وأعلنت مصادر أمنية في مدينة الناصرية العاصمة المحلية لمحافظة ذي قار، أول من أمس السبت، عن انتحار شابين، أحدهما يبلغ من العمر 21 سنة، انتحر بشنق نفسه بحبل في سقف غرفته بقرية قرب بلدة سوق الشيوخ، والآخر شاب من مواليد 2003، انتحر بالطريقة ذاتها في حي المهدية وسط مدينة الناصرية.
وقال أستاذ علم النفس في جامعة بغداد، أحمد عبيدي، لـ"العربي الجديد"، إن "انطلاق التظاهرات كان سببا في تراجع معدلات الانتحار مؤخرا، فكثيرون يعقدون عليها آمالا كبيرة للتغيير، ومحاولات الأحزاب والقوى السياسية إرجاع الشبان المتظاهرين إلى منازلهم مكسورين ستكون لها عواقب خطيرة".
وأضاف عبيدي: "تراجعت معدلات الانتحار منذ شهر أكتوبر، وهذا دليل على أن الأوضاع السياسية والاقتصادية والمعيشية السيئة كانت دافعا لانتحار العراقيين، ومنحت التظاهرات كثيرين منهم الأمل. مساعي قمع التظاهرات، والالتفاف على مطالبها، وخصوصا تشكيل الحكومة الجديدة، والانتخابات، ومحاربة الفساد، ووعود التشغيل يتعيد اليأس إلى النفوس".
وقال الناشط أحمد عباس من ساحة التحرير بوسط بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن "كثيراً من اليائسين والموجوعين انضموا إلى المتظاهرين، وبعضهم خريجو جامعات بلا وظائف، ورجال بلغوا الأربعين من دون زواج، وآخرون لا يستطيعون توفير لقمة العيش، لذا يجب أن يعود الجميع إلى منازلهم وهم موقنون بأن هناك خطة لتغيير الوضع الحالي".
وأضاف عباس: "16 عاما من الفشل والتخلف والفساد يجب أن تنتهي، و520 شهيدا ونحو 21 ألف مصاب من المتظاهرين يجب أن يكون لتضحياتهم مقابل، وأن تستجيب الأحزاب لمطالب الشعب".
ووفقا لأرقام لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، فقد ارتفع عدد حالات الانتحار من 383 خلال عام 2016، إلى 519 في 2018، وسجلت 199 حالة انتحار خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي.
وقال عضو منظمة السلام العراقية لحقوق الإنسان، رشيد الحديثي، لـ"العربي الجديد"، إن "الجميع ينظر إلى التظاهرات باعتبارها وسيلة تغيير، وأي فشل في حصول التغيير المنشود سيعيد معدلات الانتحار إلى ما كانت عليه، وربما تتزايد عن السابق. التظاهرات كانت بداية ثورة وعي تنادي بوطن بلا طوائف ولا محاصصة، ويجب أن ينظر إليها من ناحية اجتماعية على أنها إنجاز لم تستطع الأحزاب والحكومات التجاوب معه".
وأوضح عضو التيار المدني العراقي، يوسف خلف، لـ"العربي الجديد"، أن "غالبية العراقيين يعولون على هذه التظاهرات؛ كونها فرصة للخلاص من الوضع الراهن، وسيكون هناك ارتداد اجتماعي كبير حال واصلت الحكومة قمع المتظاهرين، أو حاولت الأحزاب الالتفاف على المطالب، أو ربطها بنظريات المؤامرة".