، لم أعتقل، وبعد مدّة أخبرني أحد معارفي أنّه يتوجّب عليّ الفرار من المدينة على الفور. فقد لفّق لي أحدهم تهمة تهريب آثار وأخرى تتعلّق بالتخابر مع الجيش السوري الحر". ويتابع الجاسم أنّه "في الليلة نفسها، أوصلني أحد أقاربي إلى نقطة خارج الحسكة. فنسّقت مع شخص أوصلني إلى أعزاز في ريف حلب، لتتبعني عائلتي بعد مدّة. وفي وقت لاحق، انتقلت للإقامة في مدينة ماردين التركية". ويشير إلى أنّه علم بمصادرة البضاعة من مستودعه، "وخسرت كل شيء تقريباً. لكنّ الأهم أنّهم لم يعتقلوني في سجون الأسايش".



أمّا منير أبو محمد الذي ما زال يقيم في مدينة الحسكة، فيقول لـ"العربي الجديد" إنّ "التمييز بين العرب والأكراد موجود على الدوام وتمارسه قسد باستمرار في مجال الخدمات والتعليم، في حين تفرض اللغة الكردية. كذلك تفرض كفيلاً كردياً على كلّ شخص وافد إلى مناطقها، ولو كان أفراد عائلته جميعاً مقيمين هنا". يضيف: "أذكر أنّ شاباً من مدينة دير الزور أتى من تركيا لزيارة عائلته المقيمة في مخيّم الهول، شرقيّ الحسكة، فتمّ اعتقاله بذريعة أنّه لم يتقدم بطلب مسبق لزيارتهم". ويشير إلى أنّه "في المقابل، ثمّة أكراد كثر يأتون إلى الحسكة لقضاء إجازة العيد من دون أن يتعرّضوا إلى مضايقات في مناطق الجيش السوري الحر".

في السياق، يخبر علي الساري "العربي الجديد" أنّه "قبل أيام، قتل عناصر من قسد شاباً في بلدة الجيعة بريف دير الزور الشرقي من دون معرفة الأسباب. وعندما تجمّع أهالي المنطقة احتجاجاً على الجريمة، أطلق عناصر من قسد النار مباشرة على التظاهرة لتفريقها. وثمّة احتجاجات قُمعت بهذا الشكل في مناطق عدّة، خصوصاً في الحسكة والرقة ومناطق دير الزور الخاضعة إلى سيطرة". وبالنسبة إلى سليم أبو المجد الذي يقيم في الحسكة منذ نحو 18عاماً، فإنّ "الحياة لطالما كانت تسير بشكلها الطبيعي، باستثناء الاضطهاد الذي مارسه النظام السوري في حقّ الأكراد في عام 2004 وتغوّل ضباط الأمن والشرطة الذين كانوا يتسلمون دوائر الدولة في الحسكة ومناطق شرق سورية". يضيف أبو المجد أنّ "ثمّة تمييزاً في حقّ العرب اليوم، لكنّنا لا نتّهم جميع الأكراد بذلك".